طرائف من أخبار العراق في صيف 1913

طرائف من أخبار العراق في صيف 1913

إعداد: ذاكرة عراقية

- اشتداد الحر

اشتد الحر في أواسط تموز فبلغ الدرجة ٤٥ في الظل وفي ٢٢ منه ابتدأت الباحوراء فكان مع الحر هبوب رياح هالت علينا رملاً دقيقاً غزيراً حتى حرجت منه الصدور وحجبت السماء الغيوم مدة ثلاثة أيام ظننا أنفسنا في أيام الشتاء والسحب في أيام الصيف عندنا أعز من الكبريت الأحمر.

- الزوراء

كان مدحت باشا انشأ جريدة لبغداد يعتمد على أخبارها سماها (الزوراء) وكانت تنشر باللغتين التركية والعربية، وبقيت كذلك حتى أيام إعلان الدستور فأخذت حينئذ تبرز بالتركية فقط. - فساء ذلك جمهور أهالي هذه البلاد العربية السكان واللسان. أما الآن فقد عادت إلى لغتيها السابقتين وذلك من عددها ٢٤١٨ الصادر في ٧ شعبان ١٣٣١ الموافق لنهار السبت ١٢ تموز ١٩١٣.

- حريق في بغداد

في ٢٨ تموز شبت النار في الساعة ٥ بعد الظهر في بيت (ناوي) المرقوم بالعدد ٣٦ في الشورجة في محلة التوراة وهي من محلات اليهود ثم اندلعت لهابتها إلى دارين مجاورتين له فأحرقت بعضاً منها ولم يحضر الجند لإطفائها إلا بعد ساعة بتمامها فتمكن من خنق أنفاسها بعد حصر لهيبها بهدم ما حواليها. ومن الغريب إن جرائد بغداد لم تلمح إلى هذا الحريق مع أنها تذكر بعض السفاسف التي لا شان لها!

- وسام

أحسنت الدولة العلية إلى حضرة الفاضل الحاج الميرزا محمد رحيم البلبلي البادكوبي بوسام من الرتبة الثانية مكافأة له على خدمته للوطن والمعارف بتأسيس مكتبين في النجف وسامرآء وحث الآهلين على تلقي العلوم والآداب فنهنئ الصديق بهذه المنحة ونتمنى له الرقي والنجاح في أعماله.

ـ الأراضي الأميرية في بغداد والبصرة

اجتمع الأشراف في النادي الوطني العلمي في بغداد وعقدوا النية على مقاومة بيع الأرضين الأميرية بالمعالنات والتجمهر وبعد أن حصل المطالبون على رخصة عقد مجلس لهذه الغاية المع الوالي إلى الأستانة بما جرى فورد الجواب صريحاً بعدم بيعها وبإنشاء لائحة لتقسيمها على الآهلين. فلم يبق عذر بعد هذا للوطنيين أن بقوا جامدين في عزائمهم.

وقد فاز البصريون بما فاز إخوانهم البغداديون والأمل أن أبناء العراق يهبون من رقدتهم

ويشترون ما يتيسر لهم لكي لا يحتجوا بعد هذا على الدولة وعلى أبناء الغرب من ذوي الصولة.

- آتي

هذا اسم غريب لجريدة تركية بصرية تصدر الآن مرة في الأسبوع لصاحب امتيازها ورأس محرريها كركوكلي مكتوبي زاده عمر فوزي أفندي وقد وصل إلينا منها العدد ١٧ من سنتها الثالثة ونحن نود أن تكون عربية تركية لا تركية كلها وأن يغلب قسمها العربي على قسمها التركي. لوجودنا في بلاد عربية محضة فعسى أن يتحقق الأمل!

- الدستور

اتصل بالمصباح أن قد وردت برقية من نظارة الداخلية تفيد تعطيل جريدة الدستور البصرية وأخذ صاحبها للمحاكمة. فنأسف لهذا النبأ وعساه أن لا يصدق لما في الجريدة من الأخبار المفيدة والخدمة الصادقة للوطن وأصحابه!

الحر في بغداد

بعد أن سكن الحر نحو أواخر تموز وأوائل آب فأشتد في نحو منتصف هذا الشهر الأخير فتذكرنا قول العوام البغداديون: (آب اللهاب يشلع البسمار من الباب) وغامت السماء من اليوم ١٤ إلى اليوم ٢٦ حتى خلنا أنفسنا في أيام الشتاء واحتجبت الشمس عنا في بعض الأيام كل الاحتجاب. وأعظم حرارة وصلنا إليها كانت ٤٦ درجة من المقياس المئوي في ١٧ و٢٣ آب وذلك في الظل وعليه يكون حر بغداد قد فتر عما كان عليه سابقاً لأنه كان يبلغ الدرجة ٤٨ وبعض السنوات الدرجة ٥٠. ولما كان أوان اشتداد الحر قد مضى.فالمظنون أن حمارة القيظ قد ولت.

(النقطة (الحمى التيفوئيدية في بغداد

تفشت هذه الحمى المشؤومة في محلة النصارى أشد التفشي. وقد توفي بها بعض الناس إلا أنها تكاد تفتك بجميع البيوت بدون خطر كبير. والأطباء ينسبون استشراءها إلى الماء الذي يشربونه فإن المعينة التي تجره تستقيه من (شريعة المصبغة) والحال أن بعض الجهلة يغسلون في دجلة فوق مأخذ الماء جلود الأحذية والصوف الذي يرسل إلى البلاد والمصارين والكروش وأنواع الثياب القذرة وهذا كله ينحدر انحداراً سوياً إلى الموطن المذكور فتجره المنزحة فيشربه الأهلون وهناك الطامة الكبرى.

ـ قتل محمود شوكت باشا

قتل أحد الرعاع بطل الحرية محمود شوكت باشا البغدادي ناظر الحربية فتوفي في الأستانة

في ١١ حزيران، سلى الله أقاربه عن فقده!

- الجراد في بغداد

انتشر الجراد في حاضرتنا في نحو العقد الأول من هذا الشهر (حزيران) ولم يظهر عيثه إلا من بعد ثلاثة أسابيع فإنه أكل شيئاً كثيراً من الخضراوات والبقول والأثمار لا بل هجم أيضاً على التال (أي صغار النخل) وأوراق الأشجار والناس يخافون غلاءً جديداً. وهو قد جاءنا من جهات نصيبين قذفته إلينا الرياح الزعازع التي حدثت في أواخر أيار وأوائل حزيران.

- أبو صخير والشامية

لواء الديوانية من الألوية المهمة في ولاية بغداد لأنه لواء زرع وضرع لحسن موقعه وتجمع العشائر فيه وقد كان مركز القضاء بلدة (الشامية)<<

قبل مدة ولكن طلب بعض الموظفين نقله إلى (أبو صخير) فنقل إليه فأصبح مركزاً بعد أن كان ناحية وغدت الشامية ناحية بعد أن كانت مركز قضاء. والظاهر أن نتيجة هذا العمل جاءت على خلاف ما كان يظن لأن جباية الأموال الأميرية أصبحت فيها شاقة بعد أن كانت سهلة.

- استعفاء والي ولاية بغداد

قبلت نظارة الداخلية استعفاء محمد زكي باشا وفي صباح الثلاثاء ١٣ أيار أشيع الخبر

وتعين وكيلاً للولاية عمر لطفي أفندي معاون الوالي إلى قدوم الوالي الأصيل وقد سافر حضرته في ٢٢ أيار عن طريق حلب.

- انتحار إنكليزي في بغداد

أطلق المستر ماكنا (المعلم الأول في الباخرة مجيدية من شركة لنج) رصاصتين من مسدسه على نفسه فوقع يختبط بدمه نحو عصر نهار الاثنين ١٢ أيار ويقال أن السبب هو إنزاله عن رتبته إلى رتبة أدنى.

ـ صيدلية جديدة للبلدية في الأعظمية

نهار الأحد ٢٧ نيسان جرى رسم افتتاح صيدلية في الأعظمية وكان ذلك بحضور جمع من العلماء والأشراف والوجهاء.

- حريق في بغداد

جاءنا الصيف وجف الهواء فتيسر للنار أن تمد لسانها إلى كل ما تصل إليه وقد شبت نهار الأحد في ١٨ أيار في ثلاث دور من محلة فرج الله. وكان ظهورها من دار عبود النقاش اليهودي. ولكن بهمة الجند وغيرهم أخمدت أنفاسها. وقد قدرت الخسارة بما يقرب من مائتي ليرة ولعل في ذلك مبالغة.

مجلة (لغة العرب) المجلد الثالث لسنة 1913(تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره)