أنتوني هوبكنز في حوار مع براد بيت: مع تقدمك في السن ستجد أنك تريد البكاء فقط

أنتوني هوبكنز في حوار مع براد بيت: مع تقدمك في السن ستجد أنك تريد البكاء فقط

ترجمة: عبد الله الحيمر

عمل الممثل البريطاني أنتوني هوبكنز لأول مرة مع الممثل براد بيت في فيلم سنة 1994، واجتمعا مرة أخرى في فيلم Meet Joe Black سنة 1998. في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، التقى الممثلين المخضرمين في فندق في بيفرلي هيلز، للتحاور حول الحياة والسينما، وكان هذا الحوار بينهما..

■ هل تؤمن بالقدر؟ ولا أقصد في المصير أو الشهرة، انما في مصير الأشياء؟

نعم، أومن بذلك.

■ بيت: لقد توصلت إلى تصديق ذلك في السنوات القليلة الماضية. كيف تصف ذلك؟

كنت أحلم بالفيلة، لا اعرف لماذا، كان هناك فيلم شاهدته عندما كنت طفلاً اسمه «فيل الطفل» Éléphant Boy. كان الفيل يأخذ الطفل سابو، الشخصية الرئيسية عبر الغابة، وأذكر أنني جلست هناك مع جدي نشاهده. كان انطباعي أنني جلست على هذا الوحش الضخم، مهما كانت ظروف الحياة في مرحلة ما، واتخذت خيارًا غير واعٍ للجلوس على ظهر هذا الشيء الجميل والقوي. وأنا فقط أذهب حيث يأخذني. أعتقد أن ما يحدث لأشخاص مثلك ومثلي. نحن لا نعرف حتى لماذا؟ ربما هي رغبة في الهروب من شيء ما. لكن ما أؤمن به الآن هو أننا لا نستطيع أن نتحمل هذا الاستحقاق.

■ كل شيء نسبي، أليس كذلك؟

لقد تعرضت لمثل هذه الرصاصة في حياتي، ولا أستطيع أن أصدق أنني هنا.

■ أنت شرس كالعادة. تشعر أنك قوي أكثر من أي وقت مضى. انت نابض بالحياة أكثر.

وأنت تعيش بسهولة بحياتك.

إلى حد كبير، إنها سرعة الانزلاق أحيانا في دوامة الحياة. لكنني أفقدها في بعض الأحيان. انغمس في شيء ما، ويمكن أن أفقده. أحيانا أرفع يدي عن عجلة القيادة في حياتي.

■ أنت إنسان.

أنا إنسان، لديّ امتياز الدخول أحيانًا إلى جلسة دردشة عبر النت مع فرانك جيري، لقد بلغ التسعين من عمره، وهو مبدع أكثر من أي وقت مضى، حيث أنشأ بعض المباني العظيمة في عصرنا. وهذا يجعلني أفكر «نحن البشر، نريد هدفًا، نريد معنى في حياتنا» ولكن لتحقيق ذلك، فإن المفتاح هو شيئان: البقاء مبدعًا والتواجد مع الأشخاص الذين نحبهم.

■ هذا كل شيء. يشرفني جدًا أنك تفعل هذا، لأنك تمتلك قوة الحياة الطبيعية بدواخلك. في فيلم Meet Joe Black، كنت هادئًا جدًا ولم تسبب أي مشكلة. كنت انا الوحيد مسبب المشاكل في تلك المجموعة.

كنت في الواقع أمر بوقت عصيب خلال ذلك الفيلم. شعرت بأنني مكبل للغاية. لم أشعر بالحرية ابدا.

■ لما؟

عفوًا. مع فيلم اسطورة الوسترن فعلت. شعرت بحالة جيدة هناك. كانت قصة فيلم The Two Popes رائعة. كانت مشاهدتك أنت وجوناثان برايس أشبه بمشاهدة ديوكوفيتش وفيدرير في النهائيات دوي التنس. إنها مشاهد مذهلة. لقد شعرت بخصوصـــية كبيرة، ما كنتم تفعلونه يا رفاق.

حسنًا، كان كذلك. لم أكن أعرف جوناثان من قبل. لقد ضحكتنا كثيرًا، لأنه كان رقم واحد على ورقة الاتصال بالفيلم.

■ قتل حواء كان جيدًا بالفيلم.

يسألني الناس أسئلة حول المواقف الحالية في الحياة، وأقول، «لا أعرف، أنا مجرد ممثل، ليس لدي أي آراء. الممثلون أغبياء جدا. رأيي لا يستحق أي شيء. لا يوجد جدل بالنسبة لي، لذا لا تشاركني فيه، لأنني لن أشارك.

أشعر بالمثل، لا يهمني. أنا سعيد لأن الأشياء تتطور وتتغير دائمًا، والتذمر من ذلك لن يفدني. أنت تعمل كل ما في جهدك وكل ما لديك. مثل الأفلام الرقمية الحالية، فإنهم يقومون بأشياء مذهلة باستخدام التكنولوجيا الرقمية، لذلك لا أشعر بالأسف لأن الفيلم يتم استخدامه بشكل أقل وأقل.

■ ماذا عن المسؤولية التي تشعر بها عند لعب شخصية حقيقية؟ لا توجد طريقة للحصول على الحياة الفعلية لشخص ما، ولكنك تهدف إلى الجوهر، أليس كذلك؟

أعطاني أوليفر ستون دور الرئيس الأمريكي السابق نيكسون، وأتذكر أنني كنت أفكر، «لماذا يعطيني هذا الدور السياسي؟» وقال لي، «لأنني قرأت مقابلات عن كونك وحيدًا. كان نيكسون كذلك» لذلك شاهدت الكثير من الأفلام عن الرئيس نيكسون. نزلت إلى يوربا ليندا، كاليفورنيا، لرؤية المنزل الذي ولد فيه. أخبرني بيل كلينتون أنه عندما أصبح رئيسًا، كان يهاتف نيكسون كل أسبوع.

■ بطريقة ما، يعود الأمر إلى القدر.

نعم. لماذا نفعل الأشياء التي نقوم بها؟ ليست لدينا فكرة. لا أعرف لماذا شربت طوال حياتي. لقد فعلت ذلك لأنه كان الشيء الوحيد الذي أعرفه. أنظر إلى الوراء الآن وأعتقد، «حسنًا، لم يكن الأمر سيئًا، لكنني لا أريد أن أفعل ذلك مرة أخرى». لقد تسببت في بعض الضرر بعد ذلك، لكنني قدمت اعتذاري للناس عما فعلت. كل هذا جزء من الحياة. ومهما كانت القوة الموجودة فينا، فهي متسامحة. أنسَ ذلك فقط، وتحرك من جديد.

■ أجد ذلك جميلًا. وهذا يجعلني أفكر في مدى ميلنا لأن نرغب في رؤية الأشياء بالأبيض والأسود، وليس التحقيق في الرمادي.

هناك فيلم وثائقي رائع لمارلون براندو، وهناك مشهد واحد له مع والده. إنه أعظم ممثل على الإطلاق، لكن والده لم يعطه أي تقدير. هناك لقطة لوالده جالسًا بجانب ابنه، ويسأل مايك والاس، «إذن، ما رأيك في نجاح ابنك؟» ويقول والده، «نعم، لا بأس» وترى الأذى في براندو. أنا بكيت، الشيء الخاص بي هو أنني أبكي عند سقوط القبعة، لأن كل شيء يحركني، لأنني أتقدم في السن. في الداخل، تم نزع كل أوراق الحائط من جميع دفاعاتنا، شيئًا فشيئًا، بعيدًا. هل تبكي كثيرا؟

■ من المعروف أنني لا أبكي. لم أبكِ منذ 20 عامًا، والآن أجد نفسي، في هذه المرحلة الأخيرة، أكثر تأثرًا، تأثرت بأطفالي، وتأثرت بأصدقائي، وتأثرت بالأخبار. أعتقد أنها علامة جيدة. لا أعرف إلى أين تتجه، لكنني أعتقد أنها علامة جيدة.

سوف تجد، مع تقدمك في السن، أنك تريد البكاء فقط.

■ حقًا؟

نعم. الأمر لا يتعلق حتى بالتظلم. إنه يتعلق بمجد الحياة.

■ أرى الكثير من الفرح في وجهك كما في اليوم الذي قابلتك فيه، إن لم يكن أكثر. كنت ترسم في مرسمك في السنوات القليلة الماضية، وقال صديقنا المشترك إنك كنت ترسم مثل الشرير. ماذا عن ذلك؟ بالنسبة لي، هذا شكل آخر من أشكال الإبداع، ولكن ما سبب أهمية ذلك بالنسبة لك؟

إنه مفيد بالنسبة لي لأنه يبعدني عن المشاكل، يبقيني بعيدًا عن الشوارع. قبل أن أتزوج أنا وستيلا، وجدت نصوصا خاصة بي فيها رسومات. قالت، «أريدك أن تقوم ببعض الصور من أجل العرس، هدية حفلة الزفاف». قلت، «لا أستطيع». قالت، «حسنًا، ما هؤلاء؟ فقط أفعلهم». لقد قامت بتأطير اللوحات وتوزيعها. ثم قالت، «حسنًا، الآن أريدك أن تبدأ الرسم» قلت، «لا أستطيع الرسم». قالت: هل سيضعونك في السجن؟ إرسم». لذلك حصلت على مرسم فيه اللوحات وبدأت الرسم، وبدأت في بيعها. وفي مرسمي، في مدينة ماليبو، كان لديّ بعض اللوحات معلقة هناك، بجانب المسبح، وجاء ستان وينستون، الذي كان فنانًا رائعًا، لحضور حفل شواء. صادف وجودي هناك، وقال، «مَن رسم كل هذه اللوحات؟» قلت، «أنا من رسمها». قال: لماذا تشد وجهك هكذا؟ قلت، «حسنًا، ليس لديّ تدريب». قال: «لا تأخذ درساً واحداً. لقد حصلت على رؤيتك التشكيلية الخاصة بك. أنت فنان يمكنك الرسم. لم أستطع فعل ذلك لأنني رسام أكاديمي، لكنك أنت حر من كل هذه القيود الفنية».

■ أليس من المثير أن تدرك أن هناك الكثير لتكتشفه، وأن هناك أشياء جديدة تحب القيام بها؟

يقول الناس «ما هي رؤيتك بالفن؟» أقول «ليس لديّ أي رؤية. ألقي نظرة على بياض اللوحة، وأضع الطلاء عليها فقط».

■ بصفتنا ممثلين، ما نقوم به هو رياضة جماعية. صنع فيلم يأخذ الجميع. ونساهم بما نساهم به. في بعض الأحيان سيكون أفضل مما قدمناه في اليوم. وفي البعض الآخر يكون أضعف مما قدمناه في اليوم. لكنه جهد جماعي. لقد أدهشني هذا الشوق حقًا، هذه الحاجة إلى القيام بشيء مستقل. أشعر بأن فيها لمسات روحانية.

من المهم أن تفعل ذلك من أجل الشغف والمتعة المطلقة وقوة الحياة، لكن لا تأخذ الأمر على محمل الجد.

■ عندما تقول ذلك، لا أعتقد أنك تتحدث عن النجاح الدنيوي.

بالطبع لا.

■ أعتقد أنك تتحدث عن لعبة أن تكون إنسانًا.

حسنًا، إنه لغز عندما نصنع ذكرياتنا الأولى. أستطيع أن أتذكر ذلك اليوم على الشاطئ مع والدي. كنت أبكي، لأنني فقدت القليل من الحلوى التي أعطاني إياها على الرمال. وذلك الصبي الصغير المرعوب – الذي كان مقدرا له أن يكبر ويكون أحمق في المدرسة، جاهلا، وحيدا، غاضبا، كل هذه الأشياء – نظرت إليه وقلت، «لقد فعلنا ما يرام» والحقيقة هي أننا سنذهب في يوم من الأيام. رحل آباؤنا. لقد رحل معظم أصدقائي الذين أعرفهم. كنت أقود سيارتي في أنحاء البندقية قبل أيام، وفكرت، «كل هذا حلم. يا له من صراع، كل هذا مجرد وهم، لكنه مجد الحياة، والمجد المطلق للبحث عنه في كل شيء». وقد أصبحت على دراية بذلك الآن، أكثر من أي وقت مضى. إنه هناك. إنه في قطتي، إنه في كلبي، إنه فيك. كيف يمكن أن يكون خلاف ذلك؟ أشاهد قطتي تقفز إلى مكان صغير على المدفأة. لا تستطيع تأليف كتاب، ولا تعرف شيئًا عن الفلسفة أو الرياضيات. لكن كيف فعلت ذلك بحق الجحيم؟ هذا مذهل تمامًا.

■ ما أسمعك تقوله هو أنه مع تقدمنا ​​في السن، نخرج من رؤيتنا الضيقة، ويمكننا أن نصاب بدهشة وجمال المكان الذي يحيط بنا في كل التفاصيل الدقيقة. نحن نفتقد ذلك عندما كنا صغارًا.

نحن مشغولون جدًا.

■ مع كبريائنا الشخصي.

لكن هذا جزء ضروري من النمو. هل تشعر بهذه القوة الصاعدة للحياة؟

■ كثيرًا جدًا.

هذا يتجلى فيك.

■ أشعر به حقًا في الخارج. أشعر به في الطبيعة، وقد مررت بلحظات عندما كنت طفلاً. لكنني أكثر وعيًا بها الآن، وأكثر انسجامًا معها. هناك الكثير من الغموض والانبهار، وأنا سعيد.

■ رائع، أليس كذلك؟

حوار نُشر في مجلة Interview عدد شتاء 2019.