ألفاظ ومفردات عراقية طريفة ونادرة

ألفاظ ومفردات عراقية طريفة ونادرة

حسين حاتم الكرخي

تِشكَمْ:

من اصل اعجمي (كشتم) و تعني (غير مقبول، مرفوض) و هي من مصطلحات لاعبي النرد و الدومنة و الورق و غيرها، و تقال حين يكتشف اللاعب حيلة او خدعة او مخالفة يرتكبها الطرف الاخر.

ﭼﺤِﻨْﺘِﻲ:

الشخص الضخم القوي جاء في (الحوادث الجامعة) ص 433 ان اللفظة من شحنة البلد، المكلف بضبطها و المسؤول عن استتاب الأمن فيها، شاع استعمالها ايام المغول بالشكل الآتي (شحنكي) و الجمع (شحنكية) نحت العراقيون منها الأسم (ﭼِﻨْﺤِﻴﺖ) فاستعملوه اسما و صفة لبعضهم.

و منهم (ﭼِﻨْﺤِﻴﺖ) من ابطال ثورة العشرين في النجف.

ﭼﻮبي:

اعجمية. ﭼﻮب بوزن ثوب، عصا خشب و منها (ﺍﻟﭽﻮب الصيني) أي الخشب الصيني و هو مادة عطارية تستعمل لعلاج بعض الأمراض فالمعنى المقصود بكلمة ﭼﻮبي المكان الذي تجري فيه لعبة العصي أي لعبة (الساس) و في نفس المكان بخاصة في ايام الأعياد كانت تنصب الأراجيح (المراجيح) و (دواليب الهواء) و (الفرارات) التي تدور حول نفسها ثم يتقاطر الباعة و الحمارون و يؤدي الرجال و النساء رقصاتهم الشعبية الجماعية فيصبح المكان محطة للتسلية فاصطلح البغداديون على تسميته مرة بـ (الفرجة) و اخرى بـ (ﺍﻟﭽﻮبي) كقولهم

(رايحين ﻟﻠﭽﻮبي) ثم سميت الرقصة الجماعية بالجوبية نسبة الى المكان الذي تجري فيه من باب تسمية الجزء بالكل، بقي ان نعرف ان (الساس) يلعب بالسيف و الدرقة المعدنية و (الطابك) بالخيزرانة و الواقية الجلدية الشبيهة تقريبا بقفاز الملاكمة و اصل كلمة الساس (ساز).

ومما يجدر ذكره ان الشاعر الكرخي كان من مشاهير لاعبي الساس، تدرب عليه الشاعر عباس العبدلي، فمن قصيدة و جهها له، ذكر فنون و اسرار و مصطلحات هذه اللعبة، منها:

حقيقه في بلد بغداد ونّسناك وِنْسه عال، ملعوبات علمناك

(طاﺑك) ماعدا الونسات لاعبناك اسطه صرت ماهر زين تلعب ساس

جﻼّق:

تركية بمعنى ابتر الرجل او اليد، ثم استعملها الناس كناية عن الرفسة، و مثلها (ركلة ودفرة) و (ﻳﭽﻠﻖ له): يعدد مساوئه و يكيل له السباب و الشتائم. و (ﭼﻠﻘﭽﻲ) السفيه الطويل اللسان، ورد عدد من اشتقاقاتها في شعر الكرخي:

ضربني هالحلو ﭼﻼق

عقلي تاه دمي انراق

يا اهل الهوى العشاق

كﻮمو عاد شيلوني

و قال في موضع آخر:

دلال و حكيم و آشجي و كصاب

و بعضا كنده كار، و ما عدا الرباب

و البيعار والخارج على الآداب

و ﭼﻠﻘﭽﻲ و قمرﭼﻲ و ﺳﺨﺘﭽﻲ و حيال

حكيم: متطبب، آﺷﭽﻲ: طباخ، كندة كار: حفار و نقاش على الأحجار و الأخشاب و المعادن، الرباب: عازف (الربابة)، البيعار: لايخشى العار، قمرﭼﻲ: لاعب القمار، ﺳﺨﺘﭽﻲ: المحتال.

ﭼﻠﻚ،آهين: نوعان من معدن الحديد الصلب، الأول اقوى من الثاني، قال الكرخي:-

نتناطح وكاحه، كﺮوننا من طين

و كرون المقابل ﭼﻠﻚ و آهين

عناد الخنفسانه عنادنا صلفين

من تدفعها لك دفعه ترد اردود

و (اللك) يساوي في الأرقام مئة الف، و هو من الهندية (LAKH)

يَنكي دنيا، لنكي دنيا:

تركية محوّرة من (يني دنيا)،بمعنى (الدنيا الجديدة)، وهي ثمرة لذيذة الطعم، كثيرة الماء، برتقالية اللون، بحجم البرقوق وبشكل الكمثرى، لها نواة كبيرة، بلون قهوائي غامق، دخلت العالم القديم من القارة الأمريكية التي اكتشفها البحار الإيطالي (كريستوفر كولومبس) في اليوم الثاني عشر من تشرين الأول عام 1492م، وكانت تعرف باسم الدنيا الجديدة أو العالم الجديد.

وفي بغداد صدرت عام 1933م جريدة نصف أسبوعية باللغة التركية باسم (يني عراق)، أي العراق الجديد، وكانت تطبع في (مطبعة الكرخ).

وفي الأربعينيات ظهرت في أسواق بغداد سجاير تركية الصنع، تحمل أسم (ينيجة) بمعنى جديدة.

و(الينيچيرية) أو الانكشارية، تعني العسكر الجديد، اسسه السلطان العثماني (أورخان غازي) وفرقة الانكشارية، كان لها مركز ممتاز بين فرق الجيش العثماني، وكان أفرادها يربون تربية خاصة منذ حداثتهم على الولاء المطلق للسلطان، ويتلقون تدريبا عسكرياً دقيقاً، وقد ظفرت الانكشارية بسلطة كبيرة فكانت تنصب السلطان وتخلعه كما تشاء، ولما أصبحت خطراً على أمن الدولة، قضى السلطان محمود الثاني عليها في مذبحة جرت باستنبول سنة 1826م (الجزء الأول من الموسوعة العربية الميسرة) وجاء في (تاريخ العراق بين احتلالين 6/291) بتلخيص: أمر السلطان بالقضاء عليهم وقتل منهم ألوفاً، وقبورهم قرب (وادي العوسج) إلى جهة خانقين، كانوا – بادئ الأمر – واسطة تقدم الترك ونجاحهم، ثم طغوا، وجرّوا المصائب على الدولة، حتى كادوا أن يقضوا عليها، لولا أن تداركها السلطان بنظامه الجديد، فعادت إلى سابق عزه ومجدها، وكانت الدولة قد أسست (العساكر المنصورة المحمدية) فتذمر (الينيچيرية) وثاروا، فكان ذلك سبب تصفيتهم، والقضاء عليهم.

و(الينكة): الدليلة، والبغداديات كن يطلقن على صاحبة حمام النسوان هذه الكلمة ويقصدن (الشيخة)، أما (الينكي) فتعني الغلبة والظفر.

هرج:

ضجة، ضوضاء كقولهم (هرج ومرج)، ومن معانيها البيع بالمزاد العلني، وفي الفارسية (هراج)، و(هرياج) اللفظة التي يصرخ بها المنادي إيذاناً ببدء المزايدة، وفي بغداد عدة أسواق يجري فيها بيع الأسقاط والأثاث المستعملة بالمزاد العلني، وأشهرها (سوق الهرج الكبير) الكائن في محلة الميدان و(سوق الهرج الصغير) القريب من المدرسة المستنصرية والذي أزيل لتوسيع وتطوير المنطقة.

وبسبب الازدحام الشديد الذي يحصل في هذه الأسواق ينتشر النشالون و(ضرابو الجيب).

جاء في محالات شاعر العامة: (يصير خيل اتلزّها بسوك الهرج؟)، وهرج يهرج في اللهجة البدوية: تكلّم يتكلّم، والمهرجاني كالخطيب المتكلّم، والمهرجان الاحتفال وفيه يتعالى صياح الناس وضجيجهم:

مهرجاني وعارفه لرد الجواب

ذاك أبو الهادي البشيخه اشتهر

و(الهرج) بخفض الهاء والراء وحدة مساحة زراعية:

للدِمِن فدوة والدِرج

هالچان يكرُبلي هِرِج

مثله ميحلالي شِفِج

كرنة على طول الإذن

الدمن والدرج إفراز الحيوانات، والشِفِج الثور.

عرقجين:

مركـّبة من (عرق) و هو رشح البشرة (الجلد)، و (ﭼﻴﻦ) الأعجمية بمعنى ماص، جامع فيكون المعنى الكامل (جامع العرق).

ﻋﺭﹺﻳﭽﺔ لبخة حارة من عجين و سكر، توضع على الدمـّلة لأنضاجها، و بعض اللبخات يضاف اليها الملح، و بعضها الدهن لأغراض مختلفة، و هي من أدوية الطب الشعبي، قال الكرخي في وصف قاض سابق في (ﺣﻠﺒﭽﺔ):-

ﻻﺯ ﺑﺨﺪﱠﺓ ﻋﺭﻳﭽﺔ

و وارم من البرد ﻓﭽﺔ

الهزّة:

قطعة من القماش المنسوج من الصوف أو القنب، يستعملها عامل البناء (الهازوز) في حمل المواد الانشائية على ظهره، قبل شيوع استعمال عربات اليد الحوضية، بأن يعقد طرفيه حول رقبته، ويفرشها على الأرض، وبعد أن يملأها بالمادة، يرفعها إلى ظهره ويتجه بها إلى موقع العمل.

وكان الأستاذ الشيخ جلال الحنفي، نشر تعقيبا في العدد 3050 من جريدة (القادسية) بتاريخ الأحد 22 تشرين الأول 1989 على هذه الكلمة وغيرها، التي دأبتُ على نشرها في جريدة (العراق) عامذاك، في حلقات، قال فيه مشكوراً:

الهِزّة: هذه الكلمة بكسر الهاء وتعني كونيّة تتخذ على هيئة خاصة يحمل بها التراب الذي يجرفه المرار بالمرّ وقد انقرض هو والهزة من مفردات أعمال البناء وكلتا الكلمتين من الكلمات القديمة.

كانت هذه الكلمة من ضمن ما اعتاد أن يكتبه الزميل الباحث حسين الكرخي في جريدة العراق الغراء منذ أيام قريبة.

وذكر الزميل الكرخي أن الهزة تركت نهائياً بسبب اللجوء إلى عربات النقل اليدوية، والذي لاحظته أن المقاول الذي اتخذناه لبناء دارنا – التي لم تبن بعد – لم يستعمل الهزة، ولا استعمل عربة النقل اليدوية اقتصاداً وشحّاً وإنما استعمل المساحي التي تخرج التراب من الأرض المحفورة فترمي به في مثل مكانه أو بعيداً عنه قليلاً، وهذا هو السرّ في إهمال (الهزة) إذ حين سارت الهجرة الجماعية على بغداد من قبل الفلاحين وهم أهل مساح وكركات كان لجوؤهم على أعمال البناء قد جرّ إلى ترك الاستعانة بالمرّ والهزّة، ولم تكن عربات اليد هي السبب في ذلك أول الأمر، وعلى أن هذه العربات قللت من الحاجة إلى استعمال الطوس التي ينقل بها سمنت البناء لقلة ما تحمل الطاسة وكثرة ما تحمل العربة.

ج. العراق 1988