في 5 أيلول 1954.. مصرع الشقي الشهير (إبراهيم عبدكة)

في 5 أيلول 1954.. مصرع الشقي الشهير (إبراهيم عبدكة)

إعداد: ذاكرة عراقية

في الخامس من ايلول من عام 1954 لقي إبراهيم ابن عبدكة مصرعه اغتيالا وهو من أشهر الأشقياء الذين عرفهم تاريخ العراق الحديث، لاقتران سيرته بالعديد من الأحداث المثيرة، ومساهمته الفاعلة في أحداث ثورة العشرين في أنحاء ديالى.

ذكر سليمان فيضي في مذكراته (في غمرة النضال) (أن ابن عبد كه ثائر شعبي من عامة الكرد اشتهر بالشجاعة والإقدام وكان له أثناء الثورة العراقية مواقف مشرفة ضد الإنكليز في لواء ديالى فلما نشبت الثورة وأخلى الإنكليز بعقوبة دخلها ابن عبدكة ونصب نفسه مديرا للأمن فيها وبطش بالجواسيس فقتل بعضهم وأحرق دورهم مما أثار حقد الإنكليز ونقمتهم عليه).. لما علم ابن عبدكة أمر الثورة واشتعال أواراها في الجنوب تقدم مع أخيه وابن أخته ومجموعة من أعوانه في 1/ أيلول/ 1920 من جهة بعقوبة الشمالية قنطرة خليل باشا حاليا تجاه سراي بعقوبة وأمطر مقر الحكومة بوابل من الرصاص مما اضطر الحاكم المدني إلى أن يهرب من السراي بعد أن قُتل عدد من جنوده باتجاه الحامية البريطانية الموجودة في العثمانية مقابل شقته وسقطت بعقوبة بالكامل على يد هذا الرجل الشجاع ولم يدخلها أحد غيره.

حينما دخلت العشائر إلى بعقوبة وجدتها خالية من السلطة بعد هروب المحتلين على يد ابن عبدكة وبعد وصول قوة بريطانية كبيرة استطاع ابن عبدكة ان ينسحب إلى قرية خرنابات ووجهت قوات الاحتلال قوة كبيرة بتاريخ 28/ أيلول/ 1920 باتجاه خرنابات لغرض القبض على ابن عبدكة وضربت هذه القرية وأسرت (350) رجلا من سكانها ساقتهم إلى أحد أبواب القرية الذي سمي في ما بعد بـ (باب الحصار).وتقول المس بيل في مذكراتها (لقد حاصرنا نهار 28/ أيلول قرية خرنابات الواقعة على مسافة (3) أميال من شمال بعقوبة للقبض على ابن عبدكة الشقي المعروف ولقد تمكن من الفرار وقد قُتل (31) من أتباعه وأسر (119) منهم...) لقد استطاع ابن عبدكة التخلص من الحصار المفروض على خرنابات وهرب إلى الخالص بمساعدة حسيب الصدر ومهدي الخالصي نجل العلامة محمد مهدي الخالصي اللذين كانا يقودان الثورة في الخالص من الهروب إلى المقدادية (شهربان) واستطاع بمساعدة أهالي المقدادية من الهجوم على حامية البريطانيين في المقدادية وقتل قسم منهم وأسر قسم أخر، ومن ضمن من وقع بالأسر زوجة أحد البريطانيين الست زتون حيث سلمها ابن عبدكة إلى العائلة المعروفة آل البكري وبقيت عندهم حوالي شهرين وعندما ذهبت إلى بريطانيا كتبت مذكراتها (في قبضة العرب).لقد ظلت الشرطة بمساعدة قوات الاحتلال تنصب الكمين تلو الكمين لغرض القبض على ابن عبدكة.وفي 14/ أيلول/ 1921 عندما أصابت ابن عبدكة حمّى قوية طرحته الفراش استطاعت القوات المحتلة الاهتداء إلى مكان اختفائه وأرسلت (8(شرطة اشهروا بنادقهم عليه وقد استطاعوا الإمساك بابن عبدكة.

لقد صدر الحكم بالإعدام شنقا على ابن عبدكة.وعندما عرض قرار المحكمة على الملك فيصل الأول للتصديق عليه بدّل الملك حكم الإعدام إلى الأشغال الشاقة لمدة (15) سنة.

وعن حادث مقتل ابراهيم ابن عبدكة، انقل ما كتبه الدكتور رعد العنبكي:

لم يكن ابن عبدكه يعرف الشقاوه والجرائم فبل الفتك باخيه المدعو(عبد حسن) ولا كان يدور بخلده ان ياتي يوم يكون فيه مضربا لللامثال واول حريمه اقترفها انه ثار لاخيه الذي قتل في قرية(المواشق) احدى قرى شهربان ومن ذلك الوقت..

بدا يتحين الفرص على قاتل اخيه واخيرا تم له مااراد وفي ظهيرة كان الحر فيها شديدا وابن عبدكه جالس في مقهى بمحلة باب الشيخ يراقب الطريق وما ان علم ان الوقت قد حان وان الفرصه قد سنحت نهض كالاسد الكاسر وهو قابض على مسدسه وصرخ بالرجل القادم خذ هذا ثار (ابو نجم) يقصد اخوه وانطلقت من مسدسه عدة طلقات استقرت في صدره اردته قتيلا ثم خف الى جواد اعد له وامتطاه وانطلق الجواد متوجها الى مدينة بعقوبه وهذا القتيل هو(جواد) الذي قتل شقيق ابن عبدكهومن هذه الحادثهشاع صيت ابن عبدكه وبعدها بايام وردت انباء ان ستة من رجال الجندرمه قتلوا بنتيجة اصطدام وقع بينهم وبين ابن عبدكه واصبح ابن عبدكه غريم الحكومه وطريد الجندرمه والبوليس وكل اصطدام يقع ترحع منه رجال الحكومه خاسره وفي يوم قائض داهم ابن عبدكه بقرية (العياره) اشخاص متنكرين ولم يكن من ابن عبدكه الا ان صوب بندقيته وانهال عليهم باطلاق الرصاص فدحرهم بعد ان قتل منهم اثنين وهما(نجم الزهو العزاوي) ورفيقه (علوان)ولما علم ابن عبدكه بقتل نجم الزهو العزاوي عض على اصبعه وقال(قتلت رجلا يسوه عشيرة) لان نجم الزهو كان صديقا حميما لابن عبدكه وعلى اثر هذه الحادثه اهتمت الحكومه العثمانيه لها لانها فقدت رجلا من خيرة رجالها الاقوياء واتخذت الاجراءات الصارمه وارصدت مكافات ماليه كبرىلمن يلفي القبض على ابن عبدكه حيا او ميتا ولقد اعترى ابن عبدكه مرض اقعده عن الجركه واخبر احد سكان قرية(خرنابات) الحكومه فالقي القبض عليه وزج في سجن بعقوبه انتظارا لمحاكمته وقضى في سجنه عشرة اشهر استطاع بعدها ان يفلت وظل متلبسا بجرائمه الى ان احيلت بغداد من قبل الجيوش البريطانيه وفي الاحتلال كانت قوه انكليزيه يقلها قطار كركوك قلصدة بغداد وعند وصول القطار الى مدينة شهربان هاجمها رجال من العرب وكان في القطار السياسيه الانكليزيه(مس بل) وفي ذلك الوقت يستطيع المهاجمون العرب ان يتغلبوا على القوة الانكليزيه وياسروا(مس بل) وعلى حين غره جاء ابن عبدكه فاحتمت به(مس بل)وحماها واوصلها الى بعداد وطلبت منه اسمه وعنوانه لتجازيه

وسمع بمقتل ابن عمه المدعوا(محمد دارا) فتالم لهذا الخبر ومرضعلى اثره وقرر مغادرة لواء ديالى والرحيل الى لواء الحله وسكن ناحية (المحاويل) وكان الحطك العربي قد استقر وفي 14 حزيرلن سنة 1924 القي القبض عليه وحكم عليه بالاعدام شنقا وما ان سمعت (مس بل) بذلك فتوسطت لدى الحكومه وخفف الحكم بالحبس لمدة عشرين عاما بالاشغال الشاقهقضى منها اثنى عشر عاما وخرج من السجن سنة 1936 وعند خروجه عطفت عليه الحكومه وعينته مراقبا للاثلر في بابل وظل قابعا في داره من عظم الامراض التي المت به واوصيب بالشلل النصفي الجانب الايسر من جسمه وكان عمره الثمانين

وفي مساء يوم الاحد الخامس من ايلول سنة 1954 انطلقة رصاثتان واستقرا في جوف ابن عبدكه فسقط مضرجا بطمائه فينقل الى المستشفى واول شئ يسال عنه ابن عبدكه هو من الذي اظلق علي الرصاص فيقولونله سهيل بن نجم الزهو العزاوي فيصرخ قائلا(ليش احنه ماتوافينا اني قتلت ابوه وعمامه قتلوا ابن عمي) وبعد محاكمة سهيل بن نجم الزهو العزاوي حطك عليه بالسجن لمدة عشرين سنه واودع في سجن بغداد المركزي وكان فخورا بهذا الحكم

ولقد التقيت بسهيل بن نجم العزاوي سنة 1962 في جامع الفضل ببغداد لاداء صلاة الجمعه وكان عمره 85 عاما وعرفني به صديقي الملرحوم الاستاذ الشاعر الكبير عبد الكريم العلاف رحمة الله عليهم جميعا.

الدكتور رعد العنبكي