الشهيد توفيق منير شخصية فذة

الشهيد توفيق منير شخصية فذة

منير حداد

الشهيد توفيق منير شخصية فذة، في السياسة؛ بل تربوي في المحاماة؛ أنشأ جيلا من رجال القانون، المؤمنين بذواتهم، ولاءً للوطن.

عاش مبدئية تطبيقية، إبتدأها بنفسه؛ عندما رفض الدفاع، عن إبن عمه.. وصهره؛ لأنه بعثي، لم يرحم مناوئيه، حين كانت مقاليد القسوة، مفتاح سلطتهم!

وإنقلاب 8 شباط1963.. في الرابع عشر من رمضان، محطة، في سفر الفظائع البعثية، التي صبت حمم بركانها على رؤوس العراقيين.

توفيق من دعاة عودة الملا مصطفى بارزاني وبعض الشخصيات العراقية السياسية التي كانت قد تركت العراق بسبب الأوضاع السياسية، وهيأ عبد الكريم قاسم مظاهر الاكبار والتبجيل والاحترام عند قدوم الملا، من روسيا؛ للإقامة في وطنه العراق.

أعاد عبد الكريم قاسم المسقطان (اللذان أسقطت الجنسية عنهما) وهما توفيق منير وكامل قزانجي واحتفى بهما، وألقى منير كلمة بالمناسبة، في مفترق الجسر المعلق جاء فيها: “جئنا لنخدم العراق وقد حملت معي تربة الوطن لأنني جزء منه، ولا يمكن لأي وطني واعٍ ان يكون خارج طموح الوطن واهداف شعبه، ونحن نشكر عبد الكريم قاسم صاحب الثورة الوطنية المصداقة النزيهة التي هزت العالم وغيرت موازين القوى”.

كلمته مؤثرة، قوطعت بالتصفيق الحار، وألقى كامل قزانجي خطاباً حماسياً وانتهت المسيرة بكل هدوء بتقديم الاحترام اللائق للزعيمين.

محاماة

عاد الى ممارسة المحاماة، عاملا بمواقفه التي تدل على خلق قويم وتضحية وايثار ليس لها مثيل، رشح الى رئاسة نقابة المحامين؛ فتطوعوا للتثقيف لصالحه؛ لأن أغلبية زملاء المهنة والعمل النقابي، يرغبون بترؤس توفيق منير وذلك لأنه محامٍ ممارس اختلط بزملائه، متعاونا معهم، ويجيب على اسئلتهم، ويعاونهم في بحث القضايا وذلك لما له من خبرة سابقة في العمل كأستاذ بالكتاتيب العثمانية.

في احدى الأيام حضر شخص يمثل الحركة السياسية اليسارية التي كانت تضم عدداً غفيراً من المحامين الذين ينضوون تحت لواء الحزب الشيوعي وانصارهم. أصرّ توفيق منير على علم الترشيح لسبب واحد هو انه طالما كان عزيز شريف رئيساً لأنصار السلام في العراق فهو أحق من نائب الرئيس في ان يكون نقيباً، اضافة الى انه كان يملك القابلية في إدارة ورئاسة النقابة.

مع قاسم

اجتمع عبد الكريم قاسم بتوفيق منير وجرى بينهم حديث خاص، فمنير اجرأ الموالين لعبد الكريم قاسم الذي كان في قمة زعامته وشعبيته، ينهاه عن ضرب ليسار الذي قربه مطلع الثورة: “يا زعيم لا تحفر قبرك بيدك” محتفظا لقاسم بمحبة غامرة: “مهما انحرف عبد الكريم، فانه يبقى شخصية وطنية لانه لن يكون انحرافاً بدافع طمع شخصي او بتأثير من الخارج ولكن لقلة خبرته السياسية وبساطته في إدارة الحكم”.

بقى توفيق مخلصاً للزعيم، يدعو دائماً الى الديمقراطية، في كل جلسة وخطاب ومداولة، مؤمنا بشعبه… إغتاله البعثيون، رامين جثته من فوق سطح المنزل.

إغتياله

إتصلت به يوم اغتياله، من داري في السعدون صباح يوم انقلاب 14 رمضان (الجمعة 8 شباط 1963) وعرضت عليه ان اذهب اليه في هذا الوقت ولكنه لم يستجب لطلبي الذي تكرر عدة مرات، مصرّاً على عدم الحاجة لترك منزله، يردد بالحرف الواحد: “ليس هناك قوة بين الشعب العراقي لها اهميتها وتريد اسقاط عبد الكريم قاسم، وأية محاولة، سيسحقها الشعب، خلال ساعات لأن العراقيين ملتفون حول قاسم، يريدون بقاءه”.

انتقل الى المنزل الذي اسكن فيه حيث كان فارغاً وصعد الى السطح فلاحقوه واغتالوه! ليخسر العراق شخصية مناضلة،…