خبراء: إصدار تشريعات جديدة ضرورة لإصلاح شركات القطاع العام

خبراء: إصدار تشريعات جديدة ضرورة لإصلاح شركات القطاع العام

بغداد / علي الكاتب
يعد الاقتصاد العراقي احد الاقتصاديات النامية التي تتميز بأحادية الجانب،إذ يحتل النفط المرتبة ذات الحصة الاكبر في تكوين الناتج المحلي وفي الصادرات الى الخارج،كما يعد النفط المصدر الرئيس للعملة الصعبة في الاقتصاد العراقي، ومن هنا فهو يعد اقتصادا مفتوحا يتأثر بحركة الاقتصاد العالمي كثيرا،

خاصة في اسواق البترول وحركة الاسعار العالمية،مما يترتب على ذلك من تبعية خطط التنمية ونفقات وايرادات الموازنة الجارية.
وقال الدكتور عبد الحسين العنبكي مستشار رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية ان اهم التحديات في اصلاح القطاع العام هو انعدام توفر الطاقة الكهربائية، الذي يؤدي الى توقف جزء كبير من الطاقات الانتاجية المتاحة، وكذلك رفع كلف الانتاج والمنتجات لتصبح غير منافسة في السوق، وهيمنة وزارات الدولة على قرارات مجلس الادارة في الشركات الحكومية، وعقلية العاملين غير التنافسية،مما يبرر الحاجة الى ثقافة السوق في شركات القطاع الحكومي،وكذلك غياب المعيار المحدد لميزات المنتج من عدمه، كما ان معظم رؤوس الاموال الثابتة هي اما خارج العمر الإنتاجي أم مندثرة فنيا.
واضاف: ان من اهم تحديات التحول الاقتصادي (الخصخصة) وجود العمالة الفائضة التي تخيف المستثمرين وانعدام وجود القرارات الجادة في الوزارات للتخلص من الشركات العامة، كما ان المدراء العامين للشركات والكثير من العاملين فيها مرعوبون من الخصخصة ويقاوموها بقوة،فضلا عن وجود نقص كبير في التشريعات التي تعالج تلك التحولات.
وتابع: لقد أنجز فريق اصلاح الشركات العامة المشكل بالامر الديواني (179) لسنة 2009 وبالقرار المصادق عليه من قبل مجلس الوزراء بالقرار (314) لسنة 2010،اذ لدينا حاليا 192 شركة عامة يعمل فيها اكثر من (800) الف موظف، وتم اعتماد اسلوب المرافقة لعملية تحويل تلك الشركات الى شركات مساهمة وخصخصتها،على ان يتم جني ثمار التحول على الصعيد الاقتصادي بشكل اوسع للجمهور في ملكيتها.
مبيناً ان الاهداف الرئيسة لخارطة الطريق تلك فهي تطوير الاداء المالي والتشغيلي للشركات العامة والاسهام في اعتمادها على ذاتها، والمساهمة في تنمية الاقتصاد العراقي من خلال تعزيز المنافسة والنشاط التجاري، وكذلك تطوير وتطبيق معايير تخفيف الاثار الاجتماعية والمساهمة في خلق فرص عمل جديدة.
- وبخصوص الملامح العامة لعملية الإصلاح تلك فستكون عملية إعادة هيكلة الشركات المملوكة للدولة عملية مستمرة ومتتابعة،اذ ستكون هناك حاجة ماسة لمراجعة الأهداف والأولويات بشكل مستمر وتعديلها على وفق ديناميكيات وتطورات السوق المتلاحقة، ومن هنا من الضروري استعراض خارطة الطريق على أنها آلية جديدة ومتناسقة للبدء في عملية اعادة الهيكلة والية مرنة لاستيعاب اية تعديلات اضافية،مع تخفيف اية اثار اجتماعية جانبية تنتج عن اعادة هيكلة الشركات الحكومية،وفرصة جديدة لسياسات ذات علاقة بالموضوع،اذ من المتوقع مبدئيا ان تقود مجموعة محدودة من الشركات المملوكة للدولة عملية الاصلاح استنادا الى تصنيفاتها ومدى جاهزية الوزارات الفعلية،والذي يتم من خلال النشر والتثقيف والتعميم واستخدام ادوات الاصلاح المطلوبة، ومن هنا فان عملية اجراء الاصلاحات في الشركات الحكومية ستحفز بمرور الزمن عملية اعادة هيكلة شركات اخرى مملوكة للدولة لإجراء أعمال الاصلاح فيها.
* جذب الشركات الاستثمارية...
- ويقول العنبكي ان ذلك يتحقق من خلال اعداد ملفات الاستثمار وتهيئتها للمستثمرين واعداد برامج لجذب المستثمرين واعداد برامج جذب للشركات التي يمكن خصخصتها على وفق اسلوب الشركة للبيع او تحويلها الى اسهم،مع مراعاة وضع العمالة على وفق برنامج لاعادة توزيعهم او التشجيع على التقاعد المبكر مع المحفزات وغيرها، وتنمية الاعمال للشركات من خلال التدريب والتأهيل وفتح الخطوط الجديدة وتمكين مجالس الادارات من العمل على وفق معايير اقتصادية وخلق طلبات على المنتج منها.
- أما عن التشريعات المطلوبة للبدء بعملية الاصلاح الاقتصادي،فمن الضرورة اصدار التشريعات الجديدة لتوفير الاسس الجيدة لاصلاح الشركات الحكومية وتهيئة مناخ الاعمال التجارية،والتحول من خلال المادة (35) لقانون 22لسنة 1997 (الفصل التاسع)،الذي يجوز تحول الشركة العامة الى شركة مساهمة بموافقة مجلس الوزراء.
- وبخصوص تصنيف تلك الشركات فنجد ان هناك شركات مجدية اقتصاديا ممولة ذاتيا وهي تعد جاذبة وجاهزة للاستثمار،واخرى غير مقتدرة على التمويل الذاتي،ولكنها مجدية وبحاجة الى اعادة هيكلة،وشركات هجينة بحاجة الى هيكلة جوهرية وشركات لها اولوية منخفضة في الاستثمار وغير مجدية ومستمرة في اعمالها الاعتيادية او تتم تصفيتها.
- وقد سبق لفريق اصلاح الشركات العامة إعداد آلية ميسرة لتحويلها الى شركات مساهمة على وفق احكام المادة 35 من القانون المرقم 22 لسنة 1997،ومن هنا فالشركات الناشئة عن عملية اعادة الهيكلة ستتحول الى شركات مساهمة ولتصبح عاملة على وفق القانون رقم 21 لسنة 1997،وستراعي تلك الالية الاختلافات بين تلك الشركات من حيث قدرتها على ان تصبح قادرة على البقاء والعمل ذاتيا وجذب المستثمرين والشركات،وكذلك الدخول في شراكات حقيقية مع القطاع الخاص في سياق الفرص المتاحة في السوق المحلية حاليا ومستقبلا، وتحويل الشركات المملوكة للدولة الى شركات مساهمة عامة مما يسمح بتنويع الملكية لدى الحكومة العراقية.
* آفاق واسعة للقطاع الصناعي العام..
- الخبير الاقتصادي الدكتور احمد ابريهي يقول إن القطاع الصناعي الحكومي تجمد ولا يزال يراوح في مكانه بعد سنة 2003،ونحن امام قرار نتقدم فيه خطوة ثم نتراجع الى الوراء بسبب تأجيله لاكثر من مرة في تحويل شركات القطاع العام الى القطاع الخاص او تحويلها الى شركات مساهمة، الامر الذي يتطلب اعداد خارطة طريق لاعادة النظر من جديد فيه وايجاد افاق طموحة وواسعة للقطاع الصناعي العام.
- بعد سنة 2003 ومع التوجه الجديد في ضرورة التحول نحو النظام الاقتصادي الحر،الذي ينص على انسحاب الدولة من الاستثمار،على ان يبقى نطاقها ضمن توفير البنى التحتية واعمال استخراج الطاقة حصرا،بعد ان كانت هناك جهود في التهيئة لذلك في سنة 1979 في التحرك نحو الخصخصة عالميا من قبل رئيس وزراء بريطانيا في ذلك الوقت تاتشر والتي تم اسنادها من قبل مدرسة شيكاغو للاقتصاد ضمن توجه إيديولوجي حصل على الدعم الأميركي في وقتها.
*الترتيبات المؤسساتية..
- يقول الدكتور رعد يوسف التدريسي في كلية العلوم الاقتصادية إن الترتيبات المؤسساتية على وفق اسلوب نقل المهام وعملية التحويل تعتمد ثلاث مراحل تطور مؤسساتية بنحو المرحلة الحالية التي تتطلب انشاء وحدات اعادة الهيكلة التي تضم اعضاء من الوزارات المعنية بحسب اختصاصاتها،اذ تكون مسؤولة عن سلسة مهام منها تنمية القدرات والتقييم والموافقة على ملفات الاستثمار واعداد خطط الخصخصة ومخططات الشركات العامة والخاصة وتقييم الاصول والتخفيف من الاثار الاجتماعية السلبية.
- اما المرحلة الانتقالية فتشكل فيها لجنة اعادة الهيكلة التي ستقوم بمهام فرق الدعم لاعادة الهيكلة وتنسيق الجهود مع وحدات اعادة الهيكلة في الوزارات المعنية،اما المرحلة الاخيرة فتتضمن تشكيل هيئة تحويل الشركات ضمن مجلس الاصلاح الاقتصادي كمؤسسة تقوم في نهاية المطاف بتوجيه وادارة اعادة هيكلة الشركات المملوكة للدولة وعمليات الخصخصة بشكل كامل.
* مسؤولية الحكومة خلال المرحلة الانتقالية
- ستكون مهام ومسؤوليات الحكومة خلال المرحلة الانتقالية ادخال ادوات واليات تهدف الى تحفيز الطلب في السوق على المنتجات والخدمات التي تقدمها الشركات الحكومية على وفق اسس تنافسية،وتهيئة مناخات للابتكار والانشطة القائمة لتحقيق التنمية المستدامة، وتبني تشريعات لتحويل الشركات وتعديل ادوارها المتعلقة باقتصاد الدولة والنظام الضريبي على نحو يفضي الى تعزيز التمويل الذاتي وإحلال الواردات الكافية من خلال الضرائب والنظم الجمركية،وكذلك دعم الوزارات والمؤسسات الاخرى في صياغة وتنفيذ استراتيجيات وسياسات التنمية للقطاع،واعداد التدابير المطلوبة لاستيعاب الفائض من الموظفين وخلق فرص العمل.
* رؤية وزارة الصناعة للإصلاح الاقتصادي المطلوب
- يقول عامر احمد التميمي رئيس دائرة التطوير والتنظيم الصناعي إن وزارة الصناعة والمعادن لديها 75 شركة عامة تعمل باسلوب التمويل الذاتي،فضلا عن هيئتين هما،الهيئة العامة للتدريب والتأهيل،والهيئة العامة للبحث والتطوير الصناعي والمديرية العامة للتنمية الصناعية الممولة ذاتيا هي الاخرى،وتتوزع الشركات العامة على قطاعات صناعية تخصصية هي الصناعات الهندسية والإنشائية والبتروكيماوية والكيميائية والغذائية والدوائية والنسيجية والخدمات الصناعية،كما اضيفت للوزارة عشر شركات عامة كانت تتبع هيئة التصنيع العسكري (المنحلة).
- وتتمثل رؤية الوزارة في النهوض بواقع القطاع الصناعي بأكمله وتأهيله وتحديثه والتوسع فيه ليأخذ دوره المطلوب في تنويع مصادر اقتصادنا الوطني من خلال بيئة تنمية الأعمال التي تحقق النمو والابداع بصورة تنافسية،على وفق توجهات منها قصيرة الامد تمتد لسنتين ويتم التركيز فيها على الاخذ بيد الشركات العامة في نهاية هذه السنتين وزيادة قدرتها على تغطية جميع نفقاتها من خلال الايرادات، وتوجهات متوسطة المدى تمتد لاربع سنوات تهدف الى اعادة هيكلة الشركات المملوكة للدولة والتحول نحو اقتصاد السوق،وتوجهات بعيدة المدى تمتد لتسع سنوات تهدف الى تنمية القطاع الصناعي وإعادة تنظيمه وخلق البيئة المؤسسية والتشريعية المطلوبة لتولي القطاع الصناعي الخاص قيادة النشاط الصناعي وممارسة هذه القيادة على ارض الواقع.
* شراكة اقتصادية مع القطاع الخاص المحلي والأجنبي
- ويقول التميمي إن هناك أوجها عدة لبناء تلك الشراكة مع القطاع الخاص المحلي والاجنبي من خلال الشراكة في الانتاج والارباح،وتأسيس شركات مساهمة بين شركات القطاع العام والمساهمين من القطا ع الخاص،اذ تلعب شركات القطاع العام دور الشركات القابضة،وتحديد فرص الاستثمار ذات الجدوى الاقتصادية وعرضها امام القطاع الخاص للاستثمار، لتأسيس شركات خاصة بالمشاركة مع القطاع الخاص، مع ضرورة الاتصال المباشر بالشركات العالمية لإتمام الصفقات الاستيرادية من خلال وسطاء.
- وكذلك تنمية القطاع الخاص وتشجيع المشاريع الصغيرة والمتوسطة وبناء المناطق الصناعية،فضلا عن تنمية الموارد البشرية وبناء القدرات والتوجيه بنقل وسائل التكنولوجيا الى المعامل الصناعية وتشجيع الابداع في العمل،وكذلك تفعيل دور المحاسبة على الاداء ووضع الخطط الاستثمارية وتطبيق مبادئ الحوكمة واعتماد الشفافية والاعلام في التفاعل مع المجتمع،وخلق بيئة تمكن من تنمية الأعمال وإعادة الاستراتيجيات والسياسات الصناعية من خلال التشريعات وسياسات الإقراض واصلاح المصارف وإعداد الاستراتيجية السياسة والصناعية المطلوبة.