الأنواء الشعبية لموسم البرد في التراث الشعبي العراقي

الأنواء الشعبية لموسم البرد في التراث الشعبي العراقي

سالار علي خضر الدزئي

فيما يأتي مجموعة من االامثال الشعبية الخاصة بعنصر الحرارة في العراق والتي استخدمها العراقيون نوعاً من انواع التنبوء الجوي البسيط:

1.المربعانية او المشهاب او الجلة الكبيرة مدتها اربعون يوما تبتدىء في اول كانون االاول وتنتهي في اليوم التاسع من 23 كانون الثاني. المربعانية تشير الى الرقم 40 وفي اللغة الكردية يطلقون على الرقم 40 اسم (جل) والتي حرفت الى (الجلة)، واستخدام الرقم 40 شائع جدا وحتى في مجالات اخرى فقد ذكر سبحانه وتعالى ان الانسان يبلغ اشده في سن الاربعين، كما ان بني اسرائيل تاهوا في الارض اربعين سنة، ان استمرار البرد في العراق اربعين يوما يعني ان الكتلة الهوائية الباردة تستمر بالبقاء اربعين يوما او يمكن ان تتعاقب كتلتين او اكثرخلال اربعين يوما. علما بان كبار السن يذكرون ان االايام الحارة جدا في العراق صيفا تستمر ايضا اربعين يوما.

2.الجلة الصغيرة. مدتها اثنان وعشرون يوما منذ اليوم التاسع 24 من كانون الثاني الى نهايته. ويقصد بها ايام باردة ولكنها اقل عددا من المربعانية، والعراق شتاءا يتعرض أليام باردة ثم تأتي بعدها ايام دافئة بحيث يشعر الفرد ان الشتاء قد انتهى وحتى ان بعض الناس يلبسون المالبس الصيفية، ولكن نتفاجئ بعدها بأيام شديدة البرد تأتي بعد االيام الباردة. وهذه التبدالت الجوية القصيرة في درجات الحرارة كثيرا ما تتسبب في امراض تتعلق بالزكام. 3

3.برد االزرك اي البرد (االزرق) وهو ايام شديدة القرس ومدتها سبعة ايام منها اربعة في المربعانية وثالثة في الجلة الصغيرة وهذه كناية عن شدة البرد ألن البرد الشديد يجعل لون البشرة ازرق، وفي هذه االايام لن يدخل الجاموس في الماء مطلقا مع ان هذا الحيوان ال يفارقه ليال وال نهارا. يتضح من هذا المثل ان الحيوانات حساسة بشكل كبير للتقلبات الجوية وقد استفاد الناس من هذه الميزة في الحيوانات في التنبوء بالحالة الجوية وبالتالي يتهيؤن لها بحيث يكون تأثيرها اقل عليه.

4.كرين حادش، الشتا بالش. وهو يطلق على اليوم الحادي عشر من كانون الاول، والكرين هو القرين وحادش اصلها من حادي عشر وبالش اي طفق او بدأ، ومعنى المثل اذا جاء اليوم الحادي عشر من كانون الثاني حل الشتاء. ان سبب استخدام مصطلح كرين (القرين) هو ان تقويم اهل البادية يعتمد بالدرجة الاساس على النجوم، ومعنى القران (كرين) في كلام اهل البادية هو الحبل الذي تقرن فيه صغار االابل لانهم يربطونها الواحد بجانب الاخر، وهم يعتقدون ان ظهور نجم معين. وفي اللغة: القران هو الحبل يجمع بعيران واقترانه مع القمر فأن ذلك دليل على حدوث ظواهر مناخية معينة، وعندهم ان كل نجمة مختصة بظاهرة مناخية كالبرد والحر والمطر...الخ. وفي الشهر الذي تم فيه القران يبدأ سهيل بالظهور ويكون وقت ظهوره في فجر احد ليالي هذا الشهر، وظهور سهيل يبشرهم بقرب سقوط امطار الموسم، لذا فهم يقولون (ليا طلع سهيل ال تامن السيل)، ويوجد قرانات عدة تتفاوت شدة المطر فيها.

5. كرين تاسع، منين ماهب الهوا لاسع. وهو يطلق على اليوم.مناخيا في العراق شهر كانون الثاني و 29 التاسع من كانون الثاني الثاني ابرد اشهر السنة وهذه صفة المناخ القاري الذي يكون فيه شهر كانون الثاني ابرد اشهر السنة، هذا المثل دقيق جدا لانه يوضح ان تغير اتجاه الرياح وهبوبه من اي اتجاه حتى وان هب من الجنوب فانه يكون باردا لان اشعه الشمس تكون مائلة والنهار قصير وكل ذلك يجعل الهواء باردا. كما ان خلال هذا الشهر يصل المرتفع السبيري الى اوج قوته وتاثيره على البلد والذي يصاحبه كتلة هوائية قطبية.

6. كرين سابع، امجيع او شابع. وهو يطلق على اليوم السابع من شباط، اي ان الغنم وبقية المواشي في هذه االيام تكون 30 في حالة بين بين، ال جائعة وال شابعة

7.كرين ملاش، أخذ منجلك وانحاش. وهو يطلق على اليوم الثالث من نيسان، (ملاش) ملش الشيء ومعنى ملش الشيء فتش عنه بيده وهو كناية عن اوان الزرع، اي ابدأ ايها الزارع عن طلب الطعام او الحب فان انت تركتالاوان يمضي انتثر الحب وضاع تعبك، ومعنى المثل: اذا كان الملاش خذ منجلك واحصد زرعك. 8 برد االأحيمر، ويكون في اليوم العشرين من تشرين الثاني الى آخره وهو يمثل مقدمة لبرد (االازرك)وسمي كذلك لانه يحمر البشرة ببردة وهو اخف وطأة من الازرك).

8.كانون دورة عاقل دورة مجنون. اي تارة يكون فيه الجو هادئا دافئا وتارة عاصفا باردا. هذا المثل يصف بدقة حالة الجو عند قدوم منخفض جوي خلال فصل الشتاء وخاصة المنخفضات المتوسطية القادمة من البحر المتوسط والتي تتميز عادة بسرعة حركتها مما ينعكس على سرعة سيادة االاجواء الغائمة والرياح المتغيرة السرعة واالاتجاه بمجرد تقدم المنخفض الى البلد. وسيادة االاجواء الصاحية والرياح الخفيفة بتقدم مرتفع جوي في اعقاب المنخفض الجوي.

9.كانون لو سيف مسنون، لو ُدر مخزون. أي اما يكون من البرودة الشديدة بحيث يقع على الماشية كالسيف القاطع باترا صلتها بالحياة بين برد قارص وعشب هزيل، او ان يكون دافئا غزير االامطار، وفيه تسمن الماشية ويدر حليبها ويزداد دهنها الذي وصفوه بالدر تشبها بكرائم الحجارة. اطلق هذا المثل لوصف التقلبات التي تتميز به اشهر الشتاء وتحديدا كانون االاول والثاني مقارنة باشهر الصيف الهادئة الطويلة، وتعود تقلبات كانون الى انتقال الشمس الى مدار الجدي في نصف االارض الجنوبي، مما يجعل العراق عرضه لانواع مختلفة من الكتل الهوائية الباردة والدافئة. اما المقطع الثاني (در مخزون) فهو وصف دقيق لامطار كانون التي عند هطولها على االارض تضيع بالتبخر بسبب انخفاض درجات الحرارة لذلك تمتصها الارض وتكون ذات فائدة للمحاصيل الشتوية وحتى الربيعية لاحتفاظ التربة بالرطوبة من امطار كانون.

10.ايلول- سيرو ولااتكيلون،من امثال البادية والريف،يكيلون: اي يجعلون اغنامهم في القيلولة لكي تستريح وتتخلص من وهج الشمس عند اوقات الظهيرة في اشهر الصيف حتى اذا ما حل ايلول امتنعوا عن اراحة االغنام في القيلولة لان حرارة الشمس لن تؤذي اغنامهم آنذاك. على اعتبار ان ايلول اول شهر لفصل الخريف حيث يحدث في منتصفه االاعتدال الخريفي حيث تكون الشمس عمودية على خط االاستواء وبالتالي تضعف حدة االاشعاع الشمسي على العروض شبه المدارية التي يقع العراق ضمنها، مما يجعل الجو ملائما للسفر.

11.أبرد من هوا عنتر (من أمثال الموصل) وعنتر في المثل يراد به ايام عنتر من ايام الشتاء الممطرة التي تكثر فيها تقلبات الجو ويشتد البرد وعددها أحد عشر يوماً تبدأ في الثالث من شهر شباط أي في أثر المربعانية وتنتهي في الرابع عشر فيه. وهذا المثل ايضا فيه اشارة لطيفة الى ان قوة االامطار والرياح في شهر شباط تشبه قوة البطل العربي التاريخي عنتر، على اعتبار ان شباط يمثل الشهر االاخير لفصل الشتاء حيث يكون ادفىء من كانون الاول والثاني وبالتالي فأن االاضطرابات الجوية تكون اقوى بسبب خفة الهواء وتوفر عامل الرطوبة.. مقارنة بالاضطرابات في كانون الذي يكون هواؤه باردا وثقيلا.

عن مبحث بعنوان ( المراحل التاريخية لتطور التنبوء الجوي في العراق ) في مجلة التراث العلمي العربي لسنة 2017.