قيس إدريس
دخل حسين الرحال سلك الوظائف الحكومية بعد أن بلغ العشرين من العمر, إذ عمل في وظائف مختلفة ودوائر حكومية متعددة, ولكونه إنساناً عصامياً عليه بعض المسؤوليات العائلية كان الرحال مشغولاً في تحسين وضعه المالي, إذ كان في بعض الأحيان يتولى وظيفتين في آن واحد, وأن إمكانياته اللغوية والفكرية قد جعلته شخصاً مرغوباً به في تلك الدوائر.
عُين حسين الرحال لأول مرة في 27 أيلول 1921 مترجماً في دائرة "الكمارك والمكوس" ببغداد وأستمر في عمله هذا حتى 13 تشرين الأول 1925, وفي المدة ما بين (1 كانون الأول 1925 – 23 كانون الثاني 1926) عمل مترجماً في وزارة الداخلية, وأستمر بعمله مترجماً ولكن في مقر الجيش بوزارة الدفاع في المدة (23 كانون الثاني 1926- 14 تشرين الثاني 1927).
نُقل إلى وزارة المالية ليعمل مترجماً في مديرية "الأملاك الأميرية العامة" في المدة ما بين (15 تشرين الثاني 1927 - 30 نيسان 1930), ثم مترجماً في مديرية "الواردات العامة" من (1 أيار1930 - 15 آذار 1931). إذ تم إنهاء خدماته الوظيفية بسبب الغاء تلك الوظيفة وخصص له نصف راتب لحين إعادة تعينه, ونتيجة لإتقانه اللغة الإنــكـليزية أعيد تــعينه مترجماً في وزارة الخــارجــية فــي الــمــدة (11 نــيســان 1931 – 30 تموز 1931).
نُقل خدماته إلى وزارة الداخلية ملاحظاً في شعبة الترجمة في الوزارة من 30 تموز 1931 إلى 1 آذار 1933, وعلى الرغم من غلق الشعبة المذكورة بقيَّ حسين الرحال ملازماً لعمله الوظيفي إذ عمل مترجماً في وزارة الداخلية في المدة ما بين (28 تشرين الأول 1933 - 27 حزيران 1935), ثم ملاحظ شعبة الإدارة في الوزارة نفسها من 27 حزيران 1935 إلى 19 آذار 1936, ثم مترجماً في وزارة الخارجية للمدة (19 آذار 1936 – 23 كانون الثاني 1937), فملاحظ المطبوعات الخارجية في مديرية "الدعاية العامة" التابعة لوزارة الداخلية في المدة (24 كانون الثاني 1937- 31 آذار 1937). (مديرية الدعاية العامة: ظهرت تلك المديرية لأول مرة عام 1935 يدير أعمالها مدير يرتبط مباشرة بالوزير, ومن أهم واجباته ملاحظة منح الإجازات للصحف والمجلات والمطابع ومراقبة تطبيق قانون المطبوعات والمطابع, ومراقبة الكتب والمجلات والصحف التي ترد من الخارج وما يطبع في العراق من الكتب ونشر الجريدة الرسمية, وتزويد الصحف بالمعلومات اللازمة, وتنمية الشعور الوطني, وبث الأخلاق والآداب والاهتمام بالدعاية للعراق في الخارج, وكانت تسمى مديرية الدعاية والنشر, وفي بداية عام 1939 تغيرت تسميتها إلى مديرية الدعاية والنشر والإذاعة, وفي تشرين الأول 1939 ألغيت هذه المديرية وحلت محلها مديرية الدعاية العامة بهدف تطوير المؤسستين الدعاية والإذاعة, وجعلها تواكبان المؤسسات المناظرة لهما في الدول العربية والأجنبية).
بالرغم من تدرجه الوظيفي المدني فكان للرحال من قانون الخدمة العسكرية الإلزامية نصيب منه ليلتحق بدورة ضباط الاحتياط في 1 نيسان 1937, وأكمل الدورة في 27 أيلول 1939, وأصبح بعدها رئيس شعبة المطبوعات الخارجية في دورة ضباط الاحتياط في المدة (28 أيلول 1939 - 23 كانون الأول 1939), ثم رئيس شعبة المطبوعات الأجنبية في وزارة الداخلية (24 كانون الأول 1939 - 11 آذار 1944).
وخلال المدة ذاتها عمل ملاحظاً في "إذاعة بغداد", وقد أقترح في عام 1943 تشكيل فرقة موسيقية خاصة بحفلات الإذاعة سميت بفرقة "أخوان الفن", وتألفت من ستة أفراد, وكذلك قام حسين الرحال باختيار "فكتوريا نعمان" مذيعة في إذاعة بغداد بعد أن سمعها وهي تلـقي كـلمـة في حـفلة بـكـلـية الحــقوق فأعـجـب بإلـقـائها مـما جـعـله يدعـوهـا للعمـل فـي قـسم الأخـبـار بإذاعة بغداد, وبهذا أصبحت أول مذيعة عراقية في عام 1943.
تولى حسين الرحال بعد ذلك وظيفة رئيس شعبة المطبوعات الخارجية في وزارة الداخلية للمدة (12 آذار 1944 – 9 شباط 1945), وفي 10 شباط 1944 أصبح مديراً للإدارة في أمانة العاصمة بغداد, وأستمر حتى 1 آب 1947, ثم أصبح رئيس شعبة الإدارة في مديرية الدعاية العامة (2 آب 1947 – 23 آذار 1948), ثم مديراً للإذاعة في مديرية الدعاية العامة (24 آذار1948 – 9 حزيران 1948), وتولى المنصب نفسه وكالة في المدة (10 حزيران 1948 - 11 تشرين الأول 1948).
كان السيد "أرشد العمري" غير مقتنع بأصوات المذيعين آنذاك، لذا طلب من مدير الإذاعة حسين الرحال أن يكون اختبار المذيعين بحضور العمري شخصياً, وقد تم الاختبار ولم ينجح سوى ثلاثة منهم. وخلال المدة ذاتها تولى حسين الرحال منصب أمين العاصمة وكالةً، وقد فتح باب التعيين الوظيفي أمام الشباب ووافق على تعيين أكثر من (200) مائتي شاب.
وبعد ذلك أصبح وكيلاً لمدير الدعاية العام (12 تشرين الأول 1948 - 2 أيار 1950), وفي الثالث من أيار 1950 تولى حسين الرحال منصب مدير الإدارة المــحلــية فـي ديوان وزارة الداخلية إلى الثامن والعشرين من شباط 1953, وعين بعدها رئيساَ لتسوية حقوق الأراضي للجنة الثالثة عشر في الكوفة ما بين (1 آذار 1953 - 12 تموز 1954).
نـقلـت خـدمـات حـسين الرحـال إلى مـجلس إدارة مصـلحة الــسكك الــحديدية بوظـيفـة سكرتـير, فـي مديـرية السـكـك الحـديدية الـعـامـــة التابعــــة لوزارة المواصلات والأشغال ما بين(13 تموز 1954 - 8 تموز 1955)، ومن ثم سكرتيراً عاماً لمجلس إدارة السكك (9 تموز 1955 - 31 أيار 1961)، وخلال المدة نفسها تولى وظائف أخرى وكالةً منها مدير الأراضي لثلاث مرات (16 تموز 1956 - 5 آب 1956), (16 آب 1956 - 15 أيلول 1956), (1 كانون الأول 1956- 6 كانون الأول 1956). كما تولى وظيفة رئيس التدقيق وكالةً في المدة(1 تموز 1957 - 28 أيلول 1957).وكانت تلك آخر وظيفة أداها حسين الرحال, إذ أحيل إثرها على التقاعد.
ومن خلال الاطلاع على سيرة حسين الرحال الوظيفية نلاحظ كثرة تنقلاته بين وظائف مختلفة وفي عدة وزارات (الداخلية, الخارجية, المالية, المواصلات), ويبدو أن أصرار حسين الرحال على بث ونشر أفكاره الماركسية قد جعله يثير مخاوف السلطات الحكومية من أن يؤثر على زملائه الموظفين إذا بقيَ لمدة طويلة في نفس الوظيفة, ما دفع تلك السلطات على إيجاد المتاعب له ونقله بين دوائر ووظائف مختلفة ولمدة قصيرة للحيلولة دون أن يتمكن من نشر ما يحمله من أفكار وآراء. إذ تم تغريمه وتوجيه التهم إليه، أتُهم من قبل مدير الدعاية العامة, بأنه زَوَرَ الأوراق الرسمية إلا إنه تبينَ بأنها مجرد وشاية ودليل ذلك استمرار حسين الرحال بعمله الوظيفي. وقد يكون ذلك بسبب نشاطه الماركسي.
عن رسالة: حسين الرحال ونشاطه الفكري في العراق
(1901 – 1971)