البلديات وآلية إحالة المشاريع الخدمية

البلديات وآلية إحالة المشاريع الخدمية

محمد صادق جراد
أكثر ما تعانيه المشاريع الخدمية في العراق هو عدم الالتزام بمواعيد الانجاز من قبل الشركات المعنية إضافة إلى تدني مستوى المواصفات المطلوبة وعدم توافقها مع ما تم الاتفاق عليه مع الجهة الرسمية وحسب ما جاء في العقد الذي تم بموجبه إحالة المشروع،

إضافة الى وجود الكثير من المعوقات الأخرى لتكثر ظاهرة المشاريع نصف المنجزة والمتوقفة لأسباب مختلفة.
وتجد الجهات الحكومية صعوبة في السيطرة على المعوقات والمشاكل التي تؤدي إلى هذا التأخير وسوء مستوى المواصفات لضعف الرقابة وغياب القوانين الصارمة التي تحاسب هؤلاء في ظل التغاضي من بعض الجهات المسؤولة ربما لوجود مصالح متبادلة مع الشركات المنفذة للمشاريع او لوجود الفساد الإداري والمالي في أروقة البلديات والذي اعترفت به الوزارة وعن تدني مستواه اليوم الى مستويات منخفضة عما كان في بداية التجربة العراقية.
وتمتلك وزارة البلديات ما يقارب 360 بلدية تتوزع على محافظات العراق ويرصد لها في كل عام المبالغ الضخمة من اجل الشروع في إقامة المشاريع الخدمية الأساسية التي يحتاجها المواطن العراقي في مهمة ليست بالهينة وذلك بسبب غياب هذه المشاريع عبر العقود الماضية والحاجة الكبيرة لها سيما في بعض المحافظات التي شهدت غياب الرعاية والاهتمام بصورة متعمدة.
واليوم تنطلق المشاريع الخدمية لتعويض المحافظات ومواطنيها عن المعانات التي رافقتهم لفترة طويلة، وبالتأكيد فان الأمر سيكون بحاجة الى وضع الخطط الإستراتيجية طويلة المدى والخاضعة للدراسات التي يضعها المختصون والخبراء والتي تعتمد الأسس العلمية الدقيقة، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالمشاريع الكبيرة حيث تكون أكثر حاجة للخبرات الأجنبية في التخطيط والدراسة وربما التنفيذ ايضا.
ما حصل في العراق ومنذ انطلاق حملة الإعمار أن معظم المشاريع التي حصلت على الأولوية في التنفيذ قد أحيلت الى شركات محلية لعدم تكامل المشروع الاستثماري وعدم نضوج التشريعات التي تسمح للمستثمر الأجنبي بالدخول في منافسة المستثمر المحلي ليحصل الأخير على حصة كبيرة من المشاريع بالرغم من حداثة التجربة لدى البعض وقلة الخبرات قياسا بالمشاريع الكبيرة التي أحيلت لها حيث تحتاج الى الخبرات العالمية والدراسات العلمية.
وهذا ما يميز المستثمر الأجنبي الذي اكتسب الخبرات من خلال التجارب العملية وتنفيذه مشاريع عديدة عبر تاريخ طويل ومعروف فضلا عن اعتماده على الشركات المعروفة في وضع المخططات الرئيسة للمشاريع الإستراتيجية.
وبالرغم من تشجيعنا للشركات المحلية الا ان المعوقات الكثيرة التي تواجهها منذ بداية التجربة الديمقراطية في العراق تجعلها تواجه الكثير من المعوقات واهمها عدم التواصل مع التطورات العلمية الحاصلة في العالم وغيابها عن مواكبة الثورة العلمية والعمرانية وذلك بسبب العزلة التي كان يعيشها العراق في زمن النظام السابق إضافة الى الحصار والعقوبات الدولية التي حرمت العراق من هذا التواصل في جميع مجالات الحياة.
ومن المشاكل الأخرى التي يعانيها المشروع العمراني في العراق هو الفساد الإداري والمالي الذي،ورثته المؤسسات العراقية عبر السنوات الماضية والذي وجد أرضية مناسبة بعد سقوط النظام للتنامي والانتشار أكثر وأكثر ليساهم في تعطيل عجلة الإعمار.
الرسالة التي نريد إيصالها للجهات المسؤولة مفادها بأن العراق اليوم بعد ان خرج من الحروب المدمرة والمقاطعة الدولية أصبح يعاني من تدمير بنيته التحتية بصورة كبيرة،وان التجارب العالمية أثبتت ان الدول التي مرت بنفس التجربة قد استعانت بدول متقدمة علميا في إعمار هذه البنية المدمرة. ونحن اليوم بحاجة لشركات ذات كفاءة عالية ومعروفة بخبرتها ونزاهتها لتنفيذ المشاريع التي تسهم في بناء العراق وان تكون آلية إحالة ومنح المشاريع آلية تعتمد الكفاءة والنزاهة والخبرة وليس شيئا آخر وفي نفس الوقت اختيار القطاعات المهمة في الإنفاق الحكومي على المشاريع وحسب الأولوية والتسلسل الصحيح فلا نقوم بتنفيذ مشاريع اكساء الأرصفة ثم نأتي بعد حين لنحفرها لنمد المجاري او التأسيس لشبكات الهاتف!!، إضافة إلى ضرورة العمل الرقابي لمتابعة تنفيذ المشاريع وحسب المواصفات المطلوبة من اجل تقديم أفضل الخدمات للمواطن. وأخيرا ضرورة محاربة الفساد الإداري والمالي الذي يرافق عملية الاعمار من خلال دعم الهيئات واللجان الرقابية بالمزيد من الصلاحيات والتشريعات التي تساهم في حماية المال العام.