عبد الكريم نافع.. برز في مرحلة زخم نجوم الكرة العراقية

عبد الكريم نافع.. برز في مرحلة زخم نجوم الكرة العراقية

بقلم/ زيدان الربيعي
هناك نجوم قلائل يصمدون في ذاكرة الناس على مدى طويل من الزمن، لكونهم يتركون أثرا طيبا خلفهم من خلال البصمات العديدة التي يقدمونها فوق المستطيل الأخضر الذي كافأهم بالخلود الطويل في ذاكرة الجمهور الرياضي. في زاوية (نجوم في الذاكرة) سنحاول الغور في مسيرة أحد نجوم المنتخبات العراقية السابقين الذين ترفض ذاكرة جمهورنا مغادرتهم لها،

حيث صمدوا في البقاء فيها برغم مرور عقود عدة على اعتزالهم اللعب وحتى قسم منهم ابتعدوا عن الرياضة برمتها أو غادروا العراق إلى بلدان أخرى.
نتحدث في الحلقة التاسعة والخمسين عن مسيرة لاعب فرق الشباب والشرطة والتجارة السابق عبد الكريم نافع، إذ سيجد فيها القارئ الكثير من المحطات والمواقف المهمة والطريفة.
بداياته
بدأ اللاعب عبد الكريم نافع مثل بدايات أقرانه اللاعبين من خلال اللعب مع الفرق الشعبية في مدينة الصدر ببغداد، لكن سرعان ما دخل حب فريق الآليات "الشرطة حاليا" إلى نفسه، حيث تعلق بحب هذا الفريق بشكل كبير جدا بسبب وجود نخبة لامعة في صفوفه أمثال الحارس ستار خلف وعبد كاظم ودوكلص عزيز ولطيف شندل وصباح حاتم، وكان لهذا الإعجاب الكبير بلاعبي الآليات السبب الرئيس في تطوعه على سلك الشرطة المحلية وليس لرغبة شخصية في هذه المهنة، حيث شهد عام 1974 انضمام عبد الكريم نافع إلى صفوف فريق ظل الآليات تحت إشراف المدرب شاكر إسماعيل. وفي عام 1975 حل نظام الأندية بدلا من فرق المؤسسات الذي كان معتمدا آنذاك، لذلك توحدت كل الفرق الرياضية التي كانت محسوبة على سلك الشرطة تحت أسم نادي الشرطة وكان يشرف على تدريب هذا الفريق المدرب الراحل محمد نجيب كابان، حيث حصل مع هذا الفريق على فرصة ضئيلة جدا بسبب كثرة النجوم الذين يمثلون الفريق آنذاك.
وفي عام 1977 كان فريق الشباب لأول مرة في تاريخه يتأهل إلى دوري الكبار، لذلك اضطر عبد الكريم نافع إلى مغادرة فريقه المفضل "الشرطة" بسبب إصرار مدرب فريق الشباب يومها منذر الواعظ على ضمه إلى هذا الفريق الذي بقي يدافع عن ألوانه لمدة أربعة مواسم متتالية.. ويقول عبد الكريم نافع عن هذه السنوات: أن السنوات الأربع التي قضيتها مع فريق الشباب يمكن اعتبارها الأفضل والأجمل في مسيرتي الكروية، لأنني قدمت مع زملائي اللاعبين في هذه السنوات عروضا طيبة جدا وكنا نحرج الفرق الكبيرة برغم حداثة عمرنا في دوري الكبار، لكن الحقيقة عندما كنت ألعب مع هذا الفريق كان قلبي دائما مع فريق الشرطة، لأنه فريقي المفضل".
ويضيف نافع: في عام 1984 عدت ثانية إلى فريق الشرطة الذي كان يشرف على تدريبه المدرب دوكلص عزيز وساهمت مع هذا الفريق قي إحرازه لقب بطولة دكا في بنغلاديش التي شاركت فيها فرق عدة من ماليزيا وانكلترا والهند وكوريا الجنوبية وقد حصلت أنا على لقب هداف البطولة برصيد خمسة أهداف رغم أنني كنت لاعبا في خط الوسط .. ثم واصلت مسيرتي مع فريق الشرطة تحت إشراف المدرب الراحل عبد كاظم واشتركت معه في أكثر من بطولة محلية.
لكن يبدو أن حب عبد الكريم نافع لفريق الشرطة لم يكن يلقى ذاته الاهتمام الذي يكنه هو لهذا الفريق، بحيث اضطر مرة ثانية لمغادرته إلى فريق التجارة في عام 1986 تحت إشراف المدرب عبد كاظم ومن ثم المدربين عادل يوسف ومحمد ثامر وبقي مع هذا الفريق لمدة ثلاث سنوات متتالية، حيث يؤكد عبد الكريم نافع أنه لم يكن راغبا في مغادرة فريق الشرطة إلى أي فريق آخر، لكن الظروف الصعبة التي واجهته مع هذا الفريق هي التي جعلته يغادره مكرهها للمرة الثانية، لكن حبه لهذا الفريق ولجمهوره بقي ملازما له برغم ابتعاده القسري عنه".
وفي عام 1988 عاد مرة ثالثة إلى فريق الشرطة ولعب له موسما كاملا لكنه سرعان ما وجد ذات الظروف التي أجبرته على مغادرة الفريق سابقا أمامه، لذلك عاد مرة ثانية إلى فريق التجارة ومثله لموسم واحد في عام 1989 وبعد ذلك لعب لفريق شرطة بغداد في دوري وزير الداخلية وفي عام1990 غادر الملاعب الرياضية كلاعب بعد مسيرة طويلة جدا استمرت أكثر من عقد ونصف تقريبا قدم فيها لمحات جميلة جدا جعلته من اللاعبين المميزين في الدوري العراقي.
مسيرته مع المنتخبات الوطنية
عندما برز اللاعب عبد الكريم نافع كلاعب جيد في مباريات الدوري المحلي كانت المنتخبات الوطنية المختلفة تعج بالأسماء الكبيرة وفي كل المراكز، بحيث كان المدرب الذي يتولى تدريب أحد هذه المنتخبات يجد صعوبة بالغة جدا في كيفية اختيار اللاعبين للتشكيلة الدولية وذلك لأن كل مركز فيه أربعة لاعبين أو أكثر هم في مستوى فني وبدني متقارب جدا، لذلك لم تسنح له الفرصة في تمثيل المنتخبات الوطنية برغم أن شيخ المدربين الراحل عمو بابا قد استدعاه عام 1983 إلى صفوف المنتخب الاولمبي الذي كان يستعد لتصفيات دورة لوس أنجلس الاولمبية وقد استطاع عبد الكريم نافع إقناع بابا بمستواه الفني داخل المعسكر التدريبي الذي أقيم في ألمانيا، إلا أنه تعرض إلى إصابة بليغة جدا في ظهره أبعدته عن نيل فرصة تمثيل المنتخبات الوطنية بشكل رسمي. وفي عام 1984 تم استدعاؤه من قبل المدرب أكرم أحمد سلمان لصفوف المنتخب الوطني الذي كان يستعد لتصفيات كأس العالم مع زميله معد إبراهيم، إلا أن الفرصة لم تسنح له في الاستمرار مع التشكيلة الدولية بسبب وجود لاعبين عمالقة في ذلك المنتخب.
كما أن مسيرته الرياضية شهدت تمثيله منتخب بغداد في بطولة الجمهورية عام 1980، حيث كان يشرف على تدريب منتخب بغداد الراحل عبد كاظم، حيث كان يضم هذا الفريق نخبة من اللاعبين أمثال سعدون حنيحن، سعدي توما، سعد عبد الحميد، طارق عبد الأمير وغيرهم.
وعن أجمل مبارياته
يقول عبد الكريم نافع: "شهدت مسيرتي الرياضية الكثير من المباريات الجميلة جدا، لأن السنوات التي لعبت فيها كان مستوى الفرق فيها متقاربا وهذا التقارب يؤدي إلى ارتفاع المستوى الفني للمباريات، لكني اعتز كثيرا بمباراة الشباب والزوراء في ختام موسم 79 ـ 1980، حيث كان فريق الزوراء يحتاج للفوز حتى يحتفظ بلقبه، أما التعادل أو الخسارة فمعناه أن اللقب سيكون من نصيب فريق الشرطة، لذلك وبما أني أحب فريق الشرطة كثيرا فقد قدمت مع زملائي جهدا استثنائيا من أجل أن يكون اللقب من نصيب فريق الشرطة وهذا ما حصل فعلا بعد أن انتهت المباراة بالتعادل الإيجابي (1 ـ 1)، علما أن نتيجة المباراة مهما كانت لن تؤثر على موقع فريق الشباب في تسلسل الفرق لذلك الموسم لأنه ضمن المركز الرابع في ذلك الموسم".
وأضاف: كما اعتز كثيرا بمباراتي مع فريق الشرطة في بطولة دكا التي جرت في بنغلاديش عام 1983.
وعن اللاعبين الذين يرتاح لهم داخل الميدان قال عبد الكريم نافع: كنت أرتاح كثيرا عندما ألعب إلى جانب مؤيد عباس ومحمد خلف وعلي رستم في نادي الشرطة ومع فريق التجارة كنت أرتاح للاعب بنيامين دنخا.
وعن أصعب خصم واجهه
قال: أنه لاعب فريق الأمانة السابق(بغداد حاليا) صبيح رسن، لأنه لاعب قوي وعنيف جدا وكذلك لاعب الزوراء السابق فتاح محمد، لأنه أيضا يلعب بقوة وعنف.
وعن أجمل أهدافه يقول: سجلت أجمل أهدافي في مرمى فريق الأمانة من مسافة أربع ياردات في موسم 80 ـ 1981 وانتهت المباراة بالتعادل 1ـ 1، حيث سجل لفريق الأمانة اللاعب كريم محمد علاوي.
وعن أسوأ ذكرياته في الملاعب
يقول عبد الكريم نافع: في بطولة الرشيد عام 1986 ويومها كنت مع فريق الشرطة وكنا حتى الدقيقة الأخيرة متقدمين بهدفين مقابل لا شيء على فريق الفحيحيل الكويتي وهذه النتيجة كانت تؤهلنا إلى دور الأربعة لكن أحد لاعبي فريق الفحيحيل الكويتي تمكن من تسجيل هدف في مرمى حارسنا وصفي جبار في اللحظات الأخيرة من المباراة، حيث أسهم هذا الهدف القاتل في خروجنا من البطولة وتأهل فريق الزوراء بدلا عنا. وعن اللاعب الذي يرى صورته فيه اليوم يقول نافع: إن مسألة تشابه اللاعبين بصورة كبيرة أمر مستبعد جدا، لأن لكل لاعب أسلوبه الخاص لكني أرى تقاربا نسبيا بيني وبين لاعب فريق الشرطة أحمد فاضل.
ما زال متأثرا بسبب استشهاد أبنه (إيهاب) في تفجير الشورجة، حيث كان الفقيد لاعباً مميزا جدا ينتظره مستقبل كبير.