حي بن يقظان لإبن طفيل

حي بن يقظان لإبن طفيل

باسم عبد الحميد حمودي

مؤلف هذه القصة الفلسفية التي الّف مثلها ابن سينا والسهروردي،هو الفيلسوف الاندلسي محمد بن عبد الملك بن محمد بن طفيل , ولد شمال شرقي قرطبة في السنوات العشر الاولى من القرن الثاني عشر للميلاد , ودرس العلوم الدينية والفقه والعلوم العقلية وفي مقدمتها الطب الذي مارسه ثم اشتغل كاتبا في ديوان عامل غرناطة فترة من الزمن.

افضل فترات حياته العملية تلك التي قضاها في خدمة يوسف القيسي , سلطان الموحدين حيث اصبح وزيره وطبيبه الاول , وقد كان السلطان ابو يعقوب يوسف محبا للعلم والعلماء وقد قام أبن طفيل بالبحث عن افضل الملاكات الفكرية وجلبها الى بلاط السلطان وفي المقدمة منهم ابن رشد , وكان السلطان يتعاطى معهما معطيات الفلسفة وفلسفة ارسطو طاليس على وجه الخصوص وينادمهما وسواهما حتى ضعفت حال ابن طفيل الصحية فتقاعد عن العمل اليومي وتولى منصبه كطبيب أول ووزير صديقه أبن رشد, وبقي ابن طفيل على مكانته الاجتماعية عند السلطان وعند السلطان ابي يوسف يعقوب حتى وفاته في مراكش سنة1185 م.

لابن طفيل مؤلفات في الطب والفلك ويقول تلميذه البطروجي انه عثر على نظام فلكي وتحليل لحركة الافلاك على نحو مخالف لتفسير بطليموس. وحي بن يقظان اهم كتب ابن طفيل واكثرها تقديرا وامتاعا وقد حققت مرارا وترجمت الى اللغات الحية لتحقق على نحو فلسفي رحلة الانسان حالة كينونته حي بن يقظان عثر عليه طفلا ملفوفا في قماط; وسط تابوت حط على جزيرة في البحر الهندي فحنت عليه ظبية ارضعته وحمته حتى شب عن الطوق ليعيش مع الحيوانات ويكتشف طباعها وحياتها وموتها , وتعلم من الطبيعة كسوة نفسه وعاش صدمة الموت عندما ماتت امه الظبية امامه ولم يهتد الى سر رحلتها الابدية لكنه قام بدفنها , مستمرا في رحلة حياة وسط طبيعة قاسية اكتشف فيها معنى البرد والحر والنار والنجوم والاضواء واختلاف الاجسام والاشكال في رحلة عقلية فريدة استمرت خمسين عاما بعد الخمسين وصل جزيرته فتيان من اهل الخيروالعلم هما ابسال وسلامان فاقتفيا اثره وتابعاه حتى اطمأن اليهما وبدا معهما رحلة معرفية اخرى تجلت في مناقشاته معهما وفي وصوله الى الحياة الاجتماعية التي كان يفتقدها. كان ابسال رمزا لرجل الدين الباحث عن المعاني الروحانية وكان سلامان رمز رجل الدين المتعلق بظواهر الدين فيما كان ابن يقظان رمز العقل الانساني المتحرر, وكانت رحلة المعرفة بينهم رحلة ممتعة ومثمرة فلسفيا ودينيا اثرت حكاية ابن طفيل هذه في اوربا فلسفيا ودراميا واستخرجت منها افلام ومسلسلات منها طرزان رجل الادغال روبنسن كروزو, وغيرها..