دور الإعلام في الترويج السياحي

دور الإعلام في الترويج السياحي

حيدر شامان الصافي*
السياحة ليست مجرد مظاهر احتفالية وعروض ترفيهية، بل تتعدى ذلك إلى المجال التجاري والاقتصادي والثقافي والديني وغيرها من المجالات بعد أن تحولت السياحة إلى صناعة وتسويق وترويج وإقامة استثمارات كبيرة تستقطب رؤوس الأموال لتوظيفها في القطاع السياحي، وبالتالي توفير فرص العمل المباشرة وغير المباشرة حيث يستفيد الجميع من الحركة السياحية النشطة وينتعش الاقتصاد والتجارة وحركة التبادل التجاري والثقافي.

والسياحة أحد المصادر المهمة للدخل الوطني للكثير من البلدان التي سبقتنا في هذا المجال ونحاول أن نلحق بها مستفيدين من تجارب وخبرات الآخرين ومن الإمكانات المتوفرة لدينا من خلال استثمار الموارد والمقومات المتوفرة والإفادة من التنوع الحضاري والطبيعي والمناخي وبقية الميزات التي قلما تتوفر في بلد من البلدان مثلما هي متوفرة في العراق.
يتمتع العراق بمزايا ومقومات جغرافية وتاريخية وطبيعية تجعل منه بلدا سياحيا في جميع فصول السنة ويلبي معظم الأهداف التي ينشدها السائح، حيث تتوافر الأماكن الدينية والمواقع الأثرية والمشاتي والمصايف والينابيع الطبيعية والاهوار والصحارى والشواطئ.
هذه الميزات السياحية التي يتمتع بها العراق تحتاج إلى تسويق وترويج مثلما هي بحاجة إلى استثمار وتوظيف أموال..‏ والإعلام عامل أساسي في الترويج السياحي وكذلك الإعلان من خلال إعطاء الصورة الصحيحة والمشرقة عن بلدنا وتقديمه للعالم والتعريف به بأشكال متعددة من وسائل وأدوات الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب ومن خلال المهرجانات والمعارض وتبادل الوفود والفرق الفنية والمطبوعات والأفلام وغير ذلك.‏
ويتجلى دور الإعلام خاصة في الترويج والجذب السياحي، حيث تلعب وسائل الإعلام دوراً خطيراً في إقناع السائح وإغرائه بالقدوم إلى بلد من البلدان، مثلما هي قادرة على تشويه صورة هذا البلد وبث الدعايات الكاذبة والإشاعات عنه وتخويف السائح من القدوم إليه وغير ذلك من الأساليب التي تنصحه بمغادرته خوفاً على حياته!‏
وقد يكون التقويم الإعلامي لبلد ما نوعاً من العمل السلبي بقصد الإساءة إلى ذلك البلد وبث الأكاذيب وتضخيم المعلومات عن حوادث أمنية وتحذير الحكومات لرعاياها بمغادرة هذا البلد خوفاً على حياتهم.‏
العراق يستقطب الآن أعدادا ليست بالقليلة من الزوار، في النجف وكربلاء والكاظمية وسامراء وكذلك هناك كنائس في الموصل تستقطب الآلاف من الزوار من مختلف دول العالم، وكذلك مواقع دينية للصابئة المندائيين، ومواقع يزورها اليهود من مختلف دول العالم من غير القاطنين في (إسرائيل).
إن من العوامل التی أدت إلی أن يكون للمسلمين نصيب 10% من السياحةالعالمية هی:إيجاد الفتن بين الوسط الإسلامي لأشغالهم عن السياحة و إيجاد حالة الفقر و عدم التمكن من الإقدام علی السياحة و أيضاً إعطاءمفهوم مشوش و غير واضح عن السياحة و ثمراتها و بالتالي نشر ثقافة أن السياحة من شؤون الطبقات المترفة و لا تليق بالمؤمنين و العلماء و لكن يمكن هنا تكريس فكرة السياحة الإسلامية أكاديمياً و بحثاً علمياً من خلال بيان الرؤية الإسلامية لفكرة السياحة ، وأثرها علی بناء كيان المجتمع ، وتوضيح أن السياحة إحدی أكبر الطرق لكسب التجارب و التعرف علی أذهان الآخرين،فالإسلام يحث علی السير والسياحة فی كثير من الموارد و المجالات ،كمجال العلم، ومجال الحرب و مجال التعرف علی الأمم الأخری وغير ذلك؛ ليبقی المجتمع الإنساني محافظاً علی كيانه و هيئته وبناءً عليه فإن الاعلام وخاصة الإعلام السياحي هو:
الدليل المادي للصناعة السياحية من خلال وظيفته الأساسية وجوهرها هو التعريف يما يحتويه البلد من معالم سياحية سواء أكانت طبيعية أم أثرية تاريخية أم فندقية أم أي مظهر آخر أم مجال من مجالات الجذب السياحي وذلك باستخدام جميع الوسائل الإعلامية والاتصالية المتطورة من أفلام وإعلانات قادرة على جذب السياح الأجانب ومواطني البلد،وبالتالي فالإعلام السياحي صفة لازمة ومحورية للصناعة السياحية، كذلك بقدر ما للإعلام السياحي من أثر إيجابي في الترويج السياحي، وبقدر ما هناك حاجة ملحة لدوره الفعال في عملية التنمية السياحية بقدر ما هناك حاجة ماسة للاستثمار ووسائله كافةً وخاصةً الإعلان المرئي، إذ من خلال وسائل الإعلام المختلفة يستقي الفرد معلوماته والتي تصله عادة في شكل إخباري عن حقائق ومعلومات سياحية يهتم بها السائح ، وتدفع شركات السياحة مقابل مادي عن الأخبار السياحية ذات الطابع الإعلاني عن برامجها السياحية أو ما يهم جمهور الوسيلة الإعلانية السياحية وبشكل مباشر.
وترتبط الإفادة من الإعلام في نشاط التسويق السياحي بمقدار العلاقة الوطيدة بين شركة السياحة ومحرري الأخبار السياحية في وسائل الإعلام الجماهيرية المختلفة، وكذلك برؤساء تحرير الصحف والمجلات ودور النشر والإذاعة والتلفزيون، وكذا العاملين في هذه الأجهزة فضلاً عن إمكانات ومكانة الشركة السياحية ومدى تأثيرها على السوق السياحي تجعل محرري الأخبار السياحية يسعون للحصول على أخبار سياحية منها وكل منهم حريص على تسجيل سبق إخباري عنها وخططها السياحية القادمة والأفكار التي تراود المسؤولين والقائمين عليها بشأن النشاط السياحي . وتنجح الحملة الإعلانية وترتكز على مقدار الثقة أو القرب أو التخصص لوسيلة الإعلام لدى السائح واهتماماتها بالنشاط السياحي ، وينظر السائح إلى المعلومات والأخبار المنشورة في شكل إعلام إخباري على أنها حقائق كاملة الصدق وليس إعلاناً مدفوع الأجر ،خاصة وأن الإعلام السياحي لا تتحكم شركة السياحة في صياغته المنشورة أو في محتواه اللفظي أو في مجمله أو شكله أو أماكن نشره ،بل يقوم بصياغته وتنفيذه محرر الخبر في وسيلة الإعلام.
والمعول على وزارة السياحة ان تواصل دعمها للاعلاميين في هذا الجانب من خلال عقد الدورات والندوات التي تؤهل الاعلام السياحي وتجعلة قادراً على التعاطي مع تطورات العصر وهذا لن يتم الا من خلال إعلام سياحي يهدف إلى تزويد الجمهور بجميع المعلومات والحقائق المتعلقة بالسياحة ويتحرى الموضوعية في هذه المعلومات والصدق والدقة ويستخدم الوسائل الاعلامية المختلفة وبالأساليب كافة للإقناع وذلك من أجل تحقيق الوعي السياحي وجذب اكثر عدد من السياح.
ان المرحلة الراهنة تتطلب دورا رئيسيا للاعلام يهدف الى خدمة قطاع السياحة وعلى الدولة ان تنظر بعين الحسبان الى التخصيصات المالية التي مازالت متواضعة جدا ولا تستطيع تفعيل هذا القطاع وفق الطموحات المرجوة لان المردودات المالية التي ستعود للعراق من السياحة بانواعها المختلفة ستكون كبيرة جدا في حالة توفر الامن وفرض القانون ونشر الوعي السياحي وتوفير الخدمات العامة، كما لابد من الاهتمام بتطوير شركات السفر والسياحة وتسهيل عملها بما يشجعها على ان تكون شركات عملاقة ليست محلية، بل دولية اولها علاقات تعاون مع شركات السياحة العالمية الاخرى.

*جامعة ذي قار ...مركز أبحاث الأهوار