البورصة  العراقية.. هـــل هـــي ســـوق للمضــاربــــة؟

البورصة العراقية.. هـــل هـــي ســـوق للمضــاربــــة؟

ثامر الهيمص
بنسبة 70% تقدمت بورصتنا على دول المنطقة بحجم التداول المالي وهذا يثير الحسد ولكن لا ينسجم مع قول ذوي الاختصاص بأن سوق العراق للأوراق المالية مازال بحاجة الى مزيد من التطوير بالتوازي مع مسار تنموي حقيقي للقطاعات الاستثمارية لمجمل الاقتصاد الوطني.

ويوصف هذا السوق بأنه سوق للمضاربة وليس للاستثمار، إضافة الى محدوديته البالغة فان خمسين شركة واغلبها تعود للمصارف. أما الـ (15%) التي تمثل حجم التداول واتساع مشاركة الأجانب فهذا يبدو تحصيل حاصل تعاقدات الحكومة مع الشركات الأجنبية و ليس بناء على تعاقدات القطاع الخاص صاحب السوق.
في ضوء الاتجاهات الجديدة وبعد التحولات نحو اقتصاد السوق نظريا" أي كما ورد في الدستور والعهد الدولي. لاشك أن من ضمن الأولويات هو وجود سوق للأوراق المالية.
وتجارياً وهذا عمليا" لم يحصل لاعتبارات متعددة لعل أبرزها الفساد وأهمية بقاء القطاع العام حيث الانتقال الى اقتصاد السوق يقتضي أولا، الخصخصة، وكذلك الشركات الحكومية الزراعية والصناعية أن تتجه نحو الخصخصة. أما من ناحية الاستثمار الذي هو السبب الأول والأخير في رفع الأسهم والسندات في البورصة لاعتبارات سياسية مع ثبات آليات ومعطيات الاقتصاد الريعي النفطي أي إننا لسنا في عجلة من أمرنا نحو الخصخصة أما من ناحية الاستثمار الذي هو السبب الأول والاخير في رفع الأسهم والسندات في البورصة فأنه ما زال مرتهناً.
أذاً فهذه الـ 70% تعكس حالة ظريفة كما يقول مستشار البنك المركزي. أي أنها مرتبطة بالريع النفطي. وعندما نقارنها ببعض دول الجوار التي تعيش الربيع العربي وتوتراته أو تداعيات الازمة المالية الدولية. لذلك فأن تفاؤلنا هو خارج قواعد اللعبة في البورصات التي ترتكز على اقتصادات لها خبرة في اقتصاد السوق والياته الإقليمية والدولية.
وبما أن بورصتنا وجدت تتقاذفه العوائق الأمنية والفساد مع القوانين القديمة منها مثلا" المادة 28 من قانون المصارف بمنعها الدخول في عمليات استثمارية. كما أن بورصتنا سيدها هو المصارف الأهلية التي تعوم أسهمها فيها. وهذه المصارف لا تشكل موجوداتها أكثر من 5% من موجودات القطاع العام المصرفي.
ونضيف من الشعر بيت،أن المصارف الأهلية هي عائلية أي أن عملية انفتاحها وتعويمها لم تعد سهلة كذلك عمليات اندماجها لكي ترتفع الى ربع مليار دينار كما يحددها البنك المركزي وحسب علمنا أن هناك أسهماً قيمتها أقل من (دينار).
إضافة لما تقدم فأن السوق المالية هي مرآة الاقتصاد المنتج ولاشك أننا بلد متقدم جدا" في عجزه بين الاستيراد والتصدير. والإنتاج الزراعي والصناعي بحدود (6%) من الإنتاج الوطني. إذاً فهذه الـ 70% تعكس حالة ظرفية كما يقول مستشار البنك المركزي أي أنها مرتبطة بالريع النفطي. وعندما نقارنها ببعض دول الجوار التي تعيش الربيع العربي وتوتراته أو تداعيات الأزمة المالية الدولية. لذلك فأن تفاؤلنا هو خارج قواعد اللعبة في البورصات التي ترتكز على اقتصادات لها خبرة في اقتصاد السوق والياته الإقليمية والدولية. وبما أن بورصتنا وجدت
نفسها هكذا وهذا ليس ذنبها أنها لا تعبر بدقة عن الآليات التقليدية لعمل البورصات، لذلك لابد من توفر شروط داخلية على الأقل لترتكز عليها نعتقد هي ما يأتي: ـ
أولا") وضع خارطة طريق واضحة المعالم ودقيقة من خلال دراسات وأبحاث رصينة والاستفادة من تجارب ناجحة، وذلك بدفع شركات التمويل الذاتي الحكومية للدخول الى البورصة أي بتقديم اسعار أسهمها، لكي تكون جاهزة على الاقل للخصخصة أي أن أقيامها معروفة من خلال أسهمها والتزاماتها.
ثانيا") الضغط على الحكومة لإلغاء المادة 28 من قانون المصارف لفتح الطريق أمامها للاستثمار وليس للعمل التجاري وحتى بالنسبة للمصارف الحكومية المتخصصة (تعاوني زراعي و صناعي عقاري) كون هذه الخطوة ترفع وتيرة الاستثمار الذي هو سبب نجاح البورصة كمعبرة حقيقية عن اقتصاد منتج.
ثالثا") المساهمة في دفع المصرف الصناعي للمساهمة في الاستثمار في المعامل المتوقفة والشركات وكذلك دفع المصارف الأهلية لتعظيم الاستثمار في هذا الميدان. بعد حماية المنتج العراقي، بشتى الوسائل واهم شرط لذلك هو الإعلان عن أسهم المعمل المتوقف أو الشركة، متواكبا مع عملية المبدأ بالاستثمار ما يعزز مركزه ماليا".
رابعا") العمل على دفع المصارف الأهلية والزراعية الحكومية لتمويل مشاريع الزراعة الستراتيجية على شكل شركات. حيث أننا لدينا طلب متزايد مثلا" على الحنطة لا يقل عن مليوني طن سنويا". أي هناك جدوى اقتصادية مؤكدة. فالبورصة من موقعها كسوق للأوراق المالية تستطيع أن تدفع هذا الاستثمار وتكون رائدة فيه بدلا" من أن يذهب لبورصات الدول المصدرة ومجالس الحبوب وأسواقها التي أصبحت أيضا" بورصات.
وبما أن الحكومة اتفقت مؤخرا" مع بنك (T. P. H. H) لتطوير سوق العراق للأوراق المالية. مما يعني أن السوق رغم استقلاله فأن ذراع الحكومة تطالبه بالمساعدة المالية والفنية.
ونأمل من البنك أعلاه أن يكون ذات طابع فني وليس مجرد ممثل لاقتصادات ومصالح بلده لتكريس حالة الاقتصاد الريعي العراقي. ولدفع البنك باتجاه خدمة خارطة طريق لم يألفها أو يكون مضطرا" للإبداع فيها ويكون تفاؤلنا حقيقيا" وليس فقاعة موسمية.
ولكي لا تتحول بورصتنا إلى مجرد صالة مضاربات للمضاربين المحترفين.