بدايات معرفة العراقيين بالسيارات

بدايات معرفة العراقيين بالسيارات

مرتضى الأوسي

1ــ2

تميزت السيارات العراقية بإنها عالقة في الذاكرة لإجيال طويلة , وقد كانت الحكومات تستورد السيارات من الدول التي لها علاقات طيبة معها , إذ كانت صفقات السيارات تعتمد على الحالة السياسية للبلد.

تميزت السيارات التي كانت تسير في الشوارع بإنها من مناشيء عالمية , ولا وقت لسيارات الترفيه , فكانت السيارات الصغيرة من أربعة أبواب وبناقل حركة عادي وليس أوتوماتيكي.

تعرفت بغداد الى مدنيتها الحديثة لأول مرة بظهور أول سيارة وكان ذلك في العام 1908 من نوع الأولدزموبيل ذات الأربع أبواب ومكشوفة قادها مالكها السيد ديفيد فوربس وهو أسكلتندي كانت لهم شركة تدعى ((ماك أندرو وفوربس)) لها فرع في البصرة قادماً من الأسكندرونة مروراً بحلب وعبر الصحراء الغربية، ويصف الدكتور علي الوردي في كتابه ((لمحات من تاريخ العراق الحديث)) فيقول: (وفي عام 1908 وردت الى بغداد من حلب أول سيارة فخرج أهل بغداد للتفرج عليها وصار بعضهم ينظر تحتها لكي يكشفوا عن الحصان الكامن في بطنها على زعمهم أذ لم يكن من المعقول أن تسير عربة من غير حصان يجرها)، ترك السيد ديفيد السيارة بعد أن أصابها بنجر في أحدى عجلاتها، وتشير الأدبيات أن السياسي الغني وعضو مجلس البلدية حمدي بابان بأنه أول من أمتلك سيارة في بغداد، فربما أن السيارة التي تركها فوبس هي ذاتها أصبحت ملكاً لحمدي بابان، أخذ يتجول بها في شارع (خليل جادسي) قبل أن يتحول أسمه الى شارع الرشيد، فأدهشت البغداديين وأخذت الطرائف وهم مشهورين بها طريقها للنشر ويمكن تلخيص قسماً منها:

- هاي شنوا حديد ويمشي إي من يصدك الحديد يمشي !!

- بعض من الناس جلب البريسم ووضعه تحت السيارة ليطعم الحصان الذي في داخلها.

بعد أفتتاح شارع الرشيد أخذ سكان الكاظمية والكرخ والفضل يجلسون في المقاهي المنتشرة على جانبي الطريق لرؤية السيارات وكانت بعدد الأصابع والربلات التي تجرها الخيول ووقعت بعض الحوادث بين السيارات والربلات لجفول الخيول عند سماعها للهورن، كذلك وقعت بعض الحوادث مع الكاريات التي تجرها الخيول بين الكرخ وساحة الشهداء والكاظمية.

بدأت الشركات أمتيازها بأستيراد السيارات غالبها كانت ملكاً لعائلات يهودية حيث قامت:

- شركة إبراهيم وشفيق عدس بإستيراد سيارات فورد الأمريكية.

- شركة خضوري وعزرا أمير لاوي إستيراد سيارات شفروليت والبويك الأمريكية.

- شركة داود ساسون إستيراد السيارات البريطانية موريس وأوستن وفنكارد.

- شركة يوسف سعد إستيراد سيارات البيكاردو والدكسن.

- شركة جورج عبديني وهو لبناني بإستيراد السيارات الألمانية.

- شركة كتانة لإستيراد سيارات الدوج والبلايموث الأمريكية.

- شركة عزرا حكاك إستيراد الباصات الصغيرة.

- حافظ القاضي تاجر السيارات.

- شركة عريم لإستيراد سيارات الفورد تاونس الألمانية.

- شركة فائق عبيدة لإستيراد سيارات مارسيدس الألمانية.

- أولاد بنية لإستيراد السيارات.

وفي العشرينات تبدل نظام السير من اليمين الى اليسار وقام الأسطة سلمان الميكانيكي في شركة لاوي بتبديل مقود السيارة من اليمين الى اليسار، وكان أول فيترجي قد أتخذ في فندق حبيب في سوق الهرج في الميدان محلاً لورشته عام 1920.

وبسبب التسهيلات والدعايات التي روجتها شركات إستيراد السيارات وأتساع الشوارع المبلطة أقدم كبار رجال السياسة والعسكر والأطباء والتجار والموظفين الكبار والأغنياء بأقتناء السيارات فكانت أرقامها الأولى من نصيب:

سيارة 1 بغداد تعود للحاج سليم خورشيد مدير الشرطة، سيارة 2 بغداد تعود للتاجر اللبناني جورج عابديني وهو وكيل السيارات الألمانية، سيارة 3 بغداد تعود لرئيس الوزراء علي جودت الأيوبي، سيارة 4 بغداد تعود لأمين العاصمة السيد صبيح بيك نشأت، سيارة 5 بغداد تعود للسيد فخري الطبقجلي، سيارة 6 بغداد تعود لرئيس الوزراء جميل المدفعي، سيارة 7 بغداد تعود للسيد شهاب الدين الكيلاني، سيارة 8 بغداد للوزير جلال بابان، سيارة 9 بغداد لرئيس الوزراء رشيد عالي الكيلاني، سيارة 10 بغداد للسيد حسام الدين جمعة متصرف بغداد، سيارة 12 بغداد تعود للسيد ناجي الأصيل مدير الآثار العام، سيارة 14 بغداد تعود للسيد أنطوان نحاس، سيارة 15 بغداد تعود للسيد عبد المنعم الخضيري، سيارة 17 بغداد تعود للسيد رؤوف الجيبجي، سيارة 18 بغداد تعود لرئيس الوزراء ناجي شوكت، سيارة 20 بغداد تعود لرئيس الوزراء نوري السعيد، سيارة 22 بغداد تعود الى السيد رؤوف البحراني، سيارة 23 بغداد تعود للتاجر والوزير محسن شلاش، سيارة 30 بغداد تعود للسيد جلال خالد، سيارة 33 بغداد تعود للدكتور مظفر الزهاوي، سيارة 35 بغداد تعود للسيد تحسين علي، سيارة 40 بغداد تعود للسيد أسكندر أسطيفان، سيارة 44 بغداد تعود للسيد ناجي الخضيري، سيارة 47 بغداد تعود لرئيس الوزراء صالح جبر، سيارة 49 بغداد تعود للسيد عبد الرزاق فتاح، سيارة 58 بغداد تعود للسيد محمود الدفتري، سيارة 59 بغداد تعود للوزير توفيق السويدي، سيارة 60 بغداد تعود للسيد علوان حسين، سيارة 70 بغداد تعود للسيد محمد الصدر، سيارة 79 بغداد تعود للسيد جميل عبد الوهاب، سيارة 90 بغداد تعود للسيد أبراهيم كمال، سيارة 100 بغداد تعود للسيد عبد الحليم السنوي، سيارة 120 بغداد تعود للسيد عارف السويدي، سيارة 300 بغداد تعود للسيد عبد الهادي الجلبي.

في الموصل هناك من يقول بأن أول من أدخل السيارة الى الموصل هو السيد محمد باشا الصابونجي عام 1919 , وأن السيارة 1 موصل سجلت بإسم الدكتور داود سليم الجلبي، و 2 موصل بإسم سليمان بك الجليلي، و3 موصل بإسم عبد الباقي الجلبي حمو.

و 4 موصل بإسم الدكتور صديق الجليلي، و 5 موصل بإسم عجيل الياور، وتلتها سيارات بإسم الجربا وغيرهم من أشراف وتجار الموصل.

في البصرة وفي العشرينات من القرن الماضي، قيل أن البدفورد الحمراء أدخلها صالح البيك عبد الواحد، وأخوه عبد الله أدخل بعده بدفورد سمائية، وعبد القادر باش أعيان، وعبد السلام باش أعيان حصل على رقم 1 بصرة على سيارته الروز رايز، وأن أول شركة مواصلات أسسها حامد النقيب في عام 1927 بين البصرة والكويت وأستعمل سيارة الفورد من شركة عدس، والجدير بالذكر أن الكويت دخلتها السيارة عام 1912 والبحرين بعدها بسنة وفي نجد بعدها، لذا فإن العراق كان أول دولة خليجية تدخله سيارة في ذلك الزمان، كما أن شركات عدس واللاوي كانتا المجهز لكثير من طلبات دول الخليج في تلك الفترة.

بدأت سيارات التكسي عملها في منتصف العشرينات حيث ظهرت سيارات الفيات الأيطالية صغيرة الحجم وبعدها تنوعت حيث الأمريكية والإنكليزية والالمانية والفرنسية متوسطة الحجم، وفي الثلاثينات بدأ أمتحان سواق السيارات لأعطائهم الأجازات وكان الأختبار خلف جامع السراي في الميدان، وبدأ شرطي المرور عمله عندما بدأت العربات والكاليهات وكانوا ثلاثة في بغداد وواحد لكل لواء.

أن أول سيدة حصلت على رخصة قيادة المركبات عام 1936 وشوهدت وهي تقود سيارتها الإنكليزية هي أمينة علي صاحب وسط ذهول وعدم تصديق البعض ومنهم من أستهجن ومنهم من أعجب بالمبادرة.

من مقال أرسله كاتبه مشكورا الى ملحقنا.