موسيقار اللون الموصلي.. نجيب يونس

موسيقار اللون الموصلي.. نجيب يونس

اشرف الاطرقجي

منذ وان كنت صغيرا كنت اسمع اسمه يتردد في بيتنا في الاحاديث الفنيه والثقافيه فقد كان الراحل صديق والدي الفنان حازم الاطرقجي وكانت لوحته المعلقه في بيت احد اقاربي قد اخذت حيزا من اهتمامي وهي لوحه بورتريه لسيده فاتنه مفعمه بالالوان وكانت لها نظره مميزه من هنا بدأ اهتمامي بالراحل.

والتصقت اللوحه بذاكرتي ولم يسمح لي القدر ان التقي به وجها لوجه سوى بضع دقائق في معرض في قاعه الساعه في مدينه الموصل عام ٢٠٠١ بدأت اكتشف وبعد نضوجي الفني بان هذا الفنان بحق موسيقار للون حيث ان الفنان يملك حرفيه في صناعه اللوحه فبمجرد. قراءتنا البصرية لعمله فإننا سنجد انه يتجه إلى اللون كونه الجاذب الأول للرؤية , وسنجد أنه يعتمد اللو ن المشبع والذي يشكل تبايناً مع الألوا ن الرديفة التي يخفف إشباعها ودرجاتها حتى لا تطغى على الموضوع لقد تناول الواقعية التسجيليه ووظف روح المكان وجاذبيته وسحره بمزيج استطاع الصاقه على قماشه اللوحه باحترافيه فذه تمتاز واقعية نجيب يونس باسلوبها الخاص، كما ان له مجموعته اللونية، التي هي من جهة اخرى اكثر تنوعا وبريقا واكثر تحررا من الالوان الارضية والبُنيّات التي، ولاشك ان الطبيعة الموصلية والمناطق المحيطة بها، وخصوصا مناطق الايزيديين وملابسهم الزاهية والطبيعة الخلابة في المناطق التي يسكنون فيها حيث كانت حياتهم اليومية ودبكاته والتي كانت احد التشكيلات المفضلة لهذا الفنان قد لعبت دورا كبيرا في اغناء مجموعته اللونية. رسم نجيب يونس الزهور وحب الماء الموصلي ووظف الشباك الموصلي بطريقه غايه في الجمال والسحروخصوصا واواسع الانتشار في تلك المناطق، كما رسم الحياة اليومية والناس في المقاهي والطبيعة الساكنة وكان مجال المواضيع التي تناولها واسعا، كما سعى للوصول الى تطويرات اسلوبية بكسر المنظور واستعمال اكثر من منظور واكثر من مسقط ضوئي واحد في اللوحة الواحدة. ولد نجيب يونس شريف في الموصل عام1930م، وبرزت موهبته وهو بعدُ في التاسعة من عمره. عام 1949 التحق بكلية الفنون الجميلة العليا بالقاهرة، وفي الكلية المذكورة أشرف على تدريسه فنانون مصريون كبار كان لهم حضور واسع في الساحة العربية، منهم يوسف كامل وأحمد صبري وحسين بيكار، وزامله مبدعون معروفون، منهم رسام الكاريكاتير الشاعر صلاح جاهين وجورج البهجوري وآدم حنين. وقد تركت تلك الفترة بصماتها على أسـلوبه، خاصة في فن الصور الشخصية البورتريت، فقد تأثر بالفنان أحمد صبري وأصبح فيما بعد من أساتذة فن البورتريت في العراق.. وفي عام 1953 تخرج نجيب يونس من كلية الفنون الجميلة بالقاهرة، ثم عاد إلى الموصل ليعمل مدرسا للتربية الفنية في مدارسها. ثم عمل في جامعة الموصل عام 1965 فأسس بيت الفن ليصبح أول مركز للفن التشكيلي في تاريخ المدينة يستقطب الهواة من مختلف القطاعات، ثم كان لمتابعة الفنانَين راكان دبدوب وضرار القدو دورها في تطوير بيت الفن، فأثمرت عن نواة لتأسيس متحف جامعة الموصل وبجهود فنان آخر هو طلال الصفاوي. وكان نجيب يونس في تلك الفترة يهتم بتوجيه الفنانين الجدد، ومتابعتهم وعقد حوارات معهم، تعود به إلى تلك الفترة التي أمضاها في جامعة الموصل قبل أكثر من ربع قرن، وفي عام 1977عندما تأسس معهد الفنون الجميلة في الموصل، تولى نجيب يونس رئاسة قسمي الرسم والخط فيه، حتى أحيل على التقاعد بطلب منه عام 1983. عام 1980 استلم الفنان نجيب يونس مهام رئاسة نقابة الفنانين فرع نينوى، وخلال عمله عضوا في اللجنة العليا لمهرجان الربيع بالموصل، ثم أمضى الفنان نجيب يونس بعد التقاعد سنوات عمره الأخرى فنانا محترفا، متفرغا للإبداع في مرسمه الخاص بمنزله، ولم يتوقف عن الإنتاج بغزارة حتى توقف نبضه بعد أن وافته المنية في 8/ 6 / 2007.