هيلاري مانتل.. المولعة بالدعاية الذاتية ومشاكسة المحافظين!

هيلاري مانتل.. المولعة بالدعاية الذاتية ومشاكسة المحافظين!

ترجمة: عبد الخالق علي

تُعدّ هيلاري مانتل الروائية البريطانية الأفضل مبيعاً التي تتمتع أعمالها ــ و معظمها قصص أو روايات تاريخية ذات تناغمات سياسية معاصرة ــ بالانتشار في بريطانيا حيث تمتلك الكاتبة ذات الـ 62 عاماً طريقة ذكية للدعاية الذاتية. ففي السنة الماضية، مثلاً، تسببت في بعض الحساسية حين وصفت في محاضرة لها كيت ميدلتون، دوقة كمبرج، بأنها صنيعة الدقة البالغة أو بأنها كالآلة، أو المانيكان... إلخ.

و الآن تعاود طريقتها الانتقادية الاستفزازية هذه، حيث سيلاحظ قراء النيويورك تايمس ظهور قصة قصيرة لها بعنوان “ اغتيال مارغريت تاتشر “، من مجموعتها القصصية القادمة. وحبكتها بسيطة و تفسر نفسها بنفسها: ففي عام 1983، كان اثنان من المعارف اللندنيين يناقشان إمكانية ــ و في الحقيقة، مرغوبية ــ إطلاق النار على مارغريت ثاتشر، التي يمكن رؤيتها من نافذة الراوي. و قد شرحت السيدة هيلاري أنها نفسها رأت السيدة ثاتشر مرةً من نافذتها خلال حرب الفوكلاند، و خطرت لها أفكار مماثلة. و بالتأكيد فإن تعليق الراوي المطوَّل على ثاتشر ــ بشكل أقرب للمقال من الأدب المتخيَّل ــ يمكن أن يؤخذ على أنه صوت هيلاري مانتل نفسها.

و قد أحدث ذلك كله، بالطبع، رد فعلٍ أكثر غرابةً حتى من تعليقاتها السامة على كيت ميدلتون. فمثل الفراشات المجذوبة لشعلة ضوء، في الواقع، ذهب أعضاء معينون من المحافظين في البرلمان بعيداً جداً إلى حد الإشارة إلى أن القانون قد يصبح طرفاً في القضية، نظراً لكون إضفاء صفة الرومانسية على اغتيال مسؤولين عامين يمكن أن يوحي لقتلةٍ محتملين بفعل ذلك. غير أن قصة مانتل خيالية، في ظاهرها، و الناس، في عالمنا عبر الأطلسي، لا تلاحقهم الشرطة لأفكارهم، بصرف النظر عن مدى عدم ملاءمتها. فحرية الفكر، كما أعلن جستِس هولمز ذات يوم، تتضمن “ الحرية للفكر الذي نبغضه. «

و هناك في سجل القصاصات Scrapbook ملاحظتان حول هذا، و سؤال واحد. أولاً، إن رد الفعل الساخط لأصدقاء مارغريت ثاتشر و المعجبين بها على قصة مانتل جعل مطبوعاتٍ مثل صحيفة الغارديان ــ التي يُسرها في العادة إسكات الرأي غير الشعبي ــ تسلك الطريق العالي على مسألة الكلام. فإنه لأمرٌ أكثر من مزعج أن يحاضر في الترخيص الفني و حرية الضمير أشخاصٌ يؤمنون بأن الكلام “ المؤذي “ أو التخيّل “ البغيض “ أو الأفكار “ العدوانية “ ينبغي أن تُقمع.

ثانياً، إن قصة مانتل أحيت لدينا مجدداً ذكرى رواية عام 2004 المنسية الآن للكاتب الأميركي نيكولسون بيكَر، (نقطة تفتيش Checkpoint)، التي تنطوي على حبكة مماثلة. ففيها يلتقي اثنان من المعارف أيضاً في غرفة فندق بواشنطن و يناقشان إمكانية اغتيال جورج بوش ــ “ لصالح الجنس البشري “. و تتّسم النهاية في رواية بيكر، كما هي في قصة مانتل، بالغموض على نحوٍ مناسب: فمن الممكن أن تكون ثاتشر قد قُتلت، و يمكن أن يكون بوش قد قُتل؛ لكننا لا نعرف ذلك بشكل مؤكد. و كما هي الحال مع هيلاري مانتل، فإن ما نعرفه عن نيكولسون بيكر يوحي بأن مزيج الخيال و الواقع ــ رأي المؤلف و وجهة النظر القصصية ــ أمر مدروس ونابع من القلب.

و هو ما يؤدي إلى سؤال واحد: ماذا هناك في ما يتعلق بالغضب العاجز لدى اليسار الثقافي؟ فغالباً ما يقال إنه في الوقت الذي يرى فيه المحافظون أن الليبراليين مضلَّلون، يعتقد الليبراليون بأن المحافظين أشرار. و بالتأكيد فإن الرؤى المحمومة ــ أحلام العنف الإجرامي ــ لدى نيكولسون بيكر و هيلاري مانتل توحي بأن “ الغضب “ هو التعبير المناسب هنا. و على أصحابنا في اليسار أن يفكروا ملياً برد فعلهم إذا ما قُلبت الطاولات، و يتناولوا حبّة فاليوم!

عن: The weekly Standard