في مذكراته.. غور فيدال يفطر مع كوكتو ويسهر مع كارتر ويدعم ريغان

في مذكراته.. غور فيدال يفطر مع كوكتو ويسهر مع كارتر ويدعم ريغان

عرض: أريك نوهوف

ترجمة: عدوية الهلالي

ان تقرأ مذكرات فيدال، يعني ان تقابل جاكلين كندي وتسهر مع كيرواك وتتجادل مع كابوت وتتناول فطورك مع كوكتو وتتردد على كارتر وريغان..، فهذا الرجل الشاب الذي يكرر دائماً بأنه ارستقراطي من الجنوب وبأن ثقافته واسعة ومؤهل للنجاح تمكن من ضم باقة من اشهر المشاهير في كتاب واحد استحق عنه ان يظهر على غلاف مجلة التايم وان يقارن بالإله أبولون بسبب تأثيره في معارفه من المشاهير!!

يعتمد غور فيدال في مذكراته على قناعته الشخصية و تهمه مكانة الشخص المشهور بقدر ما يهمه رأيه فيه، فهو يكشف مكامن القبح في شخصياته بقدر ما يُظهر جمالها الخفي محولاً بذلك تأثير كتابه الى ما يشبه فرقعة الالعاب النارية!

ورغم اشارة البعض الى ان كتابة السيرة الذاتية تشبه حياكة نسيج من الاكاذيب، الا ان فيدال نجح ورغم شطحاته وخروجه عن المألوف في كتابة المذكرات في الاحاطة بكل ما تمثله الشخصية التي يتحدث عنها ولم يفلت منه شيء وهو يطوف بين فرجينيا وهوليوود وروما وباريس ورافيلو.

بدأ فيدال كتابه باستذكار طفولته فذكر ان جده كان عضواً من اعضاء مجلس الشيوخ، اما والدته فكانت مدمنة على الكحول وقد تزوجت للمرة الثانية من صهر جاكلين كندي (والد زوجها)، لذا فقد اعتاد على مخالطة الاغنياء والمشاهير، وفي سن الحادية والعشرين، أي في عام 1946، نشر فيدال روايته الاولى ثم اعقبها نشره رواية ثانية تحمل عنوان (الصبي على حافة النهر) في عام 1948 التي اثار نشرها فضيحة كبيرة لتناولها قضية الشذوذ الجنسي.

تميزت مذكرات فيدال بالجرأة اذ لم يخف أي شيء من مغامراته ويقول عن ذلك: "عدت الى الماضي رغم انزعاجي منه، وكتبت ذكرياتي فيه مع انني لا ارغب في ان اعيشها من جديد، لو طُلب مني ذلك!»

حمل فيدال في مذكراته ملامح معارفه وتحدث عنهم بحرية مخترقاً عوالمهم الخاصة فكان يتناول افطاره مع كوكتو ويتناول الكحول مع تينسي وليامز ويقضي نهاراته وامسياته مع عدد لا يُحصى من المشاهير لذا تحدث عن كل الحقائق المثيرة في كتب السيرة الذاتية المعاصرة كمغامرات الحب العاصفة وعلاقات الزواج غير الموفقة وانجاب اطفال انطوائيين وما يلّم بالمشاهير من انهيارات عصبية وما يتناولونه من عقاقير... الخ، وباختصار، فقد كشف كل مواطن الابتذال والجمال في (مشاهيره) ومن بينهم جيمي كارتر وبول نيومان والاميرة مارغريت ورونالد ريغان الذي اكد على دوره في وصوله الى الرئاسة.. مع ذلك، لا يمكن ادراج كتاب فيدال ضمن كتب الفضائح فقد تعرض لكل تلك الاسرار بأسلوب فني مثالي وبعبارات انيقة خالية من الثرثرة المؤذية منها تلك النصيحة التي كررها في كتابه لاكثر من مرة ويقول فيها: "تجنبوا مخالطة المشاهير!"، وكان يعني كل كلمة فيها خاصة بعد ان اخترق كواليس البيت الابيض وتحدث عن علاقته بروبرت كنيدي ثم انتقل للحديث عن المخرج العالمي فيلليني والنجمة الشهيرة غريتا غاربو.. ويؤكد فيدال الذي يجيد فن كتابة السيناريو ايضاً ان المؤلف الحقيقي للفيلم السينمائي هو كاتب السيناريو، لذا كان يصطدم باستمرار مع الفنانين فرانك كابرا وشارلستون هيوستون.

اما عن علاقته بالسياسة فقد هاجم اللوبي المؤيد للصناعات العسكرية وكان يظهر سخطه بيسارية ثورية واضحة وكان اكبر همومه هو وصول معارفه الى السلطة وعن ذلك يقول: "عندما يصبح احد معارفك او اصدقائك القدامى رئيساً، تصبح الاشياء كلها معقدة»!!

في كتابه، ظهر فيدال واثقاً من نفسه، ولا يقلقه رد فعل المشاهير لانه تحدث عنهم بصراحة فهو يرى ان ما يختبئ خلف الطلاء الاجتماعي البرّاق اهم بكثير مما يظهر منه، ولن يهمه بالتالي ان يلتفت حوله ذات يوم فلا يجد احداً منهم!!

العنوان: مذكرات غورفيدال،-تأليف: غور فيدال

عن: (لوفيغار)