جعفر السعدي.. أب المسرح العراقي

جعفر السعدي.. أب المسرح العراقي

فاضل خليل

حين تتناول الفنان في [الولي- الأب]، فأنك تختصر الكثير من المسافات، والكثير من المعاني، لأن صفات الأولياء تسهل عليك عناء البحث عن معان سامية. لكن عليك أولا أن تحدد تلك الصفات في الأب، وهل تصلح لكل الآباء؟

إذا ما اتفقنا على أن ليس كل الآباء بنفس الصفات: لأن منهم من يمتلك الحرص والنصيحة، ومنهم من لا يمتلك من الأبوة غير الحصافة، وربما الحكمة مسبوغة بالتوجيه. وليس أسهل منها جميعا في صفات الآباء، شرط أن تكون خالية من البخل – ولا اقصد به بخل المال فقط - الذي يفسد الأبوة. ولك أن تطبق بعدها ما تريد وستجدها بكل بساطة مجتمعة في جعفر السعدي ومشروطة بخلوها من البخل بأنواعه؟؟ ولصعوبة الخوض فيها جميعا. أراني مضطرا لاختيار صفتين فيه متفردا بهما هما صفتي: الحرص، وعدم البخل على الأبناء. فلا أحرص منه على أبناءه سواء كانوا طلابه أو المتعاملين معه، وان لم اك يوما ما نرجسيا إلا أنى سأبدأ من واحدة من حكاياته معي: يوما اختارني بطلا لمسرحيته [عرس الدم] للوركا. كان بيته يبعد عن مسرح التمارين في أكاديمية الفنون الجميلة خمسون مترا لا أكثر، ولأنه لم يكن يستغني عن القيلولة كان يجدول دروسه في الساعات الأولى من الصباح كي يكون في البيت بعدها مباشرة ليتناول طعام الغداء على عجل فيأخذ القيلولة التي يعشق، لينام ثم ينهض نشطا بعدها ليأتي إلى التمرين في الثالثة ظهرا وبقية خلق الله من الطلبة الممثلين يئنون من التعب. ولك أن تتصور تمرينا في ظهر العراق الذي تبلغ فيه درجة الحرارة خمسون مئوية في الظل. وفي قاعة لم يعرف التكيف العادي طريقه إليها، وأنت فيها ممثلا لاتملك بيتا وطعامك محسوب بالغرامات، وعليك أن تؤدي تمرينا يرضى عليه الجميع، لاسيما وأنت [المقصود أنا] تحب النوم كما يحبه السعدي [القيلولة] ظهرا بعد وجبة غداء معقولة. وهي في حكم المستحيل هنا في بغداد بعيدا عن اهلك ومنزلك، فالدوام رسميا ينتهي في الساعة الثانية والنصف من بعد ظهر كل يوم، والتمرين في الثالثة، أي انك تمتلك نصف ساعة لكل مستلزمات المواطنة والمطاولة في ماراثون مضني لتكون بعدها جاهزا للتمرين مع السعدي في [عرس الدم]. بمعنى أدق انك لاتملك الوقت للراحة أو الاسترخاء، كي تكون مستعدا فعلا لتمرين مثالي. في هكذا ظرف تأخرت يوما عن التمرين مع السعدي خمسة دقائق [وفي رواية للسعدي أنها ربع ساعة] بعد حملة تعنيف فيها قسوة الأب، زعل علي وقاطعني دون أن يكلمني عاما ونصف العام، لكنه ظل معي على نفس المحبة، وهي ميزة الآباء الحريصين على تربية أبنائهم. بعد ما يقرب من الأربعين عاما التقيته أتحدث عن تجربته في برنامج تلفزيوني استضافه على الفضائية الشرقية، ذكرته بما مضى وقلت له:

- عندما اخترتني بطلا لمسرحيتك "عرس الدم" و تأخرت عن التمرين 5 دقائق

قاطعني مصححا:

- لم تكن خمس دقائق بل كانت ربع ساعة، أي خمسة عشر دقيقة.

اتفقت معه فليس من صفة الابناء المطيعين معصية آباءهم، لاسيما الآباء من صنف ابونا جعفر السعدي، أكملت - كما تحب ربع ساعة وليست بخمس دقائق، بعدها زعلت أنت علي وقاطعتني أكثر..

من عام ونصف العام، ثم استبدلتني بممثل آخر، ماذا قصدت من ذلك؟

أجابني بكل صدق الأباء الحريصين على اولادهم الذين يعتقدون انهم ربما إذا سامحوا عن خطأ قد يكرر الاولاد الخطأ ثانية بخطأ آخر:

- لأنك ابني وأنا احبك لزاما علي أن أعلمك الصحيح، إلا أني ورغم زعلي عليك استمر اعتزازي بك، كنت أحبك، بل وأحببت كل من درستهم، فكلهم أولادي أقولها بكل صراحة.

وهنا ولست مستغربا من بساطة إجابته لأني أدرى بالسعدي، لكني هتفت فرحا لأني كنت قد تأكدت من تشخيصي له الذي أكد عندي فيه الأستاذ - الأب:

- إن عمقك في البساطة التي تتمتع بها أيها الجليل الجميل، وأنت هكذا دائما أستاذي وأبي.

واعتقادا منه أني بتذكيري له بمثل هذه الأحداث، ربما أكون حاملا عليه [غيظا مستحيلا] باحتمال المعنين فاسترسل قائلا:

- الشيء المهم الذي افتخر به هو أنكم أولادي.

ولجلج بضحكة هادرة تميز بها صوته القوي، وهي دالته النبيلة التي تقع فيه ما بين طفولته وامتدادها، وبين طيبته المتناهية التي لا تشبهها طيبة. وكان هذا رهاننا عليه دائما، ثم أكمل:

- وهو المطلوب.[واستمر بذات الضحكة التي لم تفارقه، حتى أنه مات وهو يضحك؟؟!! وقد يكون مات من الضحك. ربما... لا بل من المؤكد انه مات من الضحك.

إذن هو أمر غاية في البداهة أن يتصرف [الأب، المخرج، الأستاذ] حين يعنف [ابنا، ممثلا، طالبا] مثلي؟ بالطريقة التي تصرف بها السعدي معي: يوم استبدلني بآخر عقابا لي عن تأخري عن التمرين، وما همه فيما ستؤول إليه نتائج العمل المسرحي، ولا إلى ما سيؤول إليه العرض بالنهاية. كما لم يأبه إلى من سيكون هذا البديل، أهو اقل مني كفاءة وموهبة، أم لا؟؟ كل ذلك لكي ينتصر: للالتزام، للأخلاق المسرحية أولا، وللتربوي في الأستاذية ثانيا. كان هذا في مسرحية في [عرس الدم] التي أخذها " كمثال لغارسيا لوركا. لم ينضبط عمله فيها أو يتمحور في اتجاه ولم يمل إلى نزعة " هذا ماراه [عبيدو باشا] - الذي أخالفه الرأي - في كوني انطلق من إن السعدي يكاد يكون من القلة التي تمتلك صواب الرأي [أستاذا أكاديميا] - كما وصفه الباشا. مضافا أن السعدي لم يأت من فراغ حين تعامل مع الحسي بعيدا عن المجاهرة، وما همه في ذلك رأي الكثيرين ممن يتهمونه بالشكلاني الذي لاتهمه الجوانب الإبداعية في التعامل مع الجمال. بل هناك من يعتبره يفرط بالإبداعي والفني على حساب التربوي التعليمي – ورغم أن هذا أمر يفخر به هو – بل هناك من يرى إن " مسرحه البارد، من مزيجه المتموضع بين الواقعية المشوبة ببعض العناصر الفنتازيا ". التي تحققت بفضل تعامله مع مجموعة متميزة من المصممين من أمثال كاظم حيدر في [الديكور] وامتثال الطائي في [الأزياء] والحاج ناجي الراوي وماركريت العبودي في [الماكياج] وفاضل قزاز في [الإضاءة].. وغيرهم. هذا الاهتمام غير العادي بالتقنيات ربما متأت من رغبته في دراستها في أمريكا عندما " اختير السعدي ضمن البعثة العراقية لعام 1957 للتخصص في الإنارة المسرحية والسينمائية وبالنظر لعدم وجود هكذا فرع في الولايات المتحدة الأمريكية،فقد نسب إلى فرع الإخراج المسرحي ". مخرجا كان يعتبر التكامل الفني في العرض المسرحي إنما يأتي من الاعتناء بالمهمات – التي قد تبدو صغيرة في نظر الآخرين وما هي بصغيرة - مثل الاعتناء بالحوار من خلال الإصرار على ضبط اللغة العربية في أداء الممثل بل لقد كان يعتقد أن في ضبطها طريق للوصول إلى ضبط المكملات الأخرى لكامل مقومات العرض المسرحي، والسبيل الأهم في الأداء لوصول غاياته وبلاغه ووصول خطابه إلى المتلقي. وكان من مقاييسه في نجاح أي عرض هو في نجاح ممثليه في ضبط لغتهم والتمكن من حوارهم – لذلك كان يطلب في الكثير من الأحيان أن يقوم بتدريس مادة الصوت والإلقاء لطلبة الصفوف الأولى انطلاقا من أن التعلم في الصغر كالنقش على الحجر – كان احترامه بالغا للممثلين الذين يعتنون باللغة ويعتبرهم من أهم الممثلين. على أن نعرف بأن الشائع في مسرحنا أن أهم الممثلين فيه كانت ينقصهم ضبط اللغة العربية، لكن مع الحاج السعدي صار قسم كبير من الممثلين يهتم في ضبط اللغة و " ثمة خصلة يتحلى بها السعدي، هو إدراكه لخطورة اللغة الفصحى [.....] أما فيما يتعلق بالأسس التي يجدها حاسمة في عمله النظري والتطبيقي فهي: الوضوح، والبساطة، والجمال [.....] بالحوار والحركة والإيماءة ووضوح الأفكار " اكثر مما كان يعنيه تحقيق الدهشة في الصورة المسرحية من حيث تشكيلها ووضعها ضمن تنسيق الفضاء المسرحي في التكوين والتشكيل والابتكار. وقد بالغوا فيما ذهبوا إليه لأنه كان يعتني بمكونات الدهشة وعلى سبيل المثال تأكيده على أهمية [الإيقاع في العرض المسرحي].

كانت دفعتنا في الدراسة تتكون من خمسة عشر طالبا يتراوح طموحهم بين، المهووس بالمسرح، وبين الذي يعتبر المسرح متنفسا لطرد كل ذنوبه في دنياه. وهو ما تعلمناه توا [حين كنا في المرحلة الأولى] الـ catharsis – ومعناه [التطهير]. قاتلنا لكي نعرف معنى [الإيقاع] لكثرة ما كان يحكي بها كل من أراد أن يوضح لنا سخفنا، أو لكي يعطينا علامة لفهمه. فكان لإلحاحنا على أستاذنا السعدي أن يعرفنا بـ[الإيقاع] وما تعنيه الكلمة. كان يومها يدرسنا [الصوت والإلقاء] وكنا نأخذ الدرس على مسبح المعهد في الهواء الطلق، وكنا ندور حول [حوض السباحة] كنوع من عمليات [الإحماء] على طريقة الرياضيين، نهرول مع إلقاءنا الحوار. وفي إحدى الاستراحات ألححنا عليه أن يبدا بشرح الإيقاع – مؤرقنا -، فما كان منه إلا أن يبدأ وبطريقته الأبوية المعهودة بتسهيل كل الصعب:

السعدي: إن الإيقاع يا أولادي هو الوحدة الزمنية المحسوبة بين أمرين على سبيل المثال:

أشعار أحمد شوقي في مسرحيته [ مصرع كليوباترة] كما في بيت الشعر هذا:

أسطولها إلى مراسيه أوى وجيشها ألقى السلاح، ونجى

التي عند تقسيمها إلى وحدات فستكون:

أسطولها / إلى مراسيه أوى / وجيشها أل / قى السلا / ح، ونجى

ح، ونجى

ح، ونجى

واستمر بتكرار [ح، ونجى] حد أننا أخذنا المسبح بتظاهرة ونحن نهتف بالوحدة الإيقاعية [ح،ونجى] مع الضحك والمتعة العالية. وللان نحن طلاب تلك الدفعة كلما التقينا تذكرنا الـ [ح،ونجى] ونغرق بالضحك.

ولو عدنا لنقاش هذا الدرس بعقلانية اليوم، لا بالحالة الارتجالية الصبيانية التي كنا عليها، آنذاك يوم كنا طلابا – وهي حالة طبيعية - لوجدنا أنها كانت درسا بليغا بل وغاية في الأهمية. استطعنا من خلاله معرفة ما كان يعنيه الإيقاع فعلا و بشكله العلمي. حين كان يشقى الكثيرون ويعجزون، ممن لا يمتلكون خبرته وصدقه في إيصال المعنى بالتبسيط الذي سلكه السعدي في إيصاله إلينا وببساطته المعهودة. فحق أن نصفه بالسهل الممتنع أو.. [العمق في البساطة].

حين تطيل النظر في عينيه، أو تختصره، فلن ترى منه إلا القلب الذي يحمل الإنسان فيه. لقد خّرج أجيالا من المبدعين، ما يكن ينظر إليهم طلابه فقط، بل كان يحسبهم أولاده. وحتى لو تقدم بهم الزمن وكبر الأولاد، عمرا، أو فنا، يظلون في نظره أولاد الأمس: فيوم عاد [د.عوني كرومي] من دراسته للمسرح في ألمانيا وهو يحمل شهادة الدكتوراه، وقد اصبح بعدها أستاذا في أكاديمية الفنون الجميلة/ قسم المسرح الذي كان يرأسه آنذاك جعفر السعدي. وبحكم العمل، احتدم النقاش يوما بينهما حدا، جعل السعدي يبدأ بتعنيف عوني بأبوية وبصوت عال، تماما كما لو كان عوني طالبا كأيام زمان، وليس أستاذا كما كان عليه حينها. الأمر الذي جعل عوني يترك المكان حزينا حد البكاء. فما كنا مني وكنت جالسا يومها – شاهد عيان - إلا أن أتدخل، فقلت له:

- أستاذ جعفر، انك تعامل د.عوني وكأنه طالب الأمس لديك؟ لاتنس، فنحن أولاد اليوم قد كبرنا وصرنا أساتذة مثلك – وحتى لو كنا لازلنا طلاب الأمس لديك، لكنا الان زملاء لك ولا يجوز أن تعاملنا بهذا الشكل.

فما كان منه إلا أن نظر إلى بعين تكاد تدمع لفرط العطف والمحبة والاحترام، ليجبني بكل هدوء و حنكة:

- ابني مهما كبرتم وصرتم فأنا لا انظر إليكم إلا أولاد الأمس الأعزاء الذين افخر بهم وبعلمهم اليوم، لكني اعتبركم مهما كنتم قد بلغتم لستم إلا ما يعنيه قول الشاعر احمد شوقي في مسرحيته [مجنون ليلى]:

- لم تزل ليلى بعيني طفلة لم تزد عن أمس إلا إصبعا

فأسكتني بقناعة، رحت بعدها اعتذر له خجلا قبل عوني الذي ذهبت إليه أعنفه: كيف تجرأ فتزعل من الأستاذ جعفر، بل كيف تترك المكان هكذا. واعترف كلانا بخطأه هو في زعله وتركه المكان، وأنا لعتابي عليه، فذهبنا إليه سوية لنقبله، ولنعتذر منه.

هو إذن " واحد من المربين الأساتذة الذي عمل أولا كأستاذ، ثم جرب هذه الأستاذية في المسرح على صعيد الإخراج ". لقد كان [الأستاذ في المخرج] ولم يكن [المخرج في الحرفة، أي، الـ profitonal]. لقد اهتم بالتربية قبل الفن، اهتم بها لاعتقاده إن امتلاكها هو الذي يصنع الفنان. لأن أية موهبة مهما علت حين تبتعد عن التربية وأصولها، تظل بعيدة عن امتلاك الخاصية الأهم في الفن: [الأخلاق] التي بدونها تصعب الحياة وتموت الموهبة مهما عظمت، ولا يكون الفنان – بدونها - فنانا. لم يكن ليخفي انه تربوي أولا ومنذ سنينه الأولى في الفن، حين يقول:

- «عندما كنت طالباً و[مدرسا مخرجا]ً في معهد الفنون الجميلة، أخرجت العشرات من المسرحيات ومعظمها كانت من تأليف [أحمد شوقي] ".

متعمد أنا، حين حصرت قوله في [ مدرسا مخرجا ] بين قوسين لأؤكد بها توصيفه لنفسه. ذلك التوصيف المطابق لمحتوى المبحث الذي نحن فيه. ولأنه لم يكن يعتبر الاعتراف بها مثلبة كما هو شأن الآخرين، بل ولا أبالغ إن قلت انه كان يتباهى، حين ينطلق منها للصدق الذي يتمتع به، والزهد الذي يتصف به حد التماهي. فلم يعتبر نفسه في الفن إلا [هاويا] وكل المحيطين به [محترفين] لها، بل والأهم منه في الصنعة، وهذا في رأينا مناف جدا للحقيقة. كما ويؤمن بأن صفة [الفنان] أمنية بعيدة المنال، لا يحظى بها إلا النادر من مستحقيها، وهو زهد آخر مبالغ فيه. لأنه ما فكر يوما في أن يقدم الفن إلى الناس لقاء ثمن، فالثقافة – في مفهومه - لا تكال بمكيال وهي تهدى مثل النصيحة. على أن نعرف بأن معاناته لخلق جمهور للمسرح ما قل عن معاناته لخلق ممثلين وفنيين ومصممين وباقي مستلزمات العمل المسرحي، وله حديث عن الجمهور الذي لم يعرف طريقه إلى المسرح خلال عرض مسرحي كان من إخراج بهنام ميخائيل، وكيف انه وقف في طريق المارة على باب المسرح يدعوهم لمشاهدة العرض فلم يجد غير بائع الشلغم الذي دعاه بقوله: "لماذا لاتدخل وتتفرج" – وحسبه – انه دخل وحده وجلس السعدي إلى جانبه جمهورا لذاك العرض. لكن وفي العرض الذي تلاه بدأ البعض من الجمهور ونتيجة التثقيف الذي مارسوه عليه أن يتوجه إلى المسرح، وبالتدريج بدءوا يألفون المسرح، حتى انهم وفي مسرحية [عطيل] التي أخرجها جاسم العبودي، بدأ الجمهور يطلب التذاكر قبل العرض بأيام، حتى أنها أصبحت تباع في السوق السوداء. كان هذا في مسرح معهد الفنون الجميلة [المكان – المحراب]، المسرح الذي يعمل فيه وهو [الأستاذ] الموظف في الدولة الذي يتقاضى عن وظيفته راتبا. وعليه فأن مبالغ التذاكر ممكن ان تنفع في إنتاج مسرحية أخرى بعد أن يتوزع قسم منها على الطلبة الفقراء من الممثلين والعاملين. وحسب السعدي انه، وحتى العام 1979 لم يستلم من المسرح أي مبلغ، بل يقول:

- نحن من كان يصرف على المسرح. والمرة الأولى في حياتي استلمت فيها مبلغا لقاء عملي في المسرح كانت عن عملي في مسرحية [نفوس]، المعدة عن مكسيم غوركي والتي أخرجها قاسم محمد لفرقة المسرح الفني الحديث. عندما استضافتني الفرقة وقتها، وقدمنا العرض على [مسرح بغداد]. فقدموا لي بعد العرض أجرا كان 56 دينار، وهي المرة الأولى في حياتي أتقاضى فيها أجرا من عملي في المسرح. أما قبلها فعلى العكس كنا نستقطع من رواتبنا نهاية كل شهر كي ندفع إيجار مقر الفرقة، وبعض المستلزمات التي يتطلبها العمل المسرحي فيها.

عن الحوار المتمدن