معهد الملكة عالية صفحة لامعة من تاريخ التعليم في العراق

معهد الملكة عالية صفحة لامعة من تاريخ التعليم في العراق

قاسم حلو الغرابي

سارت الملكة عالية على نهج الملك فيصل وزوجته الملكة حزيمة في التعليم،إذ أبدت اهتماماً كبيراً من خلال دعمها المستمر و المتواصل للمدارس، ولاسيما مدارس البنات وقد قدمت المساعدات لهن,كما أنها كانت سباقة في حضور المهرجانات والحفلات والإستعراضات والسباقات التي كانت تنظمها المدارس من خلال إرسال الدعوات الى الملكة.

كان جل اهتمام الملكة عالية هو الاهتمام بالطالبات، وماحضورها للمهرجانات والحفلات والسباقات التي تقيمها المدارس، الا من أجل تقديم العون والرعاية الكريمة لهن، وعلى سبيل المثال قامت الملكة في 4نيسان 1944 بزيارات متعددة الى مدارس البنات، فعلى سبيل المثال زارة متوسطة الأعظمية ومتوسطة الكاظمية، وخلال ذلك قوبلت بالترحاب الشديد من لدن الطالبات والمدرسات على حد سواء ولم تقتصر تلك الزيارات على المدارس الثانوية بل تعدت الى دار المعلمات كدار المعلمات الاولية.

نتيجة انتشار مدارس البنات المتوسطة والثانوية في انحاء البلاد، ازداد الشعور بالحاجة الى المدرسات ذوات المستويات العالية، لأن دار المعلمين العالية رغم كونها مؤسسة مختلطة، وعدد البنات فيها ثلث مجموع الطلاب، الا إن أعداد الطالبات المنتميات لدار المعلمين العالية قليلة ولا تسد النقص الحاصل في المدارس من المدرسات، كما ان اولياء الطالبات في الألوية لايرغبون في إرسال بناتهم الى تلك الدار.ولهذا قررت وزارة المعارف بمبادرة من الملكة عالية بتأسيس معهد عالي وافقت بأن يطلق

أسمها عليه وأصبح يسمى معهد الملكة عالية في بداية العام الدراسي 5 نيسان 1946، لاتمام عمل دار المعلمين العالية التي تأسست عام 1923، وعجز الوزارة عن سد حاجاتها من المعلمات من الدول العربية الشقيقة، بل ليكون بمثابة «دار للمعلمات العالية « على ان يكون التعليم فيه خاصاً بالبنات بغية افساح مجال الدراسة بصورة أوسع لبنات العائلات المحافظة التي لا تحبذ اختلاط الجنسين على مقاعد الدراسة.

وكانت شروط القبول فيه الشروط نفسها التي يتم القبول بها في دار المعلمين العالية، الا ان مدة الدراسة فيه ثلاث سنوات.

أفتتحت الملكة عالية في الرابع عشر من نيسان عام 1946 معهد الملكة عالية الذي أنشئ لأعداد جيل جديد من المدرسات، وتفقدت صفوف المعهد والمختبرات كما حضرت مسرحية أقامها المعهد، وقد القت فيها أحدى الطالبات قصيدة حيت فيها الملكة .

التحق في هذا المعهد خلال عامه الدراسي الأول (61) طالبة من خريجات الدراسة الاعدادية في الصف الأول، ونقلت اليه (28) طالبة من المتفوقات في دروسهن من طالبات القسم العالي في دار المعلمات الابتدائية اللائي نجحن من الصف الأول الى الصف الثاني فتكون منهن الصف الثاني من المعهد المذكور، وقسمت الدراسة فيه الى فرعين، فرع العلوم وفرع الآداب. وقد بلغ مجموع طالباته في العام المذكور (89) طالبة،منهن (61) طالبة في الصف الأول، و(28) طالبة في الصف الثاني.

زارت الملكة عالية المعهد وتجولت في انحاء المعهد والمختبرات من أجل المتابعة والاطلاع على أوجه النشاط فيه، وبعد تناولها الشاي أقيمت حفلة خاصة بهذه المناسبة تخللتها عرض تمثيلية بعنوان (هارون الرشيد) مثلتها طالبات المعهد وحضرتها بعض المدعوات ونتيجة للإهتمام الكبير المقدم من قبل صاحبة الجلالة وحضورها المميز لاستعراض المدارس.

وفي بداية العام الدراسي 1946-1947 اضافت وزارة المعارف القسم العلمي في دار المعلمات الابتدائية اللائي نجحن من الصف الأول الى الصف الثاني فتكون منهن الصف الثاني من المعهد المذكور. وقسمت الدراسات فيه الى فرعين، فرع العلوم وفرع الاداب. وقد باغ مجموع طالباته في العام المذكور (89) طالبة، منهن (61) طالبة في الصف الأول، و(28) في الصف الثاني.

كما أضافت وزارة المعارف في العام نفسه سنة دراسية اخرى الى مدة الدراسة في هذا المعهد، فأصبحت الدراسة اربع سنوات، واقرت ايضا ان تتبع فيه نفس الدروس و المناهج المتبعة بدار المعلمين العالية. وكان هدف الوزارة من وراء ذلك مساواة هذا المعهد بدار المعلمين العالية، ولهذا الامر منحت خريجاته جميع الحقوق التي تمتع بها خريجو دار المعلمين العالية، وفقا لقانون المعارف العامة وقانون الخدمة المدنية. وقد كانت دار المعلمات الابتدائية وكلية الملكة عالية تحت أدارة واحدة حتى عام 1951 حيث أستقلت كل أدارة عن الإدارة الأخرى، وبعد ثورة 14 تموز استبدل اسم الكلية باسم كلية التحرير للبنات

وفي عام 1948 رفعت درجة المعهد الى كلية، فأصبح يعرف باسم كلية الملكة عالية وأصبحت الكلية تضم الفروع الآتية (الطبيعيات، الرياضيات، الأدب ‘ اللغة الإنكليزية، الأجتماع) وقدرت ميزانية الكلية بـ(50) دينار و سرعان ما إزداد نسبة القبول سواء من بغداد أو الألوية الأخرى لاسيما وأن الكلية ضمت قسماً داخلياً للطالبات الوافدات من الألوية على نفقت الكلية الخاصة.

واستمرت هذه الكلية سائرة بالشروط نفسها من حيث شروط القبول، ومدة الدراسة ونوعها، والمناهج الدراسية لغاية العام الدراسي 1949-1950 وبلغ عدد طالباتها خلال العام المذكور (323) طالبة.

استمرت رعاية الملكة للكلية ففي7 حزيران عام 1949 حرصت على الحضور الى الحفل الذي أقيم لخريجات الكلية , وقامت بتوزيع الجوائز على الخريجات المتفوقات مقدمة من الملكة عالية وهي أول دفعة تخرجت من الكلية .

وكان المعهد يعد طالباته من الناحية العلمية عن طريق مناهج عامة في التاريخ والجغرافية والأدب الانجليزي والعلوم والاقتصاد المنزلي والعلوم الاجتماعية، أما الأعداد المهني فكان يقوم على أساس إعدادهن لمهنة التدريس وطرق التدريس العامة وسيكولوجية التربية وفلسفة التربية وكان الأعداد العلمي والمهني في المعهد يسير جنباً إلى جنب.

كان بسبب الرعاية التي حصل عليها معهد الملكة عالية نجده قد سار على خير ما يرام، حتى إنه مثل ركناً من أركان الثقافة العالية في العراق، وظلت الأيدي الكريمة التي منحته الحياة ترعاه وتحميه، وتتفقد أمره في كل صغيرة وكبيرة حتى في الأيام الأخيرة من حياتها فقد كانت وهي في لندن لا تفتأ تسأل عن معهدها وعلى سير التعليم فيه،كما كانت تسأل عن معهدها وكأنه أحد أبنائها.

عن رسالة (الملكة عالية سيرتها ونشاطها الاجتماعي في العراق)