أسماء تأبى مغادرة الذاكرة

أسماء تأبى مغادرة الذاكرة

د. زهير البياتي

كثيرة هي الاسماء التي بقت وستبقى راسخة في الذاكرة الجمعية للمجتمع، أقول تبقى راسخة لكونها قدمت إنجازات خدمت المجتمع وعلى مختلف الصعد العلمية والأدبيه والفنية ومن هذه الأسماء الكبيرة الفنان سعدون العبيدي الذي يعتبر رائدا من رواد الحركة المسرحية في العراق اذ تتلمذ على يد الراحل الرائد حقي الشبلي

بعدما دخل معهد الفنون الجميلة ضمن الدورات الاولى ولقسم المسرح بالذات وكان ضمن الاساتذة الذين تتلمذ على يدهم إبراهيم جلال ، جاسم العبودي .بعد تخرجه من المعهد سافر الى لندن لدراسة المسرح في احدى المعاهد المتخصصة في هذا المجال وعاد الى بغداد بعد تخرجه عام ١٩٥٨وعين مدرسا في قسم المسرح في معهد الفنون الجميلة الذي تخرج منه.

ولاسباب سياسية غادر العراق مرة اخرى الى لندن بعدمضايقة السلطه له انذاك لكونه يساريا وهناك في لندن لابد من توفر سبل العيش له ولكي يعمل في مجال اختصاصه ( المسرح، التلفزيون ، الاذاعة ، السينما) وكانت ضمن الشروط التي يجب توفرها عند المتقدم للعمل في احدى هذه المجالات هو ان يحمل هوية عضوية الممثلين البريطانيين ولكي يحصل على العضوية جرت له مقابلة تضم مجموعة من الفنانين الكبار من ضمنهم المخرج المسرحي الكبير ( بيتر بروك) الذي طلب منه ان يقدم مشهدا مسرحيا ، فقدم مشهدا من مسرحية ( هملت) ل شكسبير وباللغة العربية والذي فضل ( بيتر بروك)

ان يقدم هذاالمشهد باللغةالعربية ليعرف مدى قوة اداء سعدون العبيدي وكيف يتم توصيل المعنى للمتلقي بغير اللغة الانكليزية لغة الام للمؤلف علما ان سعدون العبيدي متمكن من اللغة الانكليزية التي اراد سعدون العبيدي اداء المشهد من خلالها ،لكن ( بيتر بروك) فضل ان يقدم المشهد باللغة العربية وبعد ادائه المشهد نال اعجاب واستحسان اللجنة بمن فيهم ( بيتربروك) وبعد ان حصل على العضوية استطاع ان يعمل في مجال الاذاعة والتلفزيون والمسرح .وبعد مرور سبع سنوات من العمل في لندن رجع الى العراق.

وفي عام ١٩٦٩-١٩٧٠ عمل مدرسا في معهد الدراسات المسرحية في الكويت.

وفي العراق عام ١٩٧٠ اسس فرقة مسرح الرسالة والتي كان مقرها انذاك في الصالحية قرب مبنى الاذاعة والتلفزيون.ولتاريخه المشرف في مجال الابداع انتخب كمسؤول للشعبة المسرحية في نقابة الفنانين عندما كان حقي الشبلي نقيبا لها .ولي الشرف الكبير لكوني عملت في الشعبة المسرحية لنقابة الفنانين لثلات دوارات متتالية.وبعد ان عمل مدرسا في معهد الفنون الجميلة كما مر سابقا عمل كمخرج في دائرة السينما والمسرح ومن ضمن المسرحيات التي اخرجها مسرحية( ibc)تأليف الراحل معاذ يوسف ومسرحية ( ابن ماجد) ومسرحية (نور والساحر ) ومسرحية ( ماري) بالاضافة لكونه ممثلا ومخرجا فهو كاتب ايضا وصدر له كتاب ( اربع مسرحيات) عن دار الشؤون الثقافية عام ١٩٨٨.

ومن الجدير بالذكر فاني اخترت مسرحية من المسرحيات التي قام بتأليفها هي مسرحية ( البداية) وقمت باخراجها لفرقة العراق المسرحية برئاسة الرائد الرحل عناية الله الخيالي وقدمت في اواسط الثمانينيات من القرن الماضي على مسرح الستين كرسي الخاص بفرقة المسرح الشعبي.

بالاضافة لكون الرائد سعدون العبيدي اختص في مجال المسرح الا انه فنانا تشكيليا ايضا وقد خلد في بعض من لوحاته حركة ونضال الشيوعين في الاهوار ابان الستينيات من القرن الماضي.

في عام ٢٠٠٥ ولتاريخه الفني العريق تولى منصب مدير عام دائرة السينما والمسرح ولحين تقاعده من الوظيفة وتقديرا لهذا الفنان الكبير فقد قامت نقابة الفنانين العراقيين المركز العام بزيارة له ، وقد ضمت المجموعة نقيب الفنانين السابق صباح المندلاوي والمخرجة التلفزيونية الفنانة رجاء كاظم والرائدة المسرحية سناء سليم وكاتب هذه السطور وكان هدف الزيارة للاطمئنان على صحته وفي حينها تحدث عن جزء من حياته الفنية وكيف استطاع ان يقدم ماقدمه من منجز ابداعي وما عاناه من مضايقات من قبل السلطات لكونه يساريا ويحمل هموم الوطن.

وتخليداواعتزازا له ولمنجزه الفني الكبير ولكونه رائدا من رواد الحركة المسرحية في العراق فقد عمد تجمع الفرق المسرحية الاهلية في اقامة مهرجان للمونو دراما .يبقى اسم سعدون العبيدي بارزا وكبيرا وسط الاسماء التي قدمت الكثير للابداع وللثقافة في سبيل تحقيق الحياة الكريمة والعدالة الاجتماعية في ارجاء الوطن والمعمورة.