الصوري: المرحلة تتطلب تغييرا فـي وجه العلاقة بين الدولة والمصارف

الصوري: المرحلة تتطلب تغييرا فـي وجه العلاقة بين الدولة والمصارف

بغداد / حسين الهاشم
اكد الدكتور ماجد الصوري اهمية اعادة النظر بتركيبة الهيكل الاداري الاعلى للمصارف الحكومية وعلاقتة بالدولة ليكون اكثر انسجاما مع متطلبات اقتصاد السوق وآلياته ومتطلبات الصناعة المصرفية العالمية المتطورة ليصبح اكثر مرونة في تعامله مع الواقع الاقتصادي العراقي

باعتباره وحدة اقتصادية مستقلة قادرة على اتخاذ القرارات التي تنسجم مع مصلحة المصرف دون ان يكون للدولة واجراءاتها البيروقراطية اي تأثير على شكل نشاط هذه المصارف وممارسة عملها اليومي بالسرعة والمرونة الكافية .
وقال الصوري : ان المرحلة الانتقالية التي يمر بها العراق تتطلب تغييرا جذريا في اسس تعامل الدولة مع هذه المصارف بما في ذلك تشكيل مجالسها الادارية . خصوصا وانه تم اقرار اقتصاد السوق كمنهج اقتصادي في العراق .
واضاف : يتكون النظام المصرفي في العراق من البنك المركزي العراقي الذي يمارس عملية الاشراف والرقابة على المصارف من 42 مصرفا أهلياً ، و6 مصارف حكومية ، بعد اندماج مصرف العراق بمصرف الرافدين من بداية شهر ايار 2009 ، منها ثلاثة مصارف اختصاصية ، وثلاثين مصرفا محليا اهليا ، وستة فروع لمصارف اجبية عدا الشركات الاخرى التي تمارس بعض الاعمال المصرفية . وتسيطر المصارف الحكومية على اكثر من 90% من اجمالي النشاط المصرفي في العراق .
وتابع : انه بعد صدورقانون البنك المركزي العراقي رقم 56 لسنة 2004 وقانون المصارف رقم 94 لسنة 2004 واستنادا الى منهجية اقتصاد السوق تم تحرير سعر الفائدة والغاء خطط الانتماء التي كان يفرضها البنك المركزي قبل ذلك وفتح باب العمل للمصارف الاجنبية سواء عن طريق المشاركة في المصارف المحلية وبدون وضع اى حدود لنسبة المشاركة ، او فتح فروع لها في العراق ، دون تحرير راس المال ، واضافة الى امكانية فتح مكاتب تمثيل لها .وكذلك اطلاق حرية التحويل الخارجي وإلغاء القيود على تحويل الاموال، عدا ما يتعلق بمتطلبات قانون مكافحة غسيل الامول وتمويل الإرهاب. وإخضاع جميع المصارف ، بما في ذلك المصارف المتخصصة الى قانون واحد يعنى بالنشاط المصرفي التجاري فقط .
واوضح ان العراق بعد نيسان 2003 ورث اقتصادا منهارا ونظاما مصرفيا متخلفا من جميع النواحي الادارية والمالية والخدمية بسبب حروب الحصار الاقتصادي وعسكرة الانتاج وتوريط المصارف الحكومية بعلاقات مالية خارجية وداخلية معقدة ومركبة لها ، اضافة الى انقطاع العراق ونشاطاته الاقتصادية عن التطورات العالمية في جميع المجالات الفكرية والعلمية والمادية ، الامر الذي أدى الى خلق ضعف في الثقافة المصرفية بشكل عام وضعف الثقة المحلية بالمصارف العراقية وضعف الثقة الدولية في المصارف العراقية ، وكذلك ضعف دور المصارف في النشاط الاقتصادي العراقي. واضاف ان قانون المصارف المرقم 94 لسنة 2004 يعتبر بشكل عام من القوانين المتطورة في العالم رغم صفة الاستعجال الذي رافقته وعدم دراسته بشكل متكامل من قبل السلطات المحلية العراقية ذات الاختصاص . وقد كثرت التحفظات حول هذا القانون سواء من قبل السلطات التنفيذية او من الجهات التي يشملها هذا القانون بسبب عدم وضوح بعض مواده والملابسات التي تثيرها والترجمة غير المهنية في نصوص هذا القانون مما يؤدي للاضطرار الى اللجوء الى النص الانجليزي للتأكد من صحة المادة القانونية ومن الضروري مراجعة هذا القانون ، الذي يقوم بتنظيم اهم المرافق الاقتصادي في العراق، من قبل الجهات المختصة . ولفت الصوري الى انه من الملاحظ على شكل (الكيان) القانوني للمصارف أنه لا يوجد اي نص صريح في قانون المصارف ينص على ان تؤسس المصارف على شكل شركات مساهمة . الا ان دائرة تسجيل الشركات في وزارة التجارة تصر على تأسيس المصارف على شكل شركات مساهمة باعتبار ان المفهوم العام للقانون يدلل على ذلك، مبيناً انه من المعروف ان القسم الاعظم من المصارف القائمة تسيطر عليها عوائل معروفة وحصلت على رخصة تأسيس مصرف رغم حيازة العائلة على حوالي 90% من أسهم المصارف ، وذلك حسب نص القانون الذي يشترط موافقة البنك المركزي على مثل هذه الحالات موضحاً ان تأسيس المصارف على شكل شركة مساهمة يعتبر أفضلية لمؤسسي المصرف لانهم يستطيعون ان يحصلوا على رأس مال المصرف من عدد اخر من المساهمين ، واستغلال أموال المودعين لصالح أعمال العائلة وما يتبع ذلك من المخاطر مع وجود امكانية المضاربة على الأسهم في السوق العراقي للاوراق المالية.
واشار الصوري الى ان تجارب العالم والعراق اثبتت ان الكثير من هذه العوائل تستغل هذه الامكانيات لمصلحتها الخاصة دون الاهتمام بمصالح المساهمين الاخرين المودعين ، خصوصا وانهم يشكلون كل او اغلبية اعضاء مجلس الادارة ، مع سيطرتهم التامة على قرارات الهيئة العامة للمصرف ، اذ ان التوصيف يكون حسب عدد الاسهم المملوكة وليس حسب عدد المساهمين ، حيث درجت بعض الدول على عدم منح صفة الشركة المساهمة الى المصرف الذي تزيد فيه نسبة بعض مالكي الاسهم عن الحيازة المؤهلة ( وهي تصل في بعض الدول الى 25% وقد حددت في العراق بنسبة 10% ) الابعد مرور ثلاث سنوات،على الأقل، من ممارسته العمل المصرفي، في بعض الدول وضعت المصارف التي تمتلك فيها عائلة او مجموعة اشخاص مترابطة نسبة كبيرة من رأس المال فيها ، تحت المسؤولية التضامنية لاموال المجموعة او العائلة الخاصة اضافة الى مسؤوليتها في رأس مال المصرف . وقال الصوري : من هذه المنطلق فان فسح المجال امام تأسيس المصارف على اشكال قانونية مختلفة كشركات التضامن او الشركات ذات المسؤولية المحدودة يعتبر اكثر منطقية ، ولا تعطى صفة الشركة المساهمة الى مثل هذه المصارف الابعد مرور فترة معينة ، لاتقل عن ثلاث سنوات ، وبعد ان تثبت جدارتها وقدراتها والتزامها باللوائح التنظيمية التي يصدرها البنك المركزي العراقي.