غاده سالم مطربة العائلة العراقية

غاده سالم مطربة العائلة العراقية

حيدر شاكر الحيدر

نعم هكذا تسمى هذه الفنانة التي من أين ابتدأ كتابتي عنها وعن جمال صوتها الذي عرف كيف يثبت جدارته وسط أسماء من المطربات اللواتي ملئن الساحة الغنائية العراقية بروائع الإعمال ولعقود زمنية سميت بعقود الجمال الغنائي العراقي..

هكذا هو حال مبدعتنا غاده سالم التي شاءت الظروف أن نطلق على ما قدمته من أعمال غنائية مختلفة المواضيع (بصوت العائلة العراقية) لنتذكر أغانيها (احمد ومحمد وحسين وبشرى وعدويه) وصب الجاي مع فخري عمر واغنية فطومه دزتلي خبر / انه امك يا شهيد وإعمال أخرى اجتمعت من خلالها جمال الموضوع وروعة اللحن.

غاده التي ولدت في العام 1940 بمدينة بغداد هي شقيقة الفنانة لميعه توفيق واسمها الثلاثي (حليمه خالد رؤوف) ويبدو أنها أحبت الغناء من خلال شقيقتها لميعه إضافة إلى استماعها لبقية المطربات والمطربين المتواجدين في ساحة الطرب العراقي آنذاك , في صوتها ندرك الحنان والأداء البغدادي المميز الذي كان من أهم ميزات الأغنية البغدادية والعراقية عموماً.

هل نستطيع أن نضيف تسمية أخرى لهذه الفنانة وهي إحدى سفيرات الغناء العراقي بأصوات مطرباته ستكون إجابتنا بنعم , فقد استطاعت غاده ان تصل صوتها إلى المستمع العربي في مصر وبقية بلدان الوطن العربي فالدعوة التي وجهت إليها من قبل راديو صوت العرب بصحبة الفنان رضا علي تعد من أهم محطات حياتها الفنية فقد جذبت بصوتها ابرز الملحنين العرب وغنت من الحان محمد سلطان أغنيـــة (كنت عندي) ومن الحان بليغ حمدي أغنية (آخر كلمه) أما الملحن عبد المنعم الحريري فغنت من الحانة أغنية (نسمة شوكَ).

هكذا كانت مسارح مصر على موعد مع هذا الصوت العراقي النسائي المبدع لتظل مصر محطة مهمة بمسيرة هذه الفنانة.

قد يكون العام 1965 هو الآخر مميزاً بقصة هذه الفنانة ففي ذلك العام دخلت لدار الإذاعة والتلفزيون العراقي ووقفت أمام لجنة الاختبار لتنال رضاهم ويتم قبولها مطربة في الكورس الإذاعي التي استفادت منه كثيراً حيث اكتسبت خبرة الأداء والتعرف على الكثيرين ممن عملوا في الإذاعة والتلفزيون مطربين ومطربات وملحنين وموسيقيين وآخرون إذاً العام 1965 هو الانطلاقة الأولى والرحلة إلى مصر العروبة هي الثانية.

سؤال آخر يطرح من سماها بغاده سالم؟ لابد من ذكر الفنان الموسوعي والموسيقار سالم حسين عبد الأمير الذي هو من سمى تلك الفنانة غاده سالم حيث منح اسمه كما منحه فيما بعد للفنان فؤاد سالم , كيف لا وهو من أعطـــى لغاده سالـــــم اغنية (ملايات الماي) واعمال اخرى.

بدايات ولا أروع منها بحياة هذه الفنانة المميزة من يستمع بدقة الأعمال الغنائية لغادة سالم يجد إنها تجيد التنوع الغنائي العراقي كالموال والقصيدة والأغنية الوطنية والعاطفية وكذلك الغناء الكردي العراقي , أعمال ملئها الجمال النغمي بصوت غاده سالم.

وفي مجال السينما كان لغاده سالم مساهمة بفلمين الأول البصرة 11 وقدمت بذلك الفلم أغنية (شلون شلون يايمه بحالي شلون) والفلم الآخر بعنوان مرحباً أيها الحب مع الفنان فاروق هلال الذي أدت بذلك الفلم أغنية ندمان التي لحنها لصوتها الملحن يحيى حمدي.

هكذا كانت غاده سالم مبدعة حقيقية بزمن الإبداع الغنائي فقدمت أغنية (الجوبي) تلك الأغنية التي أدتها بمسارح مصر اثناء رحلتها المميزة وكلنا نعلم بأهمية الجوبي كرقصة اشتهرت بمناطق العراق الغربية وفي سلمان باك واليوسفيه وباقي مدن العراق العاشقة لتراثنا الخالد.

و سؤال أخر يتعلق بنجاح هذه الفنانة والأشخاص الذين كانوا سبب من أسباب تألقها المستمر هنا لابد من ذكر أسماء الملحنين محمد نوشي / كوكب حمزه / سالم حسين / خزعل فاضل / عبد الفتاح حلمي / احمد الخليل / عباس جميل / عبد الحسين السماوي وآخرون وبالمقابل من شعراء أغانيها حضره بنصوص سالم حسين وعبد الجبار العاشور / جاسم أحمد الالوسي

وهنا يتبادر إلى ذهن القارئ هل كانت بدايات هذه الفنانة أساس صلب بتكوين شخصياتها الفنية هنا لابد من ذكر فرقة الموشحات التي أسسها الفنان رضا علي الدرويش في العقد الخمسيني حيث تعد هذه الفرقة أساس ببناء شخصيتها سيما وان غناء الموشح يعد من أصعب واهم الألوان الغنائية العربية وكما هو معلوم فان هذه الفرقة ضمت أسماء روحي الخماش وجميل قشطه وعباس جميل وخالده عبد الجليل وآخرون كانوا فيما بعد من رموز الغناء واللحن العراقي الخالد.

بعد هذه المسيرة المميزة لهذه الفنانة نتساءل هل ظلمت هذه الفنانة إعلاميا سيما وإنها عاصرت مطربات من الرعيل الثاني أمثال عفيفه اسكندر واحلام وهبي ومائده نزهت ووحيده خليل واخريات ستكون الإجابة وبلا تردد إنها لم تظلم فلو ظلمت لما استطاعت أن تقدم للذائقة العراقية أعمال غنائية وقف خلفها أناس كانوا ضمن مدارس الإبداع اللحني العراقي كملحنين أو شعراء أغاني.

وقد ذكرنا قسم من هؤلاء وعذراً إن لم نذكر القسم الآخر وسبب ذلك التوثيق الذي بسببه غيبت أسماء كثر من المبدعين.

في شهر أيلول من عام 2021 اتصلت بغاده سالم وتحدثت معها وكانت سعيدة باتصالي على أمل أن اقوم بزيارة لها في بغداد كونها حاليا مع ابنتها في بيروت وكانت لي الرغبة بتوجيه سؤال عن تلك الاعمال الغنائية التي أدتها باللغة الكردية اذا ما علمنا انها ولدت ببغداد ومن أسرة عربية ظل هذا سؤالاً دون اجابة وبعد هذا الانتظار تاتيني الاجابة عن هذا السؤال من الباحث اسلام خزعل فاضل الذي قام بزيارة الفنانة وتمت الاجابة من قبلها انها كانت تؤدي بعض من الاعمال الغنائية باللغة الكوردية عن طريق حفظ اللغة اي قراءتها كما تقرأ القصائد العربية ومن المعلومات التي لا يعلم بها احد عن هذه الفنانة تتعلق باغنية هلهلي يالله ياسمره التي ادتها الراحلة احلام وهبي تبين ان هذه الاغنية هي من ادتها قبل الفنانة احلام وهبي وسجلتها بصوتها في الاذاعة وهي من الحان الراحل خزعل فاضل الا ان الاغنية اشتهرت بصوت احلام وهبي وهي حيث كانت تبث في الاذاعة العراقية وباستمرار بصوت احلام وهذه المعلومات ذكرتها في اللقاء مع الباحث اسلام خزعل بشهر ايار 2022 في الاسبوع الاول منه.

عن كتابه (الاصوات النسائية في الغناء العراقي) المعد للنشر