(آني إرنو) أول كاتبة فرنسية تفوز بجائزة نوبل للأدب: الجائزة هي إستمرار لإلتزامي بالكتابة..  والأدب ليس محايدا،ولم يكن يوما كذلك

(آني إرنو) أول كاتبة فرنسية تفوز بجائزة نوبل للأدب: الجائزة هي إستمرار لإلتزامي بالكتابة.. والأدب ليس محايدا،ولم يكن يوما كذلك

ترجمة: عدوية الهلالي

آني إرنو هي أول امرأة فرنسية تحصل على جائزة نوبل للآداب والتي جاءت كمكافأة لها في سن 82 عامًا على أعمالها التي تتخللهاعلى وجه الخصوص، مواضيع العاطفة الغرامية والنسوية. والروائية هي أول امرأة من بين 16 كاتبة فرنسية تحصل على جائزة نوبل في الأدب منذ تأسيس الجوائز الشهيرة في عام 1901. وقد أصبحت آني إرنو المرأة السابعة عشرة التي تفوز بجائزة نوبل للآداب.

وهي ناشطة نسوية منذ فترة طويلة، وتسعدها التطورات الأخيرة التي ساهمت فيها حركة #MeToo، والحركة النسوية بشكل عام كما هي موجودة حاليًا، فهي تجبر الرجال بالفعل على مراجعة سلوكهم.. وفي عام 2021 اقتبست السينما اثنين من كتبها(العاطفة البسيطة) و(الحدث)..

وبعد ساعات قليلة من إعلان فوزها، بدت الدهشة على وجه إرنو،واعترفت قائلة “أنا لاأجيد تقدير النتائج على الإطلاق”. فبعد نصف قرن وعشرين كتابًا، هزت ابنة صاحب بقالة نورمان، التي أصبحت أستاذة في الأدب، عالم الأدب من خلال تناول موضوعات مثل العاطفة الغرامية أو الاغتصاب أو الإجهاض وتفاوت الطبقات الاجتماعية ونضال المرأة واغلبها مواد خام مستمدة من حياتها الخاصة ولهذا نجحت في ان تمس قلوب قرائها. يقول أحد المعجبين بكتاباتها: “إنها تعيدنا إلى الأشياء التي ربما اختبرناها والتي هي في طبيعة الحياة».

بعد اعلان فوزها بجائزة نوبل، اكتسحت اعمالها المكتبات وقفزت ارقام مبيعات اعمالها وتم عرض جميع أعمالها تقريبا في المكتبات كما اختفت بعض الكتب بسرعة فائقة من أرفف (مكتبة النساء) في باريس خصوصا والتي أنشأتها حركة تحرير المرأة (MLF)، حيث سجلت آني إرنو كتابًا صوتيًا أيضا وحيث كان لقصصها صدى خاص ومن بينها (السنوات)،(المرأة المجمدة)،(الشاب) وغيرها..

تعترف احدى قارئات اعمالها قائلة: ”لم أكن قد قرأت كتب آني إرنو،لكني كنت أعرف أن هناك مكانًا كبيرًا للمرأة في عملها”، وتؤكد قارئة اخرى: “أجد أن كتبها تردد صدى أصوات العديد من النساء، وتروي العديد من القصص الواقعية”، بينما ترى احدى القارئات “ان جائزة نوبل ليس اعترافا بها ككاتبة بل تقديرا لاهتمامها بقضايا المرأة.. نحن سعداء جدًا بذلك لأنها ستكون دعما بالنسبة للمرأة، فمع تطور قصصها،تمكنت آني إرنو من التحدث إلى كل جيل من النساء»..

من جهتها،قالت الكاتبة آني إرنو في اليوم التالي لمنحها جائزة الأدب: “لقد استغرق الأمر وقتًا طويلاً لإقناع نفسي بأنني حصلت على جائزة نوبل”. مؤكدة على ان الجائزة ستمثل استمرارا لألتزامها بالكتابة”. وعندما علمت عن الجائزة، فكرت آني إرنو في والديها وعائلتها. فهي تشعر أنها ربما فعلت أفضل ما يمكنها فعله لحياتها في أعينهم. وتعتقد الكاتبة البالغة من العمر 82 عامًا أنها أمضت حياتها “في البحث عن شيء صحيح في الكتابة”، فمن خلال هذه الجائزة، تشعر آني إرنو “بالمسؤولية لأن الأدب ليس محايدًا ولم يكن أبدًا “، كما تعتقد ان الكتابة “لها تأثير على أولئك الذين يقرؤون والذين لا يقرؤون”. وتفضل المحافظة على مكانة الكاتبة الملتزمة المرتبطة بها. تقول: ”وظيفتي الكتابية هي دائمًا الوصول إلى ما هو واقع بالنسبة لي، سواء كان ذلك واقع المرأة أو الواقع الاجتماعي».

وتستذكر إرنو”جدها الأمي” ووالداها “اللذين تركا المدرسة في سن الثانية عشرة وعملا في المصنع”. ويمكن ان نرى هذه البيئة الاجتماعية في قلب العديد من روايات السيرة الذاتية لآني إرنو، ولا سيما(المكان) عام 1983، حيث استعادت حياة والدها، الذي كان يدير بقالة مع والدتها في النورماندي. فقد ولدت آني دوتشيسن في 1 أيلول عام1940 في ليلبون (نهر السين البحري)، ونشأت في يفيتوت في نورماندي، ونشأت من خلفية اجتماعية متواضعة. وأصبح والداها، العمال، تجارًا بعد شراء مقهى وبقالة القرية. وبعد أن درست الأدب في جامعة روان ثم في بوردو، قامت بالتدريس في أوائل السبعينيات في آنسي.

ومن خلال الاعمال التي تتغذى على قصة حياتها الخاصة، وقصص التحرر العاطفي والاجتماعي، أصبحت الروائية “مرجعًا فكريًا” لجيل كامل من النسوية وخاصة في أعقاب حركة #MeToo «. كما استكشفت خلال رواياتها حالة المرأة التي ولدت أثناء الحرب وأصبحت بالغة في الستينيات،وسردت الطفولة والمراهقة والشباب في (الخزائن الفارغة) عام 1974، أو في (ماذا يقولون أو لا شيء) عام (1977) ؛ كما روت قصة عائلتها ووالديها وتحررها الاجتماعي في (المكان) عام (1983) أو (العار) عام (1997).

تقول إرنو: ”أنا لاأحب الاستعراض،ولست أنانية حتى لو تعرضت لانتقادات بسبب ذلك. أنا أتحدث عن نفسي لأنه الموضوع الذي أعرفه جيدًا،لكني أعكس قصصي على حالات المجتمع “.. ففي روايتها(المرأة المجمدة) عام 1981،تحدثت الكاتبة عن زواجها واطفالها وعملها كمدرسة،وفي رواية (الحدث) عام 2000،تحدثت عن الاجهاض وتحدثت عن وفاة والدتها في رواية (امرأة) عام 1987، وعن العاطفة في رواية (العاطفة البسيطة) عام 1992، وروت سر العائلة، ووفاة أختها قبل ولادتها في فيلم(البنت الاخرى) عام 2011؛ والدخول الوحشي للحياة الجنسية في رواية (ذاكرة فتاة) عام 2016. كما قدمت شكلاً من أشكال توليف كل تلك الذكريات في روايتها (السنوات)، التي نُشرت في عام 2008.

وفي أحدث رواياتها، (الشاب) الصادرة عن (غاليمارد) عام 2022، تعود آني إرنو بنص قصير ومكثف للقصة التي عاشت فيها مع رجل يصغرها بثلاثين عامًا عندما كانت في الخمسينيات من عمرها. وهي تجربة تعيد ربطها بشبابها، من خلال الكتابة.

لقد أصبحت آني إرنو أيضًا نموذجًا لجيل شاب من الكتاب، مثل إدوارد لويس. اذ يقول عنها: ”تحدثت آني إرنوعن الطبقات العاملة والطبقة الدنيا.. لقد جعلت القصص الأخرى ممكنة، وفتحت لنا الأبواب».

أما ماريا بورشيه، مؤلفة كتاب (نار (فقالت بأنها تعلمت من آني إرنو”دور اللغة في تعليم الفتيات”. وأضافت: “لقد سمحت لي أيضًا بالتركيزعلى مسألة الأسلوب،. إنها كاتبة الواقع”. ولا يخفي نيكولا ماتيو الفائز بجائزة غونكورلعام 2017، أو المؤرخ والروائي إيفان جابلونكا، إعجابهم بآني إرنو أيضًا.

ظهرت الروائية في عام 2019 في القائمة المختصرة للمرشحين النهائيين لجائزة مان بوكر الدولية الأدبية عن روايتها (السنوات).. كما حاز الفيلم المأخوذ عن روايتها (الحدث) على جائزة الأسد الذهبي في مهرجان البندقية السينمائي..