اقتصاديات: الاستثمار في التعليم العالي

اقتصاديات: الاستثمار في التعليم العالي

 عباس الغالبي
لعل الجدية التي اعلنت عنها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في تبني خطط استثمارية واعدة لتنفيذ عدد من مشاريعها سواءا أكانت المركزية على مستوى الوزارة او الاخرى المتوزعة على مستوى الجامعات، ستكون ذات قيمة وجدوى خلال العامين المقبلين للقطاع التعليمي وامكانية احداث نقلة نوعية على مستوى البنى التحتية وانعكاسات ذلك على الخط البياني للتعليم والبحث العلمي.

ولكن تبقى الامور معلقة بمستويات الانجاز والقدرة الوطنية على التنفيذ خاصة في موضوعة الاسكان الجامعي التي مازالت قيد الدراسة والبحث، في وقت ان فرصة السكن الجامعي للاساتذة في مقدمة الامتيازات التي يحصلون عليها عند التعيين لاول مرة في بلدان العالم الاخرى، وهذا مالم نجده في العراق على الاطلاق.
ومن البديهي ان الاستثمار في القطاعات كافة مدعاة لتحريك عجلة العمل والانتاج وخلق دورة اقتصادية متكاملة، إلا ان الاستثمار في التعليم العالي قد تكون له خصوصية من تعامله مع شريحة مجتمعية واعية تمتلك فهماً كبيراً لضرورات الاستثمار واهميته القصوى في وقت تعاني البنى التحتية من انهيار شبه تام، حيث يمكن للخريطة الاستثمارية في التعليم العالي ان تتحدث عن مشاريع مهمة من شأنها ان تعمل على توفير فرص عمل جديدة وتحقيق حاجات مهمة للقطاع التعليمي بمحوريه الطالب والاستاذ.
ولابد من الاشارة الى ان وزارة التعليم العالي التي اعلنت خلال الفترة القليلة الماضية عن مشاريع اسكانية، إذا ماأثبتت جديتها في تسريع عملية التنفيذ بمراحلها المعروفة فأنها ستخلق حركة استثمارية من جهة وتعمل على تخفيف ازمة السكن بشكل عام وللتدريسيين بشكل خاص من جهة اخرى، وبهذا ستتحقق منفعة ذات أبعاد متوازية ومشتركة، وتندرج بهذا ضمن اطار معالجة الاختلالات التي يعاني منها الاقتصاد الوطني، على ان يسلتزم الالتفات الى ان الاسكان الجامعي غاية في الاهمية ليس ضمن بوتقة المدن والمجمعات الجامعية فحسب، بل حتى على مستوى المجمعات الاسكانية المنفردة التي تكون ليس ضمن اطار المدن الجامعية لاسيما للتدريسيين العاملين في الجامعات القديمة التي لاتقع ضمن المجمعات.
ومن الضروري ايضاً ان نلفت الانتباه الى ان الاستثمار الجامعي يفترض ان ينطلق الى مديات خارج الاسكان الجامعي في تشييد الابنية المكتبية والاقسام الداخلية والمختبرات العلمية وجميع المرافق الجامعية الاخرى، فضلاً عن ادارة المرافق الترفيهية الاخرى من قبل القطاع الخاص خلقاً وتعزيزاً لشراكة بين القطاعين العام والخاص هي ضرورة حالية ملحة في ظل عملية الانتقال التدريجي من الاقتصاد المركزي الى اقتصاد السوق.
ومن هنا فأن هذه الجدية التي كشفت عنها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الحالية مرهونة بعملية التطبيق التي نتطلع الى ان تكون مسورة بأرادة حقيقية وليست محض شعارات لاتجد طريقها في التطبيق على أرض الواقع في ظل الحاجة الى ولوج عملية الاستثمار في قطاع التعليم العالي.