قالوا في رشيد الخيون

قالوا في رشيد الخيون

اعداد : عراقيون

راصد للاسلام السياسي

ــ التوظيف السياسى للأديان كان وما زال مُعضلة تواجه البشريّة على مدار تاريخها، على إثره تفجّرت الصراعات والنزاعات وما زالت، بدءًا من مجتمعات ما زالت أسيرة أفكار ماضوية جرى إرساؤها بغية تحقيق مكاسب سياسية، لكنها اكتسبت قداسة وبقيت راسخة فى الذهنية العربية،

مرورًا بتقلد إسلاميين زمام السُلطة بعد خداع ممنهج لشعوب ظنت أن شعارات جوفاء قد تصير واقعًا، وانتهاء بجماعات إرهابية تتخذ من النص الدينى مطية لنشر الفوضى وإشاعة الكراهية فى العالم. انطلاقًا من تلك الوقائع الراهنة والماضية، تكتسب الكتابات التى تشتغل على تفكيك ذلك الوضع أهميتها، فالنبش فى التاريخ ضرورة لاستقراء الواقع ومتغيراته. وفى هذا الصدد، تعتبر أعمال المُفكر العراقى رشيد الخيّون، الحاصل على الدكتوراه فى الفلسفة الإسلامية، من أهم الجهود العربيّة الراهنة، إذ أصدر عددًا من المؤلفات البارزة فى هذا المضمار منها: «١٠٠ عام من الإسلام السياسى بالعراق»، و«جدل التنزيل: تاريخ القرآن ومسألة خلقه»، و«بعد إذن الفقيه». ينطلق الخيّون فى عمله الفكرى من قناعة أوردها فى الجزء الثانى من كتابه «١٠٠ عام من الإسلام السياسى بالعراق»، الذى تناول فيه ظاهرة الإسلام السياسى برصد أبرز الأحزاب والجماعات التى تتخذ من المرجعية الدينية أساسًا فى الشأن السياسى، بأن «السيطرة باسم الدين وآل محمد وأصحابه، ومن يمثلهم من فقهاء ومراجع دين ما زالت قوية، وحتى ينتبه الناس إلى معاشهم مقابل الخضوع الأعمى للمقدسات، يحتاجون إلى وعى وثقافة واقعيين، لم يكن الدين الحقيقى والإيمان الصحيح بالله ضدهما بمكان».

وفى كتابه «بعد إذن الفقيه» يرصد الأحكام الفقهية التى تُكبّل المرأة، رغم ارتباطها بسياقات تاريخية مُنقضية، أما فى كتابه الأحدث «العقاب والغلو فى الفقه والتراث الإسلامى» الصادر فى العام ٢٠١٩، فيناقش فيه الأحكام الفقهية المُستندة إلى تأويلات المُفسرين دون أن تكون منصوصًا عليها فى القرآن، مثل أحكام الزنا والرِدة.

حنان عقيل

الاستنجاد بالتاريخ

حدد الباحث والمؤرخ الدكتور رشيد الخيُّون همه الأساسي اليوم بأنه الاستنجاد بالتاريخ لقضايا معاصرة، ففي رأيه أن الزمن والتطور لا يسيران دوما إلى الأمام، وكانت دراسته للفلسفة قد قادته إلى التخصص بفرقة المعتزلة التي تقدم العقل على سواه.

وهو يرى العديد من مقولاتها أكثر تقدما من واقعنا الحالي، بل يعتقد انه لو تسنى لهذه الفرقة الاستمرار لدام تطور العلوم والاختراعات عند العرب، ولاخترع الإنترنت في البصرة، حيث ظهر المعتزلة، لا في طوكيو أو واشنطن.

لكنه يشير إلى أننا ما زلنا غير مستلهمين ذلك التاريخ، ولذا ما زالت حوادث التاريخ تتكرر عندنا بشخوص أخرى. ويضيف: طالما أننا لا نستطيع مغادرة التاريخ فعلينا الاستفادة من أحداثه، ذلك أن استخداماتنا للتقنيات الحديثة كمستوردات يعني أن انسجامنا معها هو من ناحية الحاجة والاستعمال، وليس من الناحية الروحية والتواصل الفكري.ويرد واقع نقص حرية الكلمة والفكر في المجتمع العربي إلى وجود منظومة مجتمعية مركبة من الهيمنات إلى جانب السلطة، وهو يميز بين الثقافة ومجال البحث والتفكير، فالأولى يمكنها العيش تحت المعاناة أما البحث والتفكير فيحتاجان إلى مساحة من الحرية وإلا بقيا حبيسين.

ج . البيان الاماراتية 21 كانون الاول 2006

محرر النصوص من التعصب

ــ حداثي متمرس، وصحفي عريق، وقارئ جيد، ومؤلف غزير الإنتاج، وله بمجمل مؤلفاته خريطة متناسقة يُحقق من خلالها أهدافه. بدأ الخيون كبقية الحداثيين يمدح المعتزلة؛ لأنهم يملكون رؤية حيوية لتنظيم الحياة ومشروعاً للاستفادة من الطبيعة بعد معرفة قوانينها، فلهم رؤيتهم الخاصة لمكانة العقل ورؤيتهم المتطورة تجاه طبائع الأشياء وخصوصيتها، حيث يُفهم من هذه الأفكار: أن الله لا يتدخل في الكون بعد خلقه، فقد أودع فيهم الخصائص الحتمية، والإنسان مجردٌ عن سطوة القدر ، أو لأنهم أول من فتح باب الجدل في المقدسات فقال: ( للجدل والمعرفة حدود لا يمكن لأحد تجاوزها خصوصاً في شأن الله، لكن المعتزلة حاولوا التجاوز وفتحوا كوة في الجدار المقدس تسرب منها خيط من النور هو حلم الله في سيادة العقل -حسب تعبيره وفيه تشبيه لله تعالى بالمخلوقين- اعتقدوا ذلك وسعوا إلى تثبيته، لكن الآخرين حالوا دون تحقيق الحلم عبر هيمنتهم على النص بتأويله وتفسيره حسبما يشاءون واعتبروا تلك هي مشيئة الله) ، فبشّر الخيون بمنهج تحرير النص من قيود التعصب ومن لغة المنتصرين وقراءة التاريخ من جديد، وتأويله حسب المكان والزمان وإعادة بهائه.

د . سمير العبيدي