هل تذكرون ياس علي الناصر؟

هل تذكرون ياس علي الناصر؟

ليث الربيعي

في الأربعينيات شرع أثرياء الحرب بتكوين الشركات السينمائية وكان أولها (شركة أفلام بغداد المحدودة) التي أجيزت في عام 1942 ولم توفق في إنتاج أي فيلم. وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية، بدأت صناعة الفيلم في العراق، ولم يحالفها الحظ في دخول الإنتاج إلا في العام 1946 بإنتاج أول فيلم عراقي من قبل مجموعة من الشبان المتحمسين للسينما الذين أسسوا (شركة أفلام الرشيد العراقية-المصرية).

وكان الفيلم (ابن الشرق) الذي أخرجه (إبراهيم حلمي) وعرض خلال أيام عيد الأضحى المبارك في20/11/ 1946 في سينما الملك غازي، دفع نجاح فيلم (ابن الشرق) إسماعيل شريف صاحب سينما الحمراء في بغداد بالتعاون مع اتحاد الفنانين في القاهرة الذي يضم المخرج احمد بدرخان, والمصور عبد الحليم نصر, والماكيير آنذاك حلمي رفله إلى إنتاج فيلم (القاهرة- بغداد) الذي قام ببطولته عميد المسرح العراقي حقي الشبلي أمام الفنانة مديحة يسري، وعرض الفيلم في بغداد لأول مرة في 10/3/1947 في سينما الحمراء. كان لنجاح هذين الفيلمين صداه عند عدد من المستثمرين الذي انشئوا أول أستوديو سينمائي في العراق هو (أستوديو بغداد) وكان باكورة أعمالهم فيلم (علية وعصام) المستوحى من قصة روميو وجولييت ولكن بأسلوب بدوي، واشترك في التمثيل إبراهيم جلال وعزيمة توفيق وجعفر السعدي وأخرجه الفرنسي اندريه شوتان، وصوره جاك لامار، وعرض الفيلم لأول مرة في 12/3/1949. في سينما روكسي، وجاءت التجربة الثانية لأستوديو بغداد مخيبة للآمال حيث فشل فيلم (ليلى في العراق) الذي أخرجه المصري أحمد كامل مرسي وعرض في سينما روكسي بتاريخ 15/12/1949، ويعود سبب فشل الفيلم إلى اعتماده على نجاح فيلم سابق للمطرب محمد سلمان بعنوان (لبناني في الجامعة) سنة 1947، والذي أخرجه حسين فوزي وشاركته البطولة المطربة صباح. إن هذه الأفلام اثارت بعض الشبان الذين اطلعوا على أسرار هذا الفن الجميل وامتلكوا بعض المؤهلات التي تساعدهم على قيادة هذه الصناعة الجديدة. لكن بعد عرض فيلم (ليلى في العراق) أصاب القطاع الخاص الخمول ولم يستطيع أحد إنتاج فيلم يستهل فيه الخمسينات.

وفي العام 1953 استطاع ياس علي الناصر من تأسيس شركة (دنيا الفن) واعتمدت هذه الشركة على قدرات عراقية خالصة، وكان فيلمها الأول (فتنة وحسن) الذي أخرجه حيدر العمر وجرى عرضه في 20/6/1955، وأدى نجاح هذا الفيلم إلى تشجيع هواة السينما وأصحاب رؤوس الأموال على تأسيس شركات سينمائية والشروع بإنتاج الأفلام، وكان أول هذه الأفلام فيلم (وردة) إخراج وسيناريو يحيى فائق، وبعد إنتاج هذا الفيلم بدأت تظهر أفلام قليلة ذات مضامين رمزية وإنسانية مثل فيلم (ندم) الذي بدأ تصويره عام 1955 وعرض في عام 1956 وهو من إنتاج شركة سامراء، وبطولة حسين السامرائي وعزيمة توفيق وقصة وسيناريو وإخراج عبد الخالق السامرائي، وفيلم (من المسؤول) الذي بدأ تصويره عام 1956 وعرض لأول مرة في أيلول 1957 وهو من إنتاج شركة سومر للسينما، كتب السيناريو له وأخرجه المخرج عبد الجبار ولي توفيق عن قصة الكاتب العراقي أدمون صبري، ويعد هذا الفيلم واحداً من أهم الأفلام العراقية ونقطة مضيئة في تاريخها، لأنه أول فيلم تناول الواقع العراقي بأسلوب واقعي، وتعرض للواقع الاجتماعي المنهار والمشاكل التي يرزح تحتها الإنسان المسحوق في الخمسينات.