نص نادر..المدائن أو طاق كسرى أو سلمان باك

نص نادر..المدائن أو طاق كسرى أو سلمان باك

كاظم الدجيلي

2ــ2

في الجنوب الشرقي من قبة سلمان على بعد 10 دقائق منها إيوان كسرى وهو أثر جليل من الآثار التي يتنافس فيها في العراق أما علو شأنه وسامق مجده فيخبرك منظره عن مخبره ولم تبق لنا الأيام منه إلا طاقه المعقود عقداً حكمته يد الإنسان الذي علمه الله ما لم يعلم وقومته فكرته التي غلبت كل مخلوق.

مرت القرون تلو القرون وذهب الملوك أثر الملوك وانقرضت الأمم بعد الأمم وهو باق على حالته الأولى يصارع الأيام فتصرعه ويصرعها وسيبقى - والبقاء لله وحده – ونذهب نحن والذين يأتون بعدنا إلى ما شاء الله يبقى وما بقاؤه إلا عبرة للمعتبرين (فاعتبروا يا أولي الأبصار).

وصف الإيوان القديم والحديث

قال الخطيب البغدادي في مقدمة كتابه تاريخ بغداد طبعة باريس في الصفحة 88 (المدائن لكثرة ما بنى بها الملوك والأكاسرة واثروا فيها من الآثار... وتسمى المدينة الشرقية العتيقة وفيها القصر الأبيض القديم... وتتصل به المدينة التي كانت الملوك تنزلها وفيها الإيوان باسبانير)..وقال في وصفه ابن الأثير في الكامل: (... وهو (يعني الإيوان) مبنى بالآجر وهو على مرتفع من الأرض طوله 150 ذراعاً في عرض مثلها وأمامه ميدان طوله 80 ذراعاً في 25 وقيل سعة الإيوان من ركنه 90 ذراعاً... وكان فيه من التماثيل والصور شيء كثير من جملتها صورة كسرى انوشروان وقيصر ملك إنطاكية وهو يحاصرها ويحارب أهلها فلما فتحت المدائن سنة 16 هجرية على يد سعد بن عبادة ترك ما فيه من التماثيل واتخذه مصلى وصلى فيه صلوة الفتح ثماني ركعات لا يفصل بينها وقيل إن المسلمين أحرقوه بعد ذلك بقليل) انتهى كلامه وقد سبقه إلى هذا الوصف نظماً بسنين كثيرة البحتري فلتراجع الأبيات في ديوانه ج 1: 108 طبع الجوائب.

أما اليوم فلم يبق إلا ما يأتي: (الإيوان) ويبلغ طوله أو غوره نحو 42 متراً في عرض 25 متراً في ارتفاع 30 متراً وعرض الباقي من العقد من علاه وثخنه 8 طاباقات أو متران و40 سنتيمتراً وهو مقوس ويبلغ مقدار قوسه 14 متراً وعرض حائط الإيوان الذي عليه طرف العقد زهاء 5 أمتار وعرض الباب الذي يكون مقابلاً لك إذا وقفت في وجه الإيوان ووجهك إلى الجنوب الغربي متران و20 سنتيمتراً وارتفاعه خمسة أمتار وهو معقود مقوس (ويزعم العامة أن هذا الباب هو الباب الذي كان تدخل منه وتخرج العجوز التي كانت دراها في أيام كسرى بجنب الإيوان وليس لها طريق سواه) وفي طرفي الجدار الذي فيه الباب المذكور من أعلاه روزنتان نافذتان إلى الوجه الآخر من الجدار يبلغ ارتفاع كل منهما مترين في عرض متر وارتفاع الجدار المذكور بين 15 و20 متراً.

وفي حائط الإيوان الشرقي مما يلي وجهه باب طوله 7 أمتار في عرض متر و87 س وقد شق عقده إلى أعلى الإيوان ويروي الأعراب عن أسلافهم إن هذا الشق هو الذي حدث يوم ولادة النبي (ص) وفي شرقي الباب المذكور جدار قائم قد سقط أعلاه وطرفه الشرقي ولم يبق منه إلا ما طوله نحو 31 متراً في عرض 7 أمتار في ارتفاع زهاء 30 متراً وفي وجهه الذي هو تجاه الشمال الشرقي آثار نقوش ومشاك وطيقان وأعمال هندسية في البناء بديعة ولعلها آثار ما وصفه البحتري وابن الأثير وفي أعلاه تجاه الجنوب الغربي أثر عقد يدلك على أنه كان هناك إيوان صغير غير هذا الكبير وقد هدم ومن الأرض إلى أثر العقد قراب 8 أمتار وفي وسط الجدار المذكور باب معقود طوله 7 أمتار في عرض 4 و20 س في ارتفاع متر و80 س وبناء الإيوان وجدرانه بالجص والطاباق وهو مربع يبلغ تربيع الآجرة منه قراب 30 س وثخنها زهاء 10 س وفي الجنوب الشرقي من الطاق بقرب الجدار تل ركام يسمى (شاه زنان) يبلغ ارتفاعه زهاء 7 أمتار ومحيطه 60 متراً وفي الجنوب الشرقي منه على بعد عشر دقائق تل آخر يسمى (تل الذهب) يبلغ ارتفاعه نحو 15 متراً ومحيطه قراب 200 متر.

وفي شرقي الإيوان على بعد 20 دقيقة السور الذي ذكره الشماس فرنسيس في الجزء الثالث ص 139 أما ضلعه الذي يذهب إلى الجنوب الغربي فبعد مسافة عشر دقائق يمحي أثره ثم بعد نصف ساعة يبدأ طرفه دون قبر حذيفة اليماني نحو 300 متر ثم يمر بارتفاع وانخفاض مسافة عشر دقائق ثم ينقطع مثله ثم يظهر ويبقى إلى مسافة 20 دقيقة ثم يأخذ في هبوط وصعود ووصل وقطع قليلاً قليلاً حتى يرد شط دجلة أسفل (قصيبة) وعلو أعلى موضع منه خمسة أمتار واخفض محل منه 3 أمتار ولعل هذا الأثر هو أثر السور الذي ذكره الخطيب في مقدمة تاريخه في الصفحة 89 قال (وكان الإسكندر... ينزلها (يعني المدائن)... وبنى فيها مدينة عظيمة وجعل عليها سوراً أثره باق إلى وقتنا هذا موجود الأثر وهي المدينة التي تسمى (الروضة) في جانب دجلة الشرقي.) أهـ ولكل من هذه القطع المذكورة اسم يطلقه عليها أعراب تلك الجهات فأول قطعة منه في الشمال الغربي من الطاق على بعد 200 متر تسمى (تل جميعة) تصغير جمعة وهو اليوم مدافن موتى النازلين في تلك الأرض ثم فوقه بقليل (الطويبة) ويبلغ علوها 7 أمتار ومحيطها 60 متراً وطرف السور الذي في أسفلها يسمى (رأس العين) وقطع السور الواقعة في الجانب الغربي من دجلة وهي التي أشار إليها الشماس فرنسيس في مقالته السالفة تسمى (حبل السور) وهذه القطع تذهب إلى الجنوب وهي ثلاث قطع الأولى واردة دجلة بل قل أكلتها هي وطول الجميع نحو 100 متر والفاصل بين القطعة الأولى والثانية 4 أمتار وبين الثانية والثالثة زهاء 100 متر وارتفاعهما زهاء 4 أمتار وعرضها من الأسفل 4 أمتار ومن الأعلى متر ونصف متر و (حبل السور) عند حد أرض (المناري) الشرقي وفي الجنوب الغربي منه على بعد ساعة تل يبلغ علوه 15 متراً ومحيطه قراب 120 متراً يسمى (تل عمر) ثم فوقه إلى الجنوب مسافة 40 دقيقة تلان متقابلان يسميان (الخياميات) يبلغ علو كل منهما خمسة أمتار ومحيطه زهاء 60 متراً وفيهما أثر أنقاض وقحوف ويقابل تل عمر من الشرق على بعد ساعة تل يسمى (بنت القاضي) يبلغ علوه 14 متراً ومحيطه 100 متر وبقربه على بعد 100 متر بقايا سور يسمى (السور الصغير) وفي جنوبي حبل السور على بعد نصف ساعة نهر قديم يكاد يساوي عقيقة الأرض يسمى (نهر اليوسفية) وهو يابس لا ماء فيه ومبدأ اسفل فوهة (نهر الرضوانية) الجارية إلى يومنا هذا يذهب إلى الشرق ويقاطعه الشط فوق سلمان من الجنوب الشرقي بقليل ثم يذهب حتى يمر بقرب كوت الإمارة والبصرة إلى أن يرد (الحويزة) وفوقه إلى الجنوب على مسافة 5 دقائق (نهر تل الذهب) وهو يابس وفي جنوبيه على مسافة نصف ساعة (تل الذهب) المذكور وهو غير تل الذهب السالف الذكر وهو عبارة عن تل يبلغ علوه نحو 7 أمتار وطوله 35 متراً وعرضه 10 أمتار ويمر في أسفله مما يلي الجنوب على بعد 20 متراً (نهر المحمودية) وفيه ماء وفي شرقي تل الذهب على مسافة نصف ساعة ثلاثة تلول تسمى (السمر) (وزان) (قفل) وفي جنوبي تل الذهب على مسافة ساعة ثلاثة تلول من التراب الواحد بجنب الآخر تسمى حويصلات وفي شرقيها على مسافة 50 متراً تل فيه حجارة وقحوف يسمى (حطيحط) يبلغ علوه نحو 5 أمتار ومحيطه 80 متراً وإذا رحلت من المنارى تريد الإسكندرية فليكن وجهك إلى الجنوب وطريقك على تل عمر وتل الذهب وحويصلات والمسافة من المنارى إلى الإسكندرية 6 ساعات للراكب.وفي الجنب الشرقي على بعد نصف ساعة من حبل السور تل يسمى (أبو حليفية) يبلغ ارتفاعه نحو 10 أمتار ومحيطه قراب 100 متر وغربي حبل السور على بعد 40 دقيقة.

مجلة (لغة العرب) 1913