اقتصاديات :ميناء مبارك.. ودور البرلمان

اقتصاديات :ميناء مبارك.. ودور البرلمان

 عباس الغالبي
لم يطل علينا البرلمان بموقف رسمي لحد اللحظة سوى تصريحات إعلامية لعدد من النواب وسط تناقض الموقف بين وزارتي الخارجية والنقل، وصمت حكومي أفضى بعد شد وجذب ونداءات سياسية واجتماعية وإعلامية الى تشكيل لجنة وزارية برئاسة كبير مستشاري رئيس الوزراء ثامر الغضبان لزيارة موقع إنشاء ميناء مبارك والاطلاع موقعياً وبمعاينة لجنة فنية ترافق الغضبان وتحديد مديات تأثير هذا الميناء على حركة الملاحة العراقية.

والذي يعنينا الآن هو موقف مجلس النواب الذي لم يرقى الى مستوى الأزمة التي قد تنجم عن استمرار الجانب الكويتي في إنشاء هذا الميناء الذي لم يكن من الضرورات الاقتصادية المهمة للكويت التي تمتلك أكثر من منفذ بحري يلبي حاجتها التجارية والاقتصادية، حيث ان هذا الموقف البرلماني مشتتاً ضائعاً بين المناكفات والخلافات السياسية، فلم يتبلور موقفاً جماعياً يسوده الوازع الوطني، بل هنالك تصريحات وحملة توقيعات لأكثر من 70 نائباً، في وقت يفترض ان يحدد البرلمان جلسة او جلسات عدة لمناقشات مستفيضة لواحد من أهم الموضوعات الاقتصادية بدلاً من استغراق وقت طويل بمناقشة قضايا غير ذات أهمية.
مجلس النواب بجميع كتله ونوابه لابد ان يضطلع بدور مهم في حث الحكومة بل الضغط عليها لسلك جميع السبل الفنية والتحاورية والقانونية مع الجانب الكويتي والإسراع في اتخاذ مثل هذه الإجراءات، كما ان الأمر ذاته ينطبق على لجنة الشؤون الخارجية في المجلس للاتصال السريع بمجلس الأمة الكويتي أولاً، ومن ثم الاتصال بالمؤسسات البرلمانية العربية والدولية لتشكيل جهات ضاغطة على الجانب الكويتي لثنيه عن إنشاء ميناء مبارك.
ولابد لنا ان نذكر بالاتفاقيات البحرية والملاحية الدولية التي تعتمد ضوابط ومحددات ومعايير للدول المتشاطئة والمتجاورة والمشتركة في الممرات البحرية والنهرية وكذلك جدلية إنشاء الموانئ على هذه الممرات التي يفترض ان تكون الفائدة مشتركة وليست لجهة او لدولة على حساب أخرى.
كل هذه الأمور وغيرها من الممكن ان يتبناها مجلس النواب مجتمعاً، لانه لا خلاف على قضية تهدد اقتصاد البلد في وقت يمر العراق بمخاضات التحول والاعمار وإعادة البنى التحتية للقطاعات الاقتصادية والخدمية كافة، حيث ان ميناء الفاو الكبير المعطل بسبب تكاسل الحكومة والبرلمان على حد سواء لان العملية تضامنية من مسؤولية الجميع، ولا يمكن لنا في هذا المجال ان نفصل مسؤولية الحكومة ونلقي بتبعات تأخير انشاء ميناء الفاو الكبير على البرلمان والعكس هو الصحيح، فبقدر ما يحتاج الأمر الى إرادة وطنية تنفيذية ممثلة بالحكومة يتطلب الأمر في الوقت ذاته تخصيصات مالية يفترض ان يعمل البرلمان عن طريق الموازنات الاستثمارية او الموازنات التكميلية او الفائض المتحقق من العائدات النفطية او أية جهة قانونية تعطي المجال للجهات التنفيذية ان تباشر بإنشاء ميناء الفاو الكبير الذي لو بوشر العمل به على وفق التحديدات الزمنية السابقة لما أقدمت الكويت على إنشاء ميناء مبارك لان هنالك تعارضاً فنياً بحسب رأي الخبراء إزاء وجود الميناءين الا في ترتيبات محددة لا تؤثر على إمكانية إنشاء هذين الميناءين في الشواطئ العراقية والكويتية على حد سواء.