حسين الكرخي
يا غلي بورك:
بتفخيم اللام ، من التركية ، (ياغ) دهن، و(لي) أداة النسبة، والبورك من المعجنات المعروفة ، وكانت شائعة في بغداد ،وتباع في الحوانيت ومن قبل الباعة الدوارين، داخل صناديق زجاجية منشورية أو هرمية يحملونها فوق رؤوسهم ،
ويصرخون (ياغلي بورك) وعند الطلب يضعون صندوق بضاعتهم (جامخانة) فوق حامل خشبي بشكل الحرف الإنكليزي (X) يحملونه معهم ويخرجون العدد المطلوب ، ومن معاني (البورك) الجبس ، وهو مسحوق ابيض سريع التصلب إذا خلط بالماء، ويستعمل في تبييض الغرف وصب التماثيل والزخارف وغيرها.
والكلمة إنـكﻠـيزية الأصل (BORAX) ، ومن كلمة ياغ (الياغدان) وهو المزيتة ، ومن ألقابهم (ياغچي) وكان من زملائي في السكك الحديد (يوسف الياغچي) .
يَنكي دنيا ، لنكي دنيا:
تركية محوّرة من (يني دنيا) ،بمعنى (الدنيا الجديدة) ، وهي ثمرة لذيذة الطعم ، كثيرة الماء ، برتقالية اللون، بحجم البرقوق وبشكل الكمثرى ، لها نواة كبيرة ، بلون قهوائي غامق، دخلت العالم القديم من القارة الأمريكية التي اكتشفها البحار الإيطالي (كريستوفر كولومبس) في اليوم الثاني عشر من تشرين الأول عام 1492م ، وكانت تعرف باسم الدنيا الجديدة أو العالم الجديد .
وفي بغداد صدرت عام 1933م جريدة نصف أسبوعية باللغة التركية باسم (يني عراق) ، أي العراق الجديد ، وكانت تطبع في (مطبعة الكرخ) .
وفي الأربعينيات ظهرت في أسواق بغداد سجاير تركية الصنع ، تحمل أسم (ينيجة) بمعنى جديدة .
و(الينيچيرية) أو الانكشارية ، تعني العسكر الجديد ، اسسه السلطان العثماني (أورخان غازي) وفرقة الانكشارية، كان لها مركز ممتاز بين فرق الجيش العثماني ، وكان أفرادها يربون تربية خاصة منذ حداثتهم على الولاء المطلق للسلطان، ويتلقون تدريبا عسكرياً دقيقاً ، وقد ظفرت الانكشارية بسلطة كبيرة فكانت تنصب السلطان وتخلعه كما تشاء ، ولما أصبحت خطراً على أمن الدولة ، قضى السلطان محمود الثاني عليها في مذبحة جرت باستنبول سنة 1826م (الجزء الأول من الموسوعة العربية الميسرة) وجاء في (تاريخ العراق بين احتلالين 6/291) بتلخيص: أمر السلطان بالقضاء عليهم وقتل منهم ألوفاً ، وقبورهم قرب (وادي العوسج) إلى جهة خانقين ، كانوا – بادئ الأمر – واسطة تقدم الترك ونجاحهم ، ثم طغوا ، وجرّوا المصائب على الدولة ، حتى كادوا أن يقضوا عليها ، لولا أن تداركها السلطان بنظامه الجديد ، فعادت إلى سابق عزه ومجدها ، وكانت الدولة قد أسست (العساكر المنصورة المحمدية) فتذمر (الينيچيرية) وثاروا ، فكان ذلك سبب تصفيتهم ، والقضاء عليهم.
يصوصي:
من صوت وصوصة العصافير ، كناية عن الفراغ والخلو، كقولهم: (قصدت المكان الفلاني فوجدته يصوصي، أي أنه خال إلا من وصوصة العصافير ، ويرادفها في المعنى (وچوچة) ، ومثلها (يصفر) من صفير الريح ، ومنه (الصفر) في الحساب ، جاء في الحديث الشريف: (إن أصفر البيوت من الخير البيت الصفْر من كتاب الله تعالى) و(بيت صفر من المتاع) و(رجل صفر اليدين) أي خالي اليدين من المال، وأصفر: افتقر ، وشهر صفر فيما تزعم العرب ، إنما سمي بهذا الاسم كناية عن الجوع الذي يعض بطن الإنسان ، والله أعلم ...
يَمَني:
اليمني: الخف الأحمر ، الذي كان يحتذيه البغادة قبل نصف قرن ، وينسب إلى اليمن، لأنه قبل اشتهار (أحمد البنّا) في صناعته ببغداد ، كان يُجلب من اليمن ، قال الأصمعي: افتخر ابراهيم بن مخرمة يوماً بين يدي السفاح باليمن ، وكان خالد بن صفوان حاضراً، فلما أطال عليه ، قال خالد: وبعد فما منكم إلا دابغ جلد أو ناسج برد... الخ .
قال الكرخي في وصف (يمنّيه) المسروق:
وجهه ينطي موجـه مهـيّش بتهييـش
صَغْلم مو جَلَب خشكوري فاهي ميش
عمل اسطه (أحمد البنا) خفيف وريش
يصـرچ دائمـي ولا يمض بيه اخلال
مهيّش:
ملمّع بالفرشاة ، صغلم: أصلي ، جلب: مجلوب من الأصل ، مزيّف ، مقلّد ، فاهي: إن كان للون فيعني فاتح ، ميش: نوع من الجلود الفاخرة ، يصرچ: تصدر عنه أصوات رتيبة أثناء المشي ، يجزّ ، يمض: يؤثر ، خلال: الأبر والأشواك التي لا يمكن أن تنغرز في جلده المتين فتصيبه بالخلل والثقوب ، خشكوري: بالي ، تالف ، خَلَق .
هرج:
ضجة ، ضوضاء كقولهم (هرج ومرج) ، ومن معانيها البيع بالمزاد العلني ، وفي الفارسية (هراج) ، و(هرياج) اللفظة التي يصرخ بها المنادي إيذاناً ببدء المزايدة ، وفي بغداد عدة أسواق يجري فيها بيع الأسقاط والأثاث المستعملة بالمزاد العلني ، وأشهرها (سوق الهرج الكبير) الكائن في محلة الميدان و(سوق الهرج الصغير) القريب من المدرسة المستنصرية والذي أزيل لتوسيع وتطوير المنطقة . وبسبب الازدحام الشديد الذي يحصل في هذه الأسواق ينتشر النشالون و(ضرابو الجيب) .
جاء في محالات شاعر العامة: (يصير خيل اتلزّها بسوك الهرج ؟) ، وهرج يهرج في اللهجة البدوية: تكلّم يتكلّم، والمهرجاني كالخطيب المتكلّم ، والمهرجان الاحتفال وفيه يتعالى صياح الناس وضجيجهم:
مهرجاني وعارفه لرد الجواب
ذاك أبو الهادي البشيخه اشتهر
و(الهرج) بخفض الهاء والراء وحدة مساحة زراعية:
للدِمِن فدوة والدِرج
هالچان يكرُبلي هِرِج
مثله ميحلالي شِفِج
كرنة على طول الإذن
الدمن والدرج إفراز الحيوانات ، والشِفِج الثور
من أرض بغداد.
دار العلـوم
الموكب بهمـه
يعتني اليـوم
فتجيبها المجموعة الثانية:
من (أبو صالح)
انسَيْر الظعون
نزور (أبو داود)
نور العيـون
أبو صالح: كنية الشيخ عبد القادر الجيلي (الكيلاني) ، وأبو داود كنية الصحابي سلمان اشتهر بإقامة الهلاي، شباب محلة باب الشيخ ، وكنت أدركته عامين متواليين في أواخر الاربعينيات .
ومن استعمالات الكلمة بلغة البغادة قولهم (لا تسوّيلك فصول وهلايات) أي مشاكل وصياح .
لعيبي:
من الفصيح ، ولها معنيان ، الأول: لعوب ، لِعبي – أصبحت بعد التصغير لعيبي – والثاني اسم مصاغ ذهبي ، اصغر من الليرة بقليل ، يُسمى في بعض المحافظات الجنوبية ، ولا سيما في مدينة العمارة لعيبي ، نسبة إلى الذهب المعروف بأبي لعيبة ، اتخذه عدد من الناس اسماً لهم ، قال الكرخي:
كُلّي الصدك لَتْصير لِعبي وكاذب
زلفك على الوجنه حَرَس لو حاجب؟