حميد رشيد أحب الكتابة وأخلص لضميرها ومات وهو يكتب

حميد رشيد أحب الكتابة وأخلص لضميرها ومات وهو يكتب

خالد الحلّي

منذ أن تعرفت اليه أوائل عام 1964 وحتى رحيله ، ظل الصحفي المبدع والإنسان المتألق حميد رشيد “أبو رياض”، أستاذا مرشداً، وأخا كبيراً، وصديقاً نبيلاً، ورفيقاً ثابت العزم والإيمان.

والآن وأنا أكتب هذه الكلمات بعد مرور 56 عالماً على بدء صداقتنا، وانقضاء 51 سنة على رحيله، أجد أن ذكراه ما زالت وستبقى مشعة في القلب والعقل والضمير، وأنه كان من أعز من صادقت وعرفت وخبرت من البشر.

لقد كان مفتاح تعرفنا على بعض، وتعمق علاقتنا مع الأيام، التزامنا بخط اليسار الوطني العراقي، والتقارب الكثير بين رؤانا وأفكارنا وتطلعنا وما نؤمن به من قيم إنسانية وأخلاقية . كنت لدى تعرفي اليه في مقتبل الشباب، وحديث عهد ببغداد العاصمة التي قدمت إليها من على الصعيد المهني المشترك، جمعتنا زمالة مهنية إيجابية ورصينة وخلاقة، عملنا سوية في جريدة “المنار” التي كانت تعدّ الجريدة العراقية الأولى والأوسع انتشارا خلال فترة صدورها، وامتد عملنا المشترك في “المنار” بدءاً من 1،2،1965 وحتى 3،12،1967 بعد أن توقفت الجريدة إثر تأسيس المؤسسة العامة للصحافة، التي ألغى قانونها كافة الامتيازات الممنوحة للصحف السياسية التي كانت تصدر قبل تشريعه منهيا بذلك دور القطاع الخاص في سيطرته على الإصدارات الصحفية السياسية.

ونتيجة لذلك لم يكن أمام الصحف الجديدة الصادرة عن المؤسسة، إلا الاستعانة بالملاكات الصحفية العاملة في الصحافة الأهلية الملغاة، وتوزيعها على الصحف الجديدة، فتم تنسيب الزميل الراحل “أبو رياض” للعمل في جريدة حملت اسم “المواطن”، فيما تم تنسيبي للعمل في جريدة حملت اسم “المساء” باقتراح من الخبير الصحف المصري علي منير الذي استقدمته المؤسسة للعمل كمستشار صحفي عام لديها، إهتداءً بصدور جريدة تحمل نفس الاسم في القاهرة، وذلك في إطار إيصال آخر الأخبار إلى القارئ وعدم الاكتفاء بالأخبار الحاصلة حتى الثانية عشرة من مساء اليوم السابق، أو خلال الساعة أو الساعتين الأوليتين من اليوم الجديد، ولكن هذه التجربة فشلت بسبب عدم تميزها الواضح والجلي عن طبعات الصحف الصباحية، فتما إلغاؤها، والتعويض عنها بإصدار جريدة حملت اسم “الشعب” .

كان يضيف في داره التي كان يستأجرها في منطقة العطيفية، وفي داره التي شيدها بعد حصوله على قرض من المصرف العراقي في حي الصحفيين بالقادسية ، جلسات سياسية وأدبية مختصرة، رأيت في إحداها الشاعر الكبير مظفر النواب لأول مرة في حياتي، عندما جاء في زيارة مفاجئة، وكان مطارداً ومطلوباً من الجهات الأمنية يومذاك، بعد هروبه من سجن الحلة مع مجموعة من السجناء السياسيين بتاريخ 7،11،1967 ولم أر الشاعر مظـــــفر بعد ذلك إلا عام 1997 عندما قام بزيارة إلى أستراليا رافقه فيها الدكتور الفنان سعدي ألحديثي، وأقيمــــــــت لهما خلالها أمسية شعرية غنائيـــــــة في ســــــدني، وأخرى في ملبورن كان لي شرف تقديمها، وكانت من أنجح الأمـــــــسيات الثقافية العربية في ملبورن يومذاك.

وخلال لقاء فـــــــــردي مع الشاعر النواب ذكرته بأول لقاء لـــــــنا في بيت الصديق الراحل حمـــــــيد شعره فذكره بكل خير وأشاد به إنساناً وصحفياً ومثقــــــفاً له شأنه واعتباره.