جدلية القروض الإسكانية بين المركز والإقليم!

جدلية القروض الإسكانية بين المركز والإقليم!

تحقيق / صـــابرين علـــي
في وقت يعاني العراق من ازمة سكن خانقة، تسعى بعض المصارف الى منح قروض اسكانية اسهاماً منها بحل هذه الازمة المتفاقمة، الا انها كانت مثار جدل واسع حول رفع اسعار الفائدة.

(المدى الاقتصادي) ناقشت جدلية القروض الاسكانية بين مصارف المركز التي رفعت اسعار الفائدة عليها فيما شطبتها مصارف اقليم كردستان بحسب آراء المعنيين والخبراء والمستهلكين عبر التحقيق التالي:
البنك المركزي:
قال نائب محافظ البنك المركزي مظهر محمد صالح: للمصارف الخاصة الحرية في رفع اسعار الفائدة وخصوصاً التجارية، حيث ان المصارف الخاصة تأخذ بنظر الاعتبار مخاطر السوق فاذا اخفقت هذه المصارف يترتب عليها ضمانات كبيرة مما يؤدي بها الى رفع اسعار الفائدة والمبالغة في مخاطر الائتمان فهي تفتقر الى وجود فقرة تختص بدعم العرض الذي يجب ان يكون ضمن اعداد الموازنة العامة.
واضاف صالح: ان اقليم كردستان يأخذ عنصر المنحة من خلال اعداد الموازنة مما يهيئ الامور الى صالح المنح التي تعطى الى المواطن وهي بالنتيجة تزيد من طول الفترة لها حيث ان تطبيق مثل هكذا موضوع في المركز بحاجة الى ستراتيجية واسعة.
واضاف صالح:ان القروض الاسكانية تكون مجدية اذا ما تم التعامل معها على شكل مشاريع اسكانية ووحدات سكن فان وجود الحلول لهذه المشكلة لايكمن بشكل فردي فان اعطاء الاموال يحتاج الى وقت في تسديدها حيث ان القروض التي سوف تعطى تتوزع على اعداد كبيرة من السكان الذين بحاجة الى سكن اضافة الى المدة التي تحتاجها المصارف في التسديد الامر الذي يجعل هذه الحلول غير مجدية.
وتابع صالح: ان العراق بحاجة الى اسكان جماعي او ما يدعى بإسكان الجملة بسبب التأخر الذي عانى منه العراق خلال مدة ثلاثين عام من التدهور حيث ان التمويل الفردي يحل المسألة بشكل انفرادي وان هذا الموضوع بحاجة الى تضافر الجهود من قبل الدولة ووزارة الاسكان والاستثمار وحتى القطاع الخاص الذي يمكن ان يشارك في ايجاد الحلول لهذه المسألة الجماعية بالاضافة الى الحاجة في اعداد ميزانية لهذا الموضوع.
وبين صالح ان العالم والمصارف القديمة تتحمل فيها جزءا من الفائدة وخصوصاً للعوائل الكبيرة والمحرومة من السكن مؤكداً ان ماتقوم به المصارف في اقليم كردستان بخفض او اعفاء المقترضين للقروض الاسكانية من اسعار الفائدة يعد من اخلاقيات الشعوب حيث انها تعد من المسائل الدينية التي تقوم بها المصارف الاسلامية التي تعمل على اساس الربحية وليس الفائدة، وان العملية التي تدعم مثل هكذا قضايا تحتم على المواطن الالتزام بالضريبة حيث انه بحاجة الى تثقيف بهذا الشأن وعليه احترام حقوق الدولة من خلال الضريبة الاسكانية التي تكون واجبة عليه.
اللجنة المالية في البرلمان:
قال عضو اللجنة الاقتصادية في البرلمان عبد الحسين الياسري: ان اسعار الفائدة تتباين بين مصرف وآخر فالمصارف العقارية تأخذ نسبة 3% من الفوائد،اما المصارف التجارية التي على اعتبار انها تتعامل بأموال كبيرة تاخذ 18 الى 19 % ولذلك تكون اسعار الفائدة عالية فيها،اما قيام بعض المصارف بعدم اخذ اسعار فائدة على القروض الاسكانية فان هذا الموضوع يختلف من مصرف الى اخر حيث ان المرشد والمشرع في هذه العملية هو البنك المركزي.
واضاف الياسري: ان المصارف في اقليم كردستان تكون الغالبية العظمى فيها مصارف إسلامية تعتمد على اساس الربحية وليس على اساس الربوبية في تعاملاتها وان مهمة البنك المركزي هي السلطة التشريعية فهو يضع القوانين لهذه المصارف ويتم الاشراف عليها من قبله.
وتابع الياسري:ان الحكومة تتبنى بعض مشاريع الاقراض الميسرة والتي تتحمل فيها بعض أو كل اسعار الفائدة فمن خلال مصرف الرشيد تتجه لقروض العاطلين عن العمل،اما التجار والصناعيون فتهيئ لهم بعض القروض لمشاريع الاستثمار ولاغراض الربح فيؤخذ منهم مبالغ فوائد لأغراض الاستثمار التي تدفع للودائع التي توضع بها والمصاريف الإدارية للمصارف لذلك يترتب عليها ان ترفع من اسعار الفائدة.
مصرفيون:
قال الخبير المصرفي شيروان مصطفى: إن اسباب الارتفاع في اسعار الفائدة والاجور يتعلق بالكلف التشغيلية للقروض حيث ان مصارف المركز تختلف عن ماهو موجود في كردستان فان الاعمال داخل المركز يشوبها بعض الصعوبات التي تزيد من مخاطر الائتمان الامر الذي يحتم عليه المتابعة وزيادة نسبة الفائدة.
واضاف مصطفى:ان القروض الائتمانية التي تعطى من قبل المصارف مجدية لحل أزمة السكن حيث انها توفر السيولة النقدية وتزيد من عملية الاستثمار ما يقلل من عدد البطالة التي وصلت معدلاتها الى 18% بالاضافة الى البطالة المقنعة التي يزيد عددها داخل المؤسسات التي بحاجة الى توفير فرص عمل والاستفادة من الطاقات المتوفرة لديهم.
وتابع مصطفى:ان المصارف الخاصة توفر فرصا للعمل من خلال القروض التي تمنحها الى المشاريع والتي تكون ذات جدوى اقتصادية للمجتمع الامر الذي يزيد من الفرص التشغيلية للبطالة.
وبين مصطفى ان اقليم كردستان غالباً مايتعامل مع المصارف الإسلامية التي يتوفر فيه عدد منها حيث أن المجتمعات غالباً ما ترفض القروض التي يدخل فيها الربا الامر الذي يزيد من نشاطات تلك المصارف في الإقليم بالإضافة الى ان بيئة الاعمال صالحة للتشغيل حيث تكون خدمة المصارف واسعة واكثر نجاحاً من خلال توفير الاوضاع الامنية التي تقلل من مخاطر الائتمان والكلف النقدية.
واشار شيروان الى ان المصارف الخاصة لايمكن ان تقوم باعفاء المقترضين من اسعار الفائدة لان الاموال الموجودة لديها ترجع الى المستثمرين بالإضافة الى الكلف الادارية والنفقات التشغيلية فلابد منها ان تأخذ فائدة كي يتسنى لها القيام بكل هذه الاعمال،اما المصارف الحكومية هي وحدها قادرة على القيام بمثل هذه الخطوة لان المصارف الحكومية تكون مدعومة من قبل الدولة.
وقال شيروان:ان القروض الحكومية غالباً مايدخل فيها الفساد الاداري لانها تعاني من قلة المتابعة فيدخل فيها عامل التمييز بين فئة وفئة اخرى او تكون للأقرباء الامر الذي يقلل من فاعليتها في تحقيق الاهداف المنشودة.
مصرف الشرق الأوسط:
قال المدير المفوض لمصرف الشرق الاوسط حكمت جرجيس:ان اسعار الفائدة تتراوح من مصرف لاخر فتكون بعضها ذات كلف عالية والبعض الاخر تكون قليلة وان حتى ما موجد بين المركز والاقليم ينطبق عليه الكلام فان كل مصرف له الكلف التي يتحملها المقترض.
واضاف جرجيس:ان المصارف عادةً ما تقوم بأخذ فائدة وضمانات تمثل ديون لحملة الاسهم حتى تتمكن من تأدية المصاريف والاستحقاقات اللازمة بالاضافة الى الاعمال الادارية الامر الذي يحتاج الى اموال للقيام بهذه الاعمال وهذا مايجعلها تفرض فوائد عالية على القروض التي تمنحها.
واكد جرجيس ان القروض الاسكانية التي تمنحها المصارف الحكومية للمقترضين غير مجدية مبيناً ان المصارف الحكومية والخاصة منها يجب ان يكون بينهما حالة من التعاون كي تتمكن من القيام بهذه العملة حيث ان المصارف الحكومية عادةً غير مطالبة بتحقيق ارباح اما المصارف الخاصة مطالبة بتحقيق ربح من خلال القروض التي تعطيها الى المقترضين بالاضافة الى ان المصارف التجارية لاتتمكن من اعطاء قروض طويلة الاجل التي تتمثل بالقروض الاسكانية وبالتالي تكون غير مجدية بحل هذه الازمة مشيراً الى ان الحكومة تمتلك الارض والسلطة والمال الامر الذي يمكنها من معالجة هذا الموضوع من دون التعرض الى اي مشاكل فهي لاتطلب ان تكن هناك ارباح مقابل القروض على خلاف القطاع الخاص الذي يهف عادتة الى الربحية وخصوصاً المصارف التجارية التي تسعى الى القيام بمشاريع استثمارية.
مصرف كردستان الإسلامي:
قال المدير المفوض لمصرف كردستان الإسلامي بسطان الجنابي: إن المصارف الإسلامية تعتمد على الربحية من خلال بيع السلع او القيام بمشاريع تحقق ارباح حيث تصل ارباحها الى 10% او 15% الامر الذي يزيد من عدد المقترضين من تلك المصارف بالاضافة الى ان المجتمعات غالباً ما تبتعد عن الارباح التي تأتي من خلال الربا والفوائد فتلجأ الى هذا النوع من المصارف التي تكون متفقة وتعاليم الشريعة الاسلامية.
واضاف الجنابي:ان المصارف الموجودة داخل المركز تعاني من المخاطر الائتمانية لان الاوضاع الامنية داخل المركز مازالت غير مستقرة، حيث تزيد العبء على المقترض من خلال رفع اسعار الفائدة.
وتابع الجنابي:ان القروض الاسكانية تكون غير مجدية بمثل هذه الاوضاع التي يشوبها القلق والاعداد الكبيرة التي تعاني من قلة وجود المساكن الامر الذي يكون بحاجة الى تدخل حكومي بهذا الموضوع فان القروض وحدها غير كافية لمعالجة هذه الازمة مبيناً ان هذه القروض قد تتسبب بحدوث حالة من التضخم المالي داخل البلد لانها تمتص كميات كبيرة من الاموال مقابل عرض قليل من المشارع التي تقوم ببناء مساكن للمعولين لها مع قلة المتابعة لهذه القروض وقلة الدراسة لهذا الموضوع.
مصرف الرشيد:
قال مدير عام مصرف الرشيد الحكومي كاظم ناشور:إن اسعار الفائدة في السابق كانت تصل الى 20% وهي نسبة عالية وبدأت تدريجياً تنخفض بفضل تدخل البنك المركزي بهذا الموضوع واستقرار سعر الصرف الدينار العراقي حيث ان هذه الفائدة غير معبرة عن الكلفة الحقيقية لان الاقتصاد داخل المركز غير مستقر بالاضافة الى عدم القدرة على تشغيل كل عوامل الانتاج الامر الذي يخلق حالة من الاختلاف بين المركز واقليم كردستان حيث يتمتع الاخير بالاستقرار الامني والاداري ويتمتع بوجود عوامل المنافسة بين مصارفها وان المخاطر التي يتعرض لها البلد تحتاج الى دعوة للعمل بما هو موجود في الاقليم وهذا الموضوع بحاجة الى بحث وتخطيط لان السوق واحد وعامل المنافسة واحد وكلها تؤثر على السوق فيجب ان تتحرك الاموال بين الوحدات الاقتصادية للاستفادة منها في رفع المستوى الاقتصادي للبلد.
واضاف ناشور: ان حل ازمة السكن بحاجة الى تدخل من قبل الدولة في بناء وحدات سكنية للموظف والمواطن العادي حيث يتم الاختيار من قبله للارض والمكان والتصميم ويترتب على الحكومة قطع جزء من المرتب الشهري اما في الوقت الحاضر فان هذه القروض تعمل على زيادة التضخم في البلد لانها تتوجه للقضايا الاستهلاكية اكثر من قضايا البناء وتغطية الحاجة من السكن.
وتابع ناشور: أن الحكومة تتوجه من خلال مصارف بغداد والنجف للقيام بعدة مشاريع سكنية والتي هي عموماً تحتاج الى تخطيط ومتابعة وتنظيم لإتمامها على أحسن وجه.
الخـــــــــبراء:
قال الخبير الاقتصادي ماجد محمد نقي: أن غالبية القروض العقارية لا تعطى من قبل المصارف الخاصة وهي التي تحدد نسب الفوائد وهي مثبتة من قبل البنك المركزي فالأمر الذي يجعل هناك تفاوت بين مصرف ومصرف اخر بالاضافة الى ان المخاطر الائتمانية متعددة داخل المركز التي تعود الى الاوضاع الامنية داخله الامر الذي يجعل المصارف تلجأ الى المبالغة فيها بسبب الاشكالات التي تتعرض لها القروض والتلكؤ في التسديد الامر الذي ادى الى وجود ديون داخل بعض المصارف مماجعلها تأخذ ضمانات عدة لضمان حقوقها.
واضاف نقي ان القروض الاسكانية تتميز بطول مدة الاقراض الامر الذي يبعد المصارف الخاصة بإعطاء هذا النوع من القروض فهي غالباً ما تلجأ الى القروض التي تحقق الارباح وبمدة زمنية قليلة مؤكداً ان الحكومة وحدها قادرة على هذا النوع من الاقراض او ان تقوم ببناء مجمعات سكنية من خلال القروض الاستثمارية التي تعمل على بنائها وتوزيعها على الموظفين.
وتابع نقي ان اقليم كردستان يتمتع بوجود حالة من الاستقرار الامني وانتعاش الاستثمار العقاري التي لاتعتمد على القروض المصرفية وإنما على المشاريع الاستثمارية من بل المستثمر ينفي المنطقة الشمالية أكثر مما موجود في المركز بالاضافة الى الثقة التي يتمتع بها الاستثمار داخل الاقليم.
من جهته، قال الخبير المصرفي سهيل العباسي:ان القروض العقارية تعد من اختصاص المصرف العقاري الذي يقوم بإعطائها الى مثل هكذا مشاريع وقد قامت الدولة بتخصيص مبالغ مالية للقيام بهذه العملية في الوقت الحاضر والتي تكون بدون فائدة، اما المصارف التجارية لاتعطي مثل هذا النوع من القروض فهي فوائدها ميسرة وتبلغ 2% وتكون ذات مدة طويلة لتسديد الامر الذي يجعلها قروضا غير مجدية لهذا النوع من المصارف التي تلجأ عادة الى المشاريع الاستثمارية ذات المدة القليلة ذات الارباح العالية لان غرضها تحقيق الارباح والفوائد.
واضاف العباس: ان المصارف التجارية ليست لديها منحة لهذا النوع من الاقراض حيث ان قانون الشركات الذي قام بازالة القروض الاسكانية منها وبموجبها تكون عامة لكل انواع القروض وليس لهدف الربح وانما لرفع المستوى الاقتصادي والاجتماعي للموظفين والناس العاديين والتي تبلغ مدة الاقراض لهم 15%.
وتابع العباسي:ان منح القروض الاسكانية غير مجدية لحل ازمة السكن حيث انها تكون ذات علاقة باصحاب الاموال الذين يتمكنون من شرائها ومن ثم عرضها على شكل مجمعات تعرض لغرض الايجار وبذلك لاتخفف من هذه الازمة للناس العاديين والبسطاء.
من جهته، قال خبير اقتصادي فضل عدم ذكر اسمه:ان المصارف نوعان مصارف إسلامية واخرى ربوية ويدخل الاول في المرابحة وشراء السلع بسعر ميسر وليس من خلال الفائدة اما النوع الاخر الذي يقوم على اساس المرابحة والفائدة ويعد هذا فرق بين المصارف الموجودة في الاقليم والمركز حيث تعتمد الاولى على المصارف الاسلامية حيث يوجد اربعة مصارف فيها.
وأضاف ان الامور المترتبة على مخاطر الائتمان تعود الى طبيعة المقترضين فأن بعضهم لايلتزم بالايفاء للمصارف بالاضافة الى الودائع التي تحتاج الى الربح لايفاء كلف المصرف وفوائد الودائع والكلف الادارية والمخاطر التي يتحملها المصرف فان البنك المركزي يفرض على المصرف ان يكون هناك احتياطي قانوني حيث يبلغ 10% ففي حالة عدم ايفاء المقترضين للقروض يستوفي البنك الفائدة من خلال الاحتياطي القانوني بالاضافة الى احتفاظ البنك بنسبة 5% كسيولة نقدية في خزينة المصرف حيث يبلغ الاجمالي 15% وهذا مايجعل هناك عدم الاستفادة من هذه الكلف الا شيء قليل منها.
وتابع الخبير ان المصارف الخاصة لاتقوم بأعطاء القروض الاسكانية حيث انها بحاجة الى صندوق ضمان القروض الذي يعتمد عليه في حالة عدم تسديد المدين للقروض فيقوم هذا الصندوق بتسديد الامر الذي يقلل من مخاطر الائتمان للمصارف وهي بحاجة لهذه الضمانات لان حجم الودائع فيها تبلغ 85% التي يمكن ان تؤثر على قطاعات عدة ومن ضمنها قطاع الاسكان.
وبين الخبير المصرفي ان القروض الاسكانية بحاجة الى تكون هناك شراكة بين المصارف للقيام بعملة الاقراض العقاري الامر الذي يزيد من توسيع رقعة العمل وعدد المشاريع وسرعة المدة التي يتم بها الانجاز بالإضافة الى التقليل من مخاطر الائتمان الامر الذي يعمل على نجاج هذا النوع من القروض.