من تاريخ الصراع الدولي حول العراق .. امتياز سكة حديد بغداد ـ برلين

من تاريخ الصراع الدولي حول العراق .. امتياز سكة حديد بغداد ـ برلين

رخاوي راضية

وّ كّان الامبراطور اّلألماني وّليم اّلثاني قّد قّام بّزيارةّالدوّلة اّلعثمانية لّلمرة اّلثانية فّي 1898، وّ تّمخّضت عّن هّذه اّلزيارة نّتائج مّهمّة بّالنسبةّ للتغلغل اّلألماني فّي أّقطار اّلدولة اّلعثمانية، حّيث نّتج عّن هّذه اّلزيارة مّوافقة اّلسلطان عّلىّ منح اّلألمان مّبدئيّا فّي 1899 اّمتياز سّكّة حّديد بّرلين-بغداد ،

اّ لتي كّان مّن اّلمقرر أّن تّمرّعبر هّامبورغ وّ بّرلين، وّ فّيينا وّ اّلآستانة وّ بّغداد حّتى اّلخليج اّلعربي ، وّ كّان اّلهدف مّنّ مدّ هّذا اّلخط اّلحديدي اّستغلال اّلموّاد اّلخامّ وّ أّهمّها اّلقطن ، وّ كّان إّعطاء اّلامتياز اّلنهائيّ لسكّة حّديد بّغداد فّي سّنة 1902 ، بّموجب عّقد اّمتياز وّقّعه مّن اّلجانب اّلتركي ذّهني بّاشاّوزير اّلأشغال وّ اّلتجارة بّاسم اّلحكومة اّلتركية، وّ مّن اّلجانب اّلألماني اّلدكتور زّندر اّلمديرّ العا مّ لّشركة سّكة حّديد اّلأناضول ، وّ نّص اّلامتياز عّلى عّدّة مّوّاد يّمكن إّجمال أّهمّها فّيماّيلي :

- مّدّة اّلامتياز 99 عّامّا.

- تّعهّد اّلحكومة اّلتركية بّتقديم اّلأراضي اّلضرورية اّلخاصّة بّمدّ اّلسكّة إّلى اّلشركة اّلألمانيةّ بدون أّن تّدفع اّلأخيرة ثّمنّا لّها.

- اّلتزام اّلمصالح اّلألمانية اّلحاصلة عّلى اّلامتياز بّالاشتراك مّع اّلمصالح اّلمالية اّلعثمانيةّ لإنشاء شّركة تّدعى بّالشركة اّلإمبراطورية اّلعثمانية لّسكّة حّديد بّغداد.

- وّجوب إّخضاع نّقل اّلضاط وّ اّلجنود إّلى جّانب اّلقطع وّ اّلمعدّات اّلحربية فّي حّالةّ الحرب أّو اّلسلم إّلى رّقابة اّلحكومة اّلتركية.

- اّلحق فّي سّحب اّلامتياز مّن اّلشركة فّي أّ يّ وّقت تّشاء اّلحكومة اّلتركية مّقابل دّفعّ تعويض عّن اّلمدة اّلباقية مّن اّلامتياز.

موقف بريطانيا من سكّة حديد بغداد كان اّهتمام بّريطانيا بّسكّة حّديد بّغداد يّنبع مّن اّهتمامها بّالعراق وّ شّبه اّلجزيرة اّلعربية وّ الخليج اّلعربي بّالأساس وّ ضّرورة حّماية مّصالحها اّلاستعمارية فّي اّلهند وّ طّرقّ المواصلات اّلمؤ دية إّليها ، وّ مّوضوع سّكّة حّديد بّغداد كّان يّمس مّنذ اّلبداية وّ بّصورةّ مباشرة اّلمصالح وّ اّلوجود اّلبريطاني فّي اّلهند وّ اّلخليج اّلعربي وّ اّلشرق اّلأوسط ، وّ هّكذاّ عارضت بّريطانيا مّشروع اّلسكةّ لّأ نها اّعتبرته وّسيلة لّتو سّع اّلنفوذ اّلألماني إّلى اّلشرق وّ السيطرة عّلى مّنطقة اّلخليج اّلعربي ، كّما أّ نّ هّذا اّلخط سّيتيح لّألمانيا فّرصة ذّهبية لّلوصولّ إلى اّلبحر اّلمتوسط مّن جّهة وّ إّنشاء مّيناء بّحري فّي مّنطقة اّلخليج مّن جّهة أّخرى يّتحولّ مع مّضي اّلوقت إّلى قّاعدة بّحرية أّلمانية ، كّما كّانت بّريطانيا تّنظر إّلى اّلخليج اّلعربيّ على أّ نّه اّلبوّابة اّلبحرية لّلهند مّن نّاحية وّ لّلعراق مّن نّاحية أّخرىّ، كّما أّ نّ اّستمرار هّذاّ المشروع سّيؤدي إّلى اّلقضاء عّلى اّلسيطرة اّلبريطانية اّلمنفردة عّلى اّلخليج، وّ إّلى تّهديد نّفوذهاّ السياسي وّ اّلعسكري وّ اّلتجاريّ اّلمتفوّق فّي اّلهند، كّما أّ نّه سّيؤدي اّلى تّهديد مّركز بّريطانياّ الاستراتيجي فّي قّناة اّلسويس.

كانت بّريطانيا تّخشى مّن أّن تّهدّد أّلمانيا مّصالحها وّ آّمالها وّ مّطامعها لّيس فّيّ السويس وّ مّصر فّقط بّل وّ فّي اّلقارة اّلإفريقية كّانت تّخشى أّن يّصبح مّوقفهاّ حرجّا فّيما بّعد فّي فّارس وّ مّنطقة اّلفرات وّ دّجلة، وّاّ لّتي يّوجد لّبريطانيا فّيها مّصالح سّياسيةّ و اّقتصادية وّ بّالإضافة اّلى اّلتجارة .و كّانت بّريطانيا قّليلة اّلاهتمام بّشأن هّذه اّلسكّة اّ لّتي كّان مّن اّلمقرر بّادئ اّلأمر أّنّ تنتهي فّي بّغداد، لّكن بّعد مّعرفة أّن اّلسكة سّوّف تّمتد حّتى اّلبصرة، أّي إّلى اّلخليج، فّإ نهاّ أبدت اّهتما مّا أّكبر بّالخليج وّ اّتخذت مّوقفّا مّغايرا ، لّأ نّها سّتجلب اّلويلات لّمصالحها فّيّ المنطقة .

لقد كانت سكّة حّديد بّرلين-بغداد كّانت سّببا مّن أّسباب اّلحرب اّلعالمية اّلأولى، حّيث أّ نّ ألمانيا أّصبحت قّوة عّالمية لّأ وّل مّرة فّي تّاريخها، وّ بّدأت تّسعى لّلحصول عّلىّ المستعمرات وّ هدّدت اّلهيمنة اّلبريطانية فّي اّلبحار، وّ فّي اّلشرق اّلأدنى بّدأت تّتوغّلّ اقتصاد يّا دّاخل اّلدولة اّلعثمانية، وّ كّانت سّكّة حّديد بّرلين-بغداد رأس حّربة هّذا اّلتوغّل،ّ و عّلى اّلرغم مّن أّ نّ أّلمانيا، رّوسيا، فّرنسا، وّ بّريطانيا كّانوا قّد تّو صّلوا إّلى اّتفاقياتّ بخصوص اّلسكّة قّبل اّندلاع اّلحرب اّلعالمية اّلأولى، إّلا أّ نّ اّلمشروع كّان قّد تّسبّبّ بشكل كّبير فّي تّسميم اّلمناخ اّلدولي . لّقد كّانت أّلمانيا مّقتنعة بّأ نّ مّعارضة قّوىّ التحالف لّم تّكن سّوى جّزء مّن سّياسة اّلمحاصرة اّ لّتي اّنتهجتها كّلّ مّن رّوسيا وّ بّريطانياّ و فّرنسا، اّ لّذين اّصبحوا يّشعرون بّريبة شّديدة تّجاه اّلمخططات اّلألمانية اّلمتعلقة بّسكّةّ حديد بّرلين .

لابدّ مّن اّلقول أّ نّ سّكّة حّديد بّرلين-بغداد قّبل اّلحرب وّصلت إّلى نّقطة قّريبة مّن اّلخليج،ّ على اّلرغم مّن أّ نّها لّم تّصل إّلى اّلبصرة، حّيث يّمكن اّستخدام مّصبّ نّهر اّلفرات فّي مّنطقة شّطّ العرب فّي اّلملاحة اّلبحرية، وّ بّصرف اّلنظر عّن تّحقيق اّلخط أّو عّدم تّحقيقه، فّإ نّ اّلمهمّ هّوّ دخول اّلمنطقة اّلتي تّضم اّلعراق وّالخليج اّلعربي، فّي فّكر رّجال اّلاقتصاد وّ اّلسياسة وّ اّلجيشّ

الألماني، وّ بّذلك أّصبحت اّلمنطقة مّنطقة تّنافس دّولي لّلسيطرة عّليها اّقتصاديا وّ سّياسيا وّ عسكريا .

عن رسالة

( التنافس الإنجليزي ــ الألماني في العراق)