في رحيل خابيير مارياس.. المرشح الإسباني الدائم لنوبل

في رحيل خابيير مارياس.. المرشح الإسباني الدائم لنوبل

أحمد عبد اللطيف

خبر حزين ساد الأوساط الثقافية الإسبانية والعالمية، مؤخرًا، برحيل الروائي خابيير مارياس، أحد أبرز الكُتّاب الإسبان في نصف القرن الأخير، ومرشحها الدائم لجائزة نوبل، عن عمر يناهز السبعين. كان مارياس قد دخل المستشفى منذ أكثر من شهر إثر أزمة رئوية أودت بحياته في النهاية، بحسب بيان صدر عن ناشره، دار الفاجوارا. وأشارت الدار العريقة في بيانها إلى أنها تشعر "بحزن عميق" وتعبّر باسم ألفاجوارا واسم عائلته عن أسفها لرحيل "كاتبنا الكبير وصديقنا خابيير مارياس».

كان مارياس عضوًا في الأكاديمية الملكية للغة الإسبانية ومرشحا لجائزة نوبل في مرات عديدة، ومؤلفًا لـ 16 رواية، آخرها «توماس نيفيسون» (2021) التي اختارها نقاد جريدة الكولتورال كأفضل عمل في العام. وفي كانون الأول/ ديسمبر الماضي اختارته رويال سوشيتي أوف ليتيراتشر كعضو عالمي، وهو أول إسباني ينال هذا التكريم.

بموت مارياس، تفقد إسبانيا واحدًا من أكثر كتابها تأثيرًا وتقديرًا في العقود الأخيرة، وهو كاتب نال الإعجاب داخل بلده وخارجها. وبالنسبة للكثيرين، هو أفضل روائي باللغة الإسبانية في عصرنا. وفي حوار أخير له مع جريدة الكولتورال، في كانون الثاني/ يناير الماضي، علّق على ذلك بقوله "لا أفكر أني أفضل كاتب حي. لا أعرف كل ما يُكتب الآن، لكني أريد أن أفكر أن ثمة كتابًا أفضل مني". وعن شهرته بأنه منعزل وصعب الطباع، قال: "أعرف أني مشهور وأني متعجرف ومتكبر، لكني لا أعتبر نفسي هكذا. قليلًا ما كنت وقحًا، سواء في مقالاتي أو تصريحاتي».

بموت مارياس، تفقد إسبانيا واحدًا من أكثر كتابها تأثيرًا وتقديرًا في العقود الأخيرة، وهو كاتب نال الإعجاب داخل بلده وخارجها. وبالنسبة للكثيرين، هو أفضل روائي باللغة الإسبانية في عصرنا».

حياة وأعمال

كان مارياس ابنًا للفيلسوف خوليان مارياس وللبروفيسورة والمترجمة دولورس فرانكو. وكان الابن الرابع من ضمن خمسة أبناء، أحدهم مؤرخ الفن فرناندو مارياس والناقد السينمائي والاقتصادي ميجيل مارياس، وخاله السينمائي خيسوس فرانكو (المشهور باسم خيس فرانكو) وابن عم المخرج ريكاردو فرانكو.

قضى مارياس جزءًا من طفولته في الولايات المتحدة نظرًا لنفي أبيه خلال الفرانكوية، وكان مغرمًا بالثقافة والأدب الأنجلوسكسوني. واتخذ من قصائد لشكسبير عددًا من عناوين رواياته.

كتب مارياس روايته الأولى "سيطرة الذئب" عام 1970، ونُشِرت في العام التالي. وأثار جدلًا في الوسط الأدبي بروايته "إرشاد خوان بينيت"، الذي جمعته به صداقة كبيرة.

من بين رواياته الأهم تبرز "زقاق الأفق"، "ملك الزمن"، "الرجل العاطفي"، "كل الأرواح". برواية "قلب ناصع البياض" (1992) (ترجمها للعربية عبد الهادي سعدون وطلعت شاهين) حقق نجاحًا منقطع النظير على المستوى القرائي والنقدي وتحقق معها تكريسه النهائي في عالم الأدب. في السنوات التالية نشر "غدًا في المعركة فكر فيّ"، "ظهر الزمن الأسود"، "وجهك غدًا"، "غراميات" (ترجمة صالح علماني)، "هكذا يبدأ الشر"، "بيرتا إيسلا"، و"توماس نيفيسون».

بالإضافة للروايات، نشر مارياس عددًا من المجموعات القصصية منها «بينما ينمن»، «حين كنت فانيًا وشريرًا»، بالإضافة لمختارات من النصوص مثل «بصمات متناثرة»، «بين الأبديات»، «كتابات أخرى». كذلك نشر دراسات منها «الرجل الذي كان يبدو أنه لا يرغب في شيء»، «حيوات مكتوبة»، «وجهات نظر»، «فوكنر ونابوكوف: أستاذان»، «كيخوته ويليسلي». ونشر كتابًا في أدب الطفل بعنوان «تعال وابحث عني».

«اعتراضًا منه على منح الدولة للجوائز، رفض مارياس الجائزة الوطنية للأدب عام 2012، وقال إنه لو قبلها سيكون وقحًا. واعترف جزئيًا بأنه رفضها كذلك لأنهم لم يمنحوها إلى أبيه أبدًا. بنفس المبدأ كان سيرفض جائزة ثيربانتس، مجد الأدب الإسباني، وكان مرشحًا قويًا لها».

عطفًا على كونه كاتبًا مكرسًا، فمارياس مترجم وكاتب مقال مؤثر. بترجمته لـ "حياة وآراء الفارس تريسترام شاندي"، لـ لورنس ستيرن، فاز بجائزة الترجمة فراي لويس دي ليون. ترجم كذلك لستيفنسون وكونراد وفوكنر وييتس ونابوكوف. وكان يرى أن "الترجمة أفضل طريقة لقراءة كتاب، لأنك تضطر لدراسة التفصيلة الأخيرة وقلب النص إلى لغتك بطريقة مقبولة. الترجمة أفضل مدرسة للكاتب».

عمل مارياس بروفسورًا للأدب الإسباني ولنظرية الترجمة بجامعة أوكسفورد (1983-1985) وبجامعة كومبلوتنسي بمدريد من 1986-1990.

منذ شبابه المبكر بدأ مارياس يتعاون مع الصحافة، وتميزت أعمدته بالسخرية وبالنظرة الناقمة على العالم الحديث، وأثار الجدل بتناوله موضوعات مثل الفيمينيزم والإبداع المعاصر والطبقة السياسية.

لأهمية كتاباته الصحافية، جُمعت في العديد من الإصدارات من بينها "دروس موضة قديمة" (2012)، وتناول فيه انشغاله بالاستخدام المعاصر للغة الإسبانية، و"أزمنة مضحكة" (2013)، و"أقسم ألا أقول الحقيقة أبدًا" (2015). وفي 2018 ظهر "عندما يحكم الحمقى"، ويضم 95 مقالًا منشورًا في الباييس الأسبوعي بين 8 شباط/ فبراير 2015 وحتى كانون الثاني/ يناير 2017.

اعتراضًا منه على منح الدولة للجوائز، رفض مارياس الجائزة الوطنية للأدب عام 2012، وقال إنه لو قبلها سيكون وقحًا. واعترف جزئيًا بأنه رفضها كذلك لأنهم لم يمنحوها إلى أبيه أبدًا. بنفس المبدأ كان سيرفض جائزة ثيربانتس، مجد الأدب الإسباني، وكان مرشحًا قويًا لها. لكنه قبِل أن يكون عضوًا بالمجمع الملكي للغة، وشغل هذا الكرسي منذ 2008.

من بين الجوائز التي فاز بها جائزة مدينة برشلونة عام 1889، وجائزة النقد 1993، وجائزة دبلن الأدبية، وجائزة رومولو جاييجوس وفومينتور دي لاس ليتراس 2013.

عن موقع الضفة الثالثة