آمال الزهاوي.. رحيل عراقيّ

آمال الزهاوي.. رحيل عراقيّ

مروان الجبوري

لم يكن سهلاً على آمال الزهاوي (1946 – 2015) أن تشقّ طريقها، كشاعرة، في عراق الستينيات والسبعينيات المحافظ. الشاعرة التي رحلت عن 69 عاماً في إحدى مستشفيات بغداد بعد معاناة مع المرض في السنوات الأخيرة، استطاعت، مع رفيقات دربها كعاتكة الخزرجي ولميعة عباس عمارة وأخريات، استكمال ما بدأته نازك الملائكة، من فتح لكوّة نسائية خاصة في معمار الثقافة العراقية.

بعيداً عن التنميط أو القولبة التي يصر بعضهم على حشر الأدب النسائي فيها، كتبت الزهاوي قصائدها في الغزل والسياسة والثورة والميثولوجيا والتصوف. كان شعرها، بدءاً من عناوين مجموعاتها، بوصلة لوجدانها الباحث عن الحرية والحقيقة والمتخم بأسئلة كبرى. "الفدائي والوحش"، ديوانها الأول، صدر عام 1969 مليئاً بهموم الثورة الفلسطينية وتطلعات الشعوب العربية حينها. العناوين الأخرى لنتاجها الإبداعي حملت الكثير من النبوءات المليئة بالقلق: "الطارقون بحار الموت" (1970)، "دائرة في الضوء ودائرة في الظلمة" (1975)، "إخوة يوسف" (1979)، "التداعيات" (1982)، "يقول قس بن ساعدة" (1986). أما في "الشتات" (2000)، فقد دوّنت مأساة الحصار على العراق وما تبعها من مسخ للشخصية العراقية تحت وطأة الجوع والعزلة.

بعد الاحتلال الأميركي، صدر لها ديوان "آبار النقمة"، وجاء مترعاً بمفردات الدم والموت والحرب. ربما أرادت أن تقول فيه كشاعرة مخضرمة عاصرت الانقلابات والأحداث السياسية الدامية في العراق لخمسة عقود حينها إن "لعنة النفط" كانت أقوى من أصوات العقل والحكمة، وإن موجة الخراب كانت أعتى من أحلامها هي وأبناء جيلها.

أما في ديوانها "فيوضات آمال الزهاوي"، فقد طرقت باب التصوف لائذة بروحانيته الممتزجة بالتجربة والكشف، والمنفتحة على عالم الإنسانية اللاماديّ.

استطاعت آمال الزهاوي أن توظف رؤيتها الفنية في قصائد كسرت أطواق العمود الشعري والذكورية في آن معاً. صحيح أنها تأثرت بنازك الملائكة؛ لكن كان لها، في المقابل، لمستها الخاصة ولغتها المفعمة بالرمزية والمستوحاة من الأساطير الرافدينية والعربية كما في ديوانها "نجمة سومرية".

وبقدر ما كانت حبيسة الشجن والتراجيديا العراقية الأزلية، كانت ملتصقة بهموم الناس، تعتقد أن الشعر يجب أن يكون "مرآة للمجتمع". هكذا، نبضت قصائدها بمشاعر البؤساء وهموم الثورة وتقلبات السياسة.