اقتصاديات: سوق العراق للأوراق المالية

اقتصاديات: سوق العراق للأوراق المالية

 عباس الغالبي
من الطبيعي القول إن سوق العراق للأوراق المالية يعد من الأسواق الفتية بالقياس إلى بورصات دول المنطقة والجوار الإقليمي والعالم الآخر، إلا انه مازال في حركية منحسرة تتحرك في مديات منغلقة لمسارات قطاعات محددة هي من تحدد مؤشرات السوق التي مازالت تنحصر في هيمنة مطلقة لقطاع المصارف التي تتصدر القطاعات الأخرى في التداول، وهي في حقيقة أمرها ضئيلة جداً.

وقد يبرر السوق عدم فاعلية القطاعات الأخرى تحت مبررات شتى، إلا أن الإدارة التنفيذية للسوق ما الذي فعلته مثلاً حيال الشركات المساهمة البالغة ما يقارب 250 شركة، لم يدرج منها سوى أكثر من 80 شركة بقليل في تداولات الجلسات، فهل عملت على الإتيان بتكييفات قانونية لتشجيع ما تبقى من الشركات المساهمة للدخول في البورصة، أم إنها تعمل على طريقة إسقاط الفرض، فكان من الممكن أن تعمل إدارة السوق على إسقاط حجج الشركات وحذرها الكبير ولاسيما في جدلية الإفصاح والشفافية العالية المطلوبة منها، إلا أنها كانت هي الأخرى متوجسة تعمل على شاكلة الجهات التنفيذية الكلاسيكية، فلم تبتكر البدائل ولم تأت بأساليب عمل من شأنها الارتقاء بالأداء.
وعلى الرغم من إن قطاع الشركات يعد من القطاعات المتخلفة قياساً لدول العالم الأخرى، إلا أن سوق العراق للأوراق المالية لم تتبنّ برنامجاً للتطوير من خلال تشجيع تأسيس أكبر ما يمكن من الشركات المساهمة أو تطوير الشركات المحدودة والفردية وتحويلها إلى شركات مساهمة، وحتى إذا قالت السوق إن ذلك البرنامج التطويري يقع في نطاق سوق رأس المال الأولي، ونحن في مسؤوليتنا (أي السوق) تنحصر في إطار رأس المال الثانوي، فالسؤال الذي يطرح نفسه، من الجهة الحكومية المسؤولة والتي تعد الأكثر تأهيلاً لهذا القطاع، وهل أن سوق العراق للأوراق المالية اقترحوا على الحكومة لتبني مثل هذه الإجراءات التطويرية سواء على مستوى التشريعات القانونية أو الإجراءات الفنية أو اللوجستية الأخرى التي من شأنها أن تعمل على التطوير باتجاه عمل الشركات داخل أروقة السوق.
ومن هنا فأننا نرى أن سوق العراق للأوراق المالية تعمل في إطار جدلية (إسقاط الفرض)، ولأننا في العراق نعمل في إطار التكوين والتأسيس، فلابد من روح المبادرة والابتكار سعياً لتكوين مؤسسات مالية واقتصادية قادرة على إحداث نشاط اقتصادي فاعل، لا أن ننحسر في إطار ضيق، ذلك أن العمل المؤسساتي يتطلب روحاً من المبادرة والإبداع، إذا ما عرفنا أن البورصة النشيطة والفاعلة مؤشر ماثل على تنامي الاقتصاد ودليل على اتجاه المؤشرات الاقتصادية نحو التطور والانتعاش.
ولذلك نتطلع إلى أن تضطلع سوق العراق للأوراق المالية بمهام التحديث والتطوير والابتكار سعياً لجعلها منافسة لمثيلاتها من الأسواق والبورصات العربية والعالمية.