كاظم مطشر.. أسهم في إنجاز المونديال وإيفرستو أبعده عنه

كاظم مطشر.. أسهم في إنجاز المونديال وإيفرستو أبعده عنه

بقلم/ زيدان الربيعي
هناك نجوم قلائل يصمدون في ذاكرة الناس على مدى طويل من الزمن، لكونهم يتركون أثرا طيبا خلفهم من خلال البصمات العديدة التي يقدمونها فوق المستطيل الأخضر الذي كافأهم بالخلود الطويل في ذاكرة الجمهور الرياضي. في زاوية (نجوم في الذاكرة) سنحاول الغور في مسيرة أحد نجوم المنتخبات العراقية السابقين الذين ترفض ذاكرة جمهورنا مغادرتهم لها،

حيث صمدوا في البقاء فيها برغم مرور عقود عدة على اعتزالهم اللعب وحتى قسم منهم ابتعدوا عن الرياضة برمتها أو غادروا العراق إلى بلدان أخرى.
نتحدث في الحلقة الثالثة والستين عن مسيرة لاعب فريقي الطلبة والرشيد والمنتخبين الوطني والأولمبي في ثمانينيات القرن الماضي كاظم مطشر حميدي الذي ولد في بغداد عام1960، وخاض 34 مباراة دولية، إذ سيجد فيها ا لقارئ الكثير من المحطات والمواقف المهمة والطريفة.
بداياته:
بدأ اللاعب كاظم مطشر حياته الكروية من خلال الفرق المدرسية متأثرا بأسلوب وطريقة لعب ملك التغطية الراحل عبد كاظم وبعد ذلك إنضم إلى الفرق الشعبية ثم التحق عام 1977 في مركز شباب الكاظمية الذي تعلم فيه مبادئ اللعب المنظم ومن هذا المركز جاءته فرصة أفضل وضعته على الطريق الصحيح في عالم كرة القدم وتمثلت هذه الفرصة بالتحاقه في صفوف فريق شباب الطلبة الذي قضى معه موسمين متواصلين استطاع من خلالهما إلفات نظر مدرب فريق الطلبة الأول خلف حسن الذي قررّ ضمه إلى صفوف الفريق الذي كان يضم لاعبين بارزين في الساحة المحلية أمثال جمال علي وحسين سعيد ونزار أشرف وواثق أسود ووميض خضر ومهدي عبد الصاحب وغيرهم.
وبعد صبر طويل مع فريق الطلبة الأول استطاع اللاعب الشاب يومها كاظم مطشر تأكيد حضوره مع هذا الفريق ما جعل مدرب المنتخب الوطني شيخ المدربين الراحل عمو بابا يقرر ضمه إلى المنتخب الذي كان يستعد للمشاركة في خليجي 7 الذي أقيم في مسقط عام 1984 وكان اللقب من نصيب منتخبنا بعد مباراة دراماتيكية مع المنتخب القطري.
خاض كاظم مطشر مباراته الدولية الأولى ضد المنتخب الألماني الديمقراطي وكانت مباراة ودية انتهت بالتعادل (1ـ 1) سجل هدفنا اللاعب الشاب في وقتها أحمد راضي وقدم فيها كاظم مطشر لمحات جيدة أكدت للمتابعين أن الكرة العراقية ولّدت لاعبا جديدا يستطيع أن يسد الفراغ الذي تركه المدافع الكبير ناظم شاكر بسبب الإصابة أو مشاكل إدارية حتى أن كاظم مطشر ارتدى الرقم 4 في صفوف المنتخب وأحتفظ به لمدة عامين متكاملين شهدا غياب ناظم شاكر عن المنتخب الوطني.
وكان يمكن لكاظم مطشر أن يواصل مسيرته مع المنتخب الوطني لولا القرار القاسي جدا الذي أتخذه مدرب منتخبنا الوطني الذي شارك في نهائيات كأس العالم في المكسيك البرازيلي ايفرستو الخاص بإبعاد اللاعب كاظم مطشر وضم اللاعب ناظم شاكر بدلا عنه برغم أن الأخير كان بعيدا عن الملاعب لمدة طويلة إلا أن ثقة ايفرستو بقدراته كانت كبيرة، لذلك كان ناظم شاكر من أبرز نجوم منتخبنا في مونديال المكسيك ومنذ ذلك القرار لم يجد كاظم مطشر فرصة ثانية بالتواجد مع المنتخبات الوطنية مع أنه كان يقدم مستويات جيدة مع فريقه الجديد «الرشيد» الذي إنضم إليه في بداية تأهله إلى الدوري الكبار في موسم 84 ـ 1985 ليشكل مع عدنان درجال وكريم علاوي وخليل علاوي رباعيا ناجحا حقق للفريق المذكور الكثير من الإنجازات المميزة جدا.
ويقول كاظم مطشر عن قرار ايفرستو الخاص بإجهاض حلمه بالتواجد في مونديال المكسيك: إن أصعب موقف واجهته في حياتي الرياضية هو ذلك القرار الذي أتخذه ايفرستو بإجهاض حلمي بالتواجد في مونديال المكسيك، لأن اللعب بالمونديال هو الحلم الأهم عند كل اللاعبين، علما أنني كنت اللاعب الوحيد الذي شارك في جميع مباريات تصفيات كأس العالم التي أدت إلى تأهل منتخبنا الوطني لأول مرة في تاريخه إلى نهائيات كأس العالم ولم يكن مستواي الفني أو البدني قد تراجع بالمرّة، لكن قناعات ايفرستو كان لها رأي آخر.
وبالمقابل يرى كاظم مطشر أن أجمل وأسعد اللحظات التي عاشها في عالم الكرة حدثت بعد الفوز على المنتخب السوري في المباراة الحاسمة التي جرت بالطائف عام 1985 بثلاثة أهداف مقابل هدف واحد التي أدت نتيجتها إلى تأهل المنتخب الوطني إلى مونديال المكسيك بجدارة كبيرة.
الجدير بالذكر أن كاظم مطشر كان في هذه المباراة مميزا جدا وقدّم لمحات جميلة واستطاع الدفاع عن المرمى العراقي بمهارة عالية جدا.
إنجازاته:
أسهم اللاعب كاظم مطشر في فوز فريق الطلبة ببطولة الدوري مرة واحدة في موسم 1980 ـ 1981 كما أسهم في فوز نادي الرشيد ببطولة الدوري مرتين وبطولة الكأس مرتين أيضا فضلا عن مساهمته في فوز الفريق المذكور في بطولة الأندية العربية عام 1985 حيث جرت البطولة في بغداد.
أما مع المنتخب الوطني فقد أسهم في فوزه بلقب بطولة خليجي 7 التي جرت في سلطنة عُمان عام 1984 وكان لاعبا أساسيا في الكثير من المباريات، كما أسهم في تأهل منتخبنا الاولمبي إلى نهائيات دورة لوس أنجلوس عام 1984 وكان له موقف تاريخي مميز جداً في المباراة الحاسمة ضد المنتخب الكوري التي انتهت لصالح منتخبنا بهدف تأريخي سجله عدنان درجال. وتمثّل هذا الموقف بأن اللاعب كاظم مطشر تعرض إلى إصابة قوية جدا في رأسه : (شج عميق) لكنه رفض مغادرة الملعب واستمر حتى نهاية المباراة التي شهدت بلوغنا النهائيات الاولمبية بكل جدارة. وقد جعل موقف مطشر هذا الجمهور العراقي يتذكر موقفاً مماثلاً للاعب الكبير عبد كاظم عندما رفض مغادرة اللعب برغم تعرضه إلى شبج في رأسه في مباراة العراق وأستراليا في تصفيات كٍأس العالم التي جرت في سيدني عام 1973، لذلك نستطيع القول أن كاظم مطشر تأثر بعبد كاظم وسار على نهجه.
وشارك كاظم مطشر في نهائيات كأس دورة لوس أنجلوس الاولمبية وبعد ذلك كان من المساهمين في فوز منتخبنا الوطني في بطولة مرليون الدولية التي جرت في سنغافورة عام 1984، كما كان من المساهمين في تأهل منتخبنا الوطني إلى مونديال المكسيك حيث قدم مباريات جميلة جداً في جميع مباريات التصفيات برغم أن منتخبنا شهد في هذه التصفيات وجود العديد من المدربين أمثال عبد القادر زينل وأكرم أحمد سلمان وأنور جسام وواثق ناجي وأحمد صبحي والبرازيليين ايدو وفييرا، وهذا دليل أكيد على أن المستوى البدني للاعب كاظم مطشر كان ثابتاً ولم يتعرض إلى التراجع.
أجمل مبارياته:
خاض كاظم مطشر الكثير من المباريات الجميلة جدا، إلا أنه يعتز كثيرا بمباراتين حاسمتين للكرة العراقية الأولى بين العراق وكوريا الجنوبية في تصفيات دورة لوس أنجلوس الاولمبية، والثانية بمباراة العراق وسوريا في الطائف في تصفيات كأس العالم عام 1985، حيث كان مطشر متألقاً في هذين المباراتين وأثمرت جهوده في صنع إنجازين عالميين للكرة العراقية، تمثّل الأول بالتواجد للمرة الثانية في نهائيات الدورات الأولمبية والثاني في المونديال.
مميزاته:
يمتاز اللاعب كاظم مطشر باللعب الجدي والحرص الزائد وعدم الاستهانة باللاعب المنافس مهما كان مستواه، فضلا عن ذلك كان يتميز بسرعة البديهة والانقضاض السريع على المنافس والتعاون مع زملائه في خط الدفاع فضلا عن طلعاته الهجومية الموفقة، كذلك كان يجيد اللعب في مركز المدافع الأيمن وقدم مباراة كبيرة جدا ضد المنتخب المصري وهو يلعب في هذا المركز، كما يجيد اللعب في قلب الدفاع سواء أكان متقدماً أم متأخراً وقد شكل مع عدنان درجال ثنائيا مميزا طوال مدة لعبه مع المنتخب الوطني أو مع فريقي الطلبة والرشيد.
اعتزاله اللعب:
اعتزل اللعب في نهاية العقد الثمانيني من القرن المنصرم وبهدوء تام، ثم انصرف إلى العمل التدريبي وأشرف على تدريب العديد من الفرق المحلية.
أبرز المدربين الذين أشرفوا على تدريبه:
حسين مجيد وخلف حسن وعبد الوهاب عبد القادر ونصرت ناصر وجمال صالح ويحيى علوان وأنور جسام وأكرم أحمد سلمان، لكنه يُدين بالفضل الكبير إلى شيخ المدربين الراحل عمو بابا الذي كان سبباً رئيساً في إعطائه فرصة اللعب مع المنتخبات الوطنية.
ومضات:
* كان معجباً باللاعب المصري إبراهيم يوسف وكذلك باللاعب الألماني بريغل.
* كان يحب فريقه «الطلبة» ومن ثم يأتي بعده فريقا الزوراء والشرطة.
*حكمته: ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل.
* له هدف واحد مع المنتخب الوطني سجله في مرمى أستراليا من ركلة جزاء ترجيحية ببطولة مرليون الدولية في سنغافورة عام 1984.