فائزة أحمد: قاتلتُ لأنني لم أرد أن أكون  كومبارسا  في الحياة!

فائزة أحمد: قاتلتُ لأنني لم أرد أن أكون كومبارسا في الحياة!

منذ ان بدأت. . منذ ان شعرت بنفسي وبصوتي. . ادركت ان مستقبلي كفنانة هو الشيء الوحيد الذي يجب ان استعد له. .

ومنذ ان سمعت اول آهة اعجاب يتداولها الناس وهم يستمعون الي، وأول موجة من التصفيق تقدم تحية لي. . قررت وصممت ان أحيا لهؤلاء الناس. .

بدون غرور. . بدون كبر. . ابتدأت اخط معالم طريقي. . وسأقول هذه الكلمة للناشئات اللواتي يدغدغ شعورهن المستقبل الفني:

"لقد تعبت وشقيت، ووجدت امامي كثيراً من الحواجز والمصاعب، وفي كثير من الظروف كنت أقترب من اليأس. . على ان تصميمي استطاع ان يحطم كل هذه الحواجز. . وكلما شعرت بالتعب كنت استمد من إيماني بالفن وإيماني بنفسي قوة جديدة. . وقدرة جديدة. . أجاهد بها. . حتى شعرت بأنني وصلت الى اول الطريق. . وصلت الى نقطة جديرة بالانطلاق. . "

ثم سكتت

او. . ثم بدأت. . تحكي. . وهي تبحث في قصة لها من الماضي كل الماضي. . ومن الحاضر وما يخلفه الماضي من آثار ودروس وتجارب. . وتابعت فايزة احمد حديثها. . انما بكثير من الهدوء:

– كان كل من يسمعني يقول بأني أملك صوتاً نادراً، وكنت لا أشك بعد آلاف الآراء التي سمعتها، ومن كبار الفنانين بهذا الأمر. . انما استغرب: لماذا لا يحتل هذا الصوت النادر مكانه. .

وبدأت اتساءل: أليس هناك من يفهم هذا الصوت؟

وكنت وقتها أعمل في الملاهي والكباريهات وعلى اني كنت اشعر بأن المجال ضيق جدا. . وان الشهرة لا تأتي من هنا. .

وانطلقت أطوف البلدان. .

وسمعني الناس في الإذاعات. . وكانت بطاقات الإعجاب تتوارد من كل فج. . من كل مكان. . وبقي الثناء. . كلاماً. . بل وبدأت اتلقى الثناء من كل مدير اذاعة. . ومن كل فنان كبير. . وفي عدة مرات كانت الفرص تسنح. . فأغني امام المنتجين والمخرجين. . وأخرج بنفس النتيجة:

صوت نادر جذاب ذو امكانيات هائلة. . انما. . يا حرام. . ليس هناك من يفهمه. . من يعطيه. . من يقدره. . وبعد سنين. . بعد فترة خيل الي انها قرون طويلة. . وجدت بقدرة قادر. . من استطاع ان يفهم هذا الصوت. . ومرة أخرى سألت فايزة:

* من وكيف؟

– كنت اعمل في حلب. . وكان من جملة المعجبين بصوتي ملحن اسمه نديم الدرويش، فلحن لي اغنية مطلعها "قولوا لي فين الدوا" وغنيتها في اذاعة حلب. . ولأول مرة شعرت بأني اغني بمزاج. . وشعرت بأني استعير صوتي الحقيقي. . أقصد استعمل صوتي الأصلي. . بكل امكانياته. . وبعد اذاعة الأغنية تلقت محطة حلب اتصالات هاتفية مستعجلة تطلب حضور صاحب الصوت "الحلو" كما سموه الى اذاعة دمشق فوراً. . وحينما وصلت الى اذاعة دمشق، وجدت ان المدير العام وكان وقتها "أحمد عسه" قد طلب استنفار جميع القوى الفنية في الاذاعة لتقدم لي اقوى ألحانها. . وكان ان سجلت في ظرف ستة ايام فقط. . ستة ألحان جديدة وبدأت الإذاعة تقدم هذه الألحان باستمرار. . ثم بدأ اسمي يصعد باستمرار ايضاً. .

* اذن فأنت تعتقدين ان للإذاعة السورية فضلاً؟

– بدون شك. . هي التي قدمتني. . هي التي كانت نقطة الانطلاق. . ومن ثم بدأت. . بلوني الأصلي الجديد. .

وسكتت فايزة. . وكأنها غابت عن الوجود. . ثم ابتدأ جهادي من جديد في سبيل الوصول الى مصر. . وبدأت هنا عقبات جديدة. . ونضال جديد. .

ذهبت الى مصر عدة مرات ثم عدت وكأننا يا بدر. . لا رحنا. . ولا جينا. .

لقيت من البعض تشجيعاً نادراً. . ومن البعض الآخر تشويها نادراً وهجوماً أروع. . ومع ذلك فلم يؤثر ذلك على ايماني بثلاثة اشياء: بالله. . والفن. . وصوتي.

ومرة اخرى لا أدعي ان هناك غروراً. . أو كبراً. .

وكل ما في الأمر: الناس الذي قالوا: آه. . وكبار الملحنين الذين أبدوا إعجابهم. . بصورة مستمرة. . ثم حدثت المعجزة. .

المعجزة التي سمعها الجميع. .

* تقصدين محمد الموجي؟

– يا سلام عالذكاء. . أقصد محمد الموجي بالفعل، والمعجزة هي التقائي به. . سمعني الرجل الفنان. . واعطاني وكان ان انطلق الصوت واللحن. . وكانت الفرصة. . التي اعتبرتها في ذلك الوقت مفتاح الشهرة. . الشهرة من بابها الكبير. . لا من نوافذها الضيقة. .

وشكرا لله على هذه النعمة. .

* ماذا تريدين من المستقبل؟

– أريد ان اصل الى هدفي. . اقصد من الصعب ان يحدد هذا الهدف. . المهم في قصة المستقبل ان يبقى سير الانسان متصلاً. . ثم عندما يقف يقول: هذا هو الهدف. . وأرجو ان لا أقف حتى حدود مستقبل عريض. .

وبعد كل هذا الجهاد. . ما هي الحياة في نظرك؟

– مسرحية الفائز فيها من يحسن تمثيل لحظات بطولته فيها. . والفاشل من يبقى "كومبارس" على طول الخط. . وبدأنا نزدرد القهوة. . بهدوء. .

ومضت فائزة تسرح مع احلام الماضي والمستقبل. .

ارشيف واعداد (عامر بدر حسون)