مرثية  للشهيد سلام عادل

مرثية للشهيد سلام عادل

مظفر النواب

لحظة أن سَـمَلوا عينيك العاشقتين

أضاء النفق المظلم بالعشق الأحمر

واحتـُضِر الموت

قال رفاقك لم تتوجع

إلا رجفة صبر

وتوجعَ مما غارَ السفودَ بعينيك

الكونُ وصاحَ الصمت

أدرتَ عماك المبصرَ للشعب

أعطيتَ بيانَ الصمت

وتقويمك فاجتمع الوقت

قال الشاهدُ كنتَ كطفل يبحث عن شيء

وضحكتَ لمجهول

هذا المجهولُ أخافَ الجلادين

رأوا أنكَ كالطودِ الشامخ لم تهوِ

قبّل جبهتك النجف الأشرف وارتفع البيت

آن إذن صمتك كان سقوطَهم سلفاَ

لم يحتملوا أن تنظر بالسفودين إليهم

واقتادوك وظلَّ المشهدُ

ظلَّ مكانُك منتصب القامة

أرعبهم أن عماك يضاعف عينيك بدون حدود

أخذوك إلى الليل وهم يرتجفون كأنكَ أنتَ تعاقبهم

فعلا أنت تعاقبهم

فعلا أنت نهايتهم

لا نعرف أين دفنت

ولكن نسمع صوتك في الأمطار

وبين شجيرات الرمان

وأعشاش حفاة العمال

وساعة يولد للبصرة مولود

والآن لدي استفسار شرس

كيف امتدت باسم الشعب يدٌ

لتصافح من غرس السفود بعينيك

صافحتِ السفلة

غسلوا كف القاتل من عينيك

وبعض قـبـّل مثل كتاب الله يديك

لابد مسحتهم من تاريخ بلاد النهرين

وستمطر يا سيد يا نائم في المجهول بلا عينين

يظهر قبرك بين العشب

وتنزل قطرة طل

أبدعها الصبح لبؤبؤ عينيك الحالمتين

نقف الآن بإجلال ليس لأن الفولاذ شيوعي

ليس لأن مكانك يزداد شموخاً منذ ثلاثين سنة

لكن حين استفردت وصاح السفود بعينيك

رشفت الصبر بصبر

واتجهت بوصلتا عينيك الداميتين إلى الشعب