خطوبة الملك فيصل الثاني

خطوبة الملك فيصل الثاني

وديان حيدر الدلفي

كانت من أبرز الموضوعات التي انشغلت بها العائلة المالكة بعد تتويج الملك فيصل الثاني، هو موضوع زواجه، فكان للملك مواصفات عدة لاختيار شريكة حياته ومنها أن تكون شقراء وبيضاء وذات عيون ملونة وغيرها من المواصفات.

وقد قدم بعض السياسيين والمقربين العديد من المقترحات تتعلق بأختيار بعض النساء كزوجة للملك فيصل الثاني, فمثلاًاقتراح السيد محمد الصدر على الشريف حسين زوج الأميرة بديعة إقناع الملك فيصل بزواجه من ابنة رضا خان شقيق رضا بهلوي شاه إيران الأميرة شاهيناز، وبالفعل تم مفاتحة الملك بالموضوع وأبدى موافقة أولية بالفكرة، وكما هو أن التقاليد والقيم الاجتماعية العراقية توجب الرؤيةالتعرف على الأميرة عن قرب قبل خطبتها.

وعلى إثر ذلك، سافر الملك فيصل الثاني والأمير عبد الإله والأميرة بديعة وزوجها تحسين قدري في العام 1955 إلى مدينة (كان) الفرنسية التي تقيم فيها عائلة الأميرة شاهيناز، وبعد التعرف عليها لم يحصل التقارب أو الانسجام معها كون الأميرة تعيش في فرنسا، وكانت متحررة من القيود الاجتماعية، وهذا بطبيعة الحال لاينسجم مع عادات وتقاليد العائلة المالكة. وفي تشرين الثاني من العام نفسه توجهت الأنظار إلى بنات ملك المغرب محمد الخامس وهما الأميرتين ( عائشة وزهرة) ولكن لم يكن للملك نصيب بالزواج بإحداهن وذلك بسبب كون الأميرة عائشة أكبر سناً من الملك، أما الأميرة زهرة فقد كانت صغيرة السن جداً.

وبعد مدة قصيرة حظي فيصل الثاني بإحدى الأميرات المصريات وهي الأميرة فاضلة حفيدة آخر السلاطين العثمانيين عرفت الأميرة فاضلة بجمالها الفاتن كما تميزت بأدبها وتصرفاتها وشخصيتها.

لقد كانت العلاقات العراقية – التركية في أوج ازدهارها, الأمر الذي سهل للعائلة المالكة في العراق بتوثيق علاقة الملك فيصل الثاني بعائلة الأميرة فاضلة التي ولدت في باريس عام 1940, أمها زهرة خانزاده كريمة عمر فاروق افندي نجل السلطان عبد المجيد الثاني, وابنة الأميرة صبيحة كريمة آخر السلاطين العثمانيين وحيد الدين, وقد اضطرت إلى مغادرة تركيا مع عائلتها في العام نفسه وهي ابنة أربعة أشهر, عقب صدور قرار من الحكومة التركية بإبعاد كل من ينتمي بصلة القرابة إلى عائلة السلطان العثماني, وبذلك انتقلت مع عائلتها بين نيس والقاهرة والإسكندرية, وقد تزوجت الأمير محمد علي إبراهيم في القاهرة عام 1940 ثم بدأت بعد عام 1945 بزيارة تركيا في فترات مختلفة, وبالتالي فإن الأميرة فاضلة عثمانية من جهة الأم ومصرية من جهة الأب.

كما ذكرنا إن الأميرة فاضلة ذات جمال فائق تعرفت إلى الملك فيصل الثاني في حزيران عام 1954 في حفلة أقيمت في بغداد إثناء زيارة عائلتها العراق, وكان لقاؤهما الثاني في فرنسا بعد سنة من التعارف, وفيه قررا الزواج, ثم زار الملك فيصل الثاني اسطنبول عام 1957 وألتقى فاضلة في جولة بحرية على متن يخت الأميرة خانزادة وتكررت اللقاءات وتوثقت عرى العلاقات العاطفية بينهما, فأعلنت الخطوبة في 13 أيلول عام 1957 في قصر أبو بكر في إستنبول حيث طلبت تقدم الملك رسمياً للزواج منها.

توجهت الأميرة فاضلة بعد إعلان الخطوبة رسمياً إلى فرنسا ومنها إلى لندن لتلقي دروس في مدرسة فينشيتك (School Fianshiatik) استعداداً للزواج, كما كان الملك فيصل الثاني يقوم بزيارة إلى إستنبول وزيارة خطيبته فاضلة ويقومان بزيارة بعض الدول الأوربية, وبدأت بعض الصحف والمجلات تنشر صوراً مختلفة للخطيبين, كما قامت الأميرة بزيارة بغداد مع والديها قبل قيام ثورة 14 تموز 1958 بأسابيع ثم عادت بعدها إلى مدرستها في لندن, وحدثت الثورة ووقع خبر مقتل الملك فيصل الثاني على خطيبته فاضلة كالصاعق بعد سماعها الخبر من نشرة أخبار الإذاعة البريطانية من جهاز الراديو في صالة المدرسة وقد انهمرت الدموع من عينيها وعاشت في حالة من الذهول التام لفترة طويلة.

بعد سنوات من مقتل الملك فيصل الثاني, تزوجت الأميرة فاضلة من الدكتور خيري أوركوبلو نجل رئيس وزراء تركيا الأسبق سعاد أوركوبلو ورزقت منه ولدين هما علي وسليم وعلى رغم ذلك تم طلاقها منه في عام 1965, وفي عام 1980 عملت في منظمة اليونسكو.

عن رسالة (الحياة الاجتماعية للعائلة المالكة في العراق 1921-1958).