الأغنية الكردية تراث تتهدده العولمة والانفتاح

الأغنية الكردية تراث تتهدده العولمة والانفتاح

أحمد الزاويتي

جغرافية كردستان من حيث الوعورة وعلو الجبال وعمق الوديان وجمال الطبيعة، ساعدت في أن يكون الشعب الكردي منغلقا على داخله دون الانفتاح على العالم. وقد يكون هذا سببا لاحتفاظ هذا الشعب بفلكلوره وعاداته الشعبية، وكنموذج لذلك الأغنية الكردية التي حملت في طياتها ملامح الثقافة الكردية، والتي أصبحت الآن في مهب الريح بعد الانفتاح اللامحدود في عصر كسر الحواجز وإلغاء الجغرافيا.

كانت الأغنية الكردية القديمة من أهم وسائل التواصل بين قبائل وعشائر الشعب الكردي. وبهذه الطريقة انتشرت القصص والأساطير بين مختلف مناطق كردستان واختلطت فيها الحقيقة بالخيال المصطنع من قبل المغني.

وردا على سؤال للجزيرة نت حول تمسكه بالأغنية الشعبية، قال المغني الشعبي الكردي خليل باكوزي الذي يعتبر موسوعة الأغنية الشعبية إن هذه الأغنية تعتبر أهم شيء بالنسبة له لأنه يجد نفسه معها، ولأنها تحتفظ بالبطولات الكردية القديمة التي لولاها لاختفت دون أن تتمكن الأجيال الجديدة من الإحاطة بها.

ويقول الناقد والموسيقي الكردي وليد خالد إنه لولا هذا التراث وهذا الفلكلور لكان يتحتم “أن نقرأ السلام على الأغنية الكردية اليوم،” ولهذا يرى أن المغني الكردي اليوم كي لا يضيع يجب أن يرجع إلى هذه الأغنية ليستلهم ماضي هذا الشعب وتراثه الفني. ويضيف أنه يأسف لأن هناك مغنين كثيرين قفزوا على الأغنية القديمة دون الاستفادة منها “فأصبحوا يغنون أغنية كلماتها كردية لكن موسيقاها عديمة الهوية».

وذهب وليد خالد في حديثه للجزيرة نت إلى أن من أسباب نجاح رواد الجيل الأول من المغنين الأكراد في العراق أمثال حسن زيرك ومريم خان وطاهر توفيق ومحمد عارف وتحسين طه وغيرهم من الذين أصبحوا من أهم معالم القسم الكردي لإذاعة بغداد، هو اعتمادهم على الأغنية الكردية القديمة وتطوير الموهبة الغنائية عندهم من قبل الملحنين والموسيقيين العراقيين.

وهكذا يعتبر بعض المراقبين أن إذاعة بغداد كانت مرحلة انعطاف للأغنية الكردية نحو الانفتاح الإقليمي على المستوى العراقي ليس للمغني الكردي العراقي فقط وإنما حتى للمغني الكردي في سوريا وتركيا، فقد استفاد مغنون من هذه المناطق من هذه الإذاعة أمثال عائشة شان من تركيا وسعيد كاباري ومحمد طيب من سوريا وآخرين.

وحول الأسطورة المتداولة في كردستان عمن يشرب من نهر خابور الذي يشق وسط مدينة زاخو يصبح مغنيا، أوضح سمير زاخولي -أحد الموسيقيين القدامى في كردستان العراق- للجزيرة نت أن هذه الأسطورة غير حقيقية، لكن يعتبر هذا النهر سببا مهما في غناء المدينة بالمغنين قديما وحديثا، لأن من يجلس على شاطئ الخابور صباح مساء أو ينهض على أمواجه وينام، ستنمو في داخله المواهب الغنائية المكبوتة.

ومن هؤلاء المغني الشاب عبد القهار زاخولي الذي قال للجزيرة نت “منذ طفولتي كنت أحضر إلى هذا النهر وأغني، وأصبح هذا ديدني، حتى نمت عندي موهبة الأغنية. وأعتقد أن جميع المغنين في المدينة أثرت فيهم هذه العادة إيجابيا، والغناء أصبح لا يفارق أهالي مدينة زاخو».

تبقى خصوصية الأغنية الكردية الآن في المحك الصعب أمام الانفتاح على الأغنية العربية والفارسية والتركية، فهذه الأغنية قد تضيع إذا لم ترجع إلى ذاتها القديمة ثم تنطلق إلى حاضرها المعاصر.

عن موقع الجزيرة نت