في اليوم الاول من سنة 1974 كان رحيله..سليمة مراد.. ورقاء العراق

في اليوم الاول من سنة 1974 كان رحيله..سليمة مراد.. ورقاء العراق

اعداد : ذاكرة عراقية

في الساعة الرابعة عصرا من يوم الثلاثاء الاول من كانون الثاني عام 1974 توفيت سليمة مراد في أحدى مستشفيات بغداد بعد ان تجاوزت السبعين من عمرها و هي تكتم في نفسها حسرتها بوفاة زوجها الفنان الكبير ناظم الغزالي .

يصف الشاعر المرحوم عبد الكريم العلاف سليمة مراد بقوله " اشتهرت بلقب سليمة باشا وظلت محافظة عليه لا تعرف إلا به إلى أن أصدرت الحكومة العراقية قانونا بإلغاء الرتب العثمانية . فصارت تدعى سليمة مراد وسليمة مغنية قديرة آخذت من الفن حظا وافرا وصيتا بعيدا فكانت فيه البلبلة الصداحة المؤنسة".

وكان لزواجها من الفنان العراقي الشهير ناظم الغزالي المحطة الكبيرة في حياتها ، فقد اشهرت اسلامها ولم تترك العراق كما تركها مجايليها من ابناء الديانة اليهودية في عمليات الهجرة في اوائل الخمسينيات . وقصة زواجها من ناظم الغزالي كما تقول في لقاء صحفي معها :

كان قد مهد لها بتاريخ 8 كانون الثاني سنة 1952 في إحدى البيوت البغدادية ، عندما شاركا سوية في أحياء حفلة غنائية فخفق قلبيهما . وبعد سنة من ذلك إلقاء تم زواجهما سنة 1953 وقد علقت المرحومة سليمة مراد على قصة زواجهما " طوال مدة الزواج كنا نتعاون معا بوصفنا فنانين على حفظ بعض المقامات والبستات ، وغالبا ما كنا نبقى حتى ساعة متأخرة من الليل نؤدي هذه الأغاني معا ونحفظها سوية . وعن وفاته قالت معقبة " وفي يوم وفاته كنت قد عدت من بيروت في حوالي الثانية عشر وعشرة دقائق ظهرا . توجهت نحو البيت فشاهدت جموعا متحشدة من الناس في الباب . وعندما اقتربت منهم كي استعلمهم لم يخبروني فيما كانت عيونهم تنبئ بوقوع كارثة . دخلت مجنونة اركض إلا إن – روزة – فاجأتني قبل أن أسالها بحقيقة المأساة ، بعدها تهالكت عند مدخل البيت ولم أفق من غيبوبتي إلا بعد أن اكتظ البيت بالزحام" . ويذكر انها تزوجت من الفنان ناظم الغزالي، وكان الفرق في العمر بينهما يقارب العشرين سنة، كانت هي نجمة وهو ما زال يشق طريقه.

وقالت لاحدى المجلات العربية :للوعات كثيرة في حياتي رافقتني منذ صباي حتى يومي هذا .. حصلت على لقب (باشا) واغدقت علي الاموال بلا حساب ونثرت الجواهر وتبعثر الذهب تحت اقدامي واصبحت مطربة تحتل القمة وذاعت شهرتي بين العواصم العربية والاوربية ، وفي بغداد وقفت ام كلثوم تخاطب الالاف من مستمعيها وهي تتمنى ان تمتلك حنجرة صافية قوية املكها، وبرغم ذلك كان قلبي ممزقاً لا يعرف غير الوحدة واللوعة.

ثم تضيف قائلة:

كان ناظم الغزالي بالنسبة لي وسادة مريحة اسند اليها رأسي بثقة ولم نكن متزوجين ولم يكن الجنس له وجود بيننا، عشنا معاً سبع سنين برابطة الاحساس المرهف والشعور الفياض البريء المستمد من الفن. وكنت انظر اليه كطفل مدلل علمته النغم والمقام العراقي بكل زواياه وعلمني الصبر والثقة بنفسي فأعادني الى الغناء بعد اعتزاله ، كان دافعي في الحياة وكنت السلم الخفي الذي صعد به طريق المجد.. وجاء من يتهمني باني قتلت ناظم الغزالي، اتهمني الذين جاؤوا الي بعد موته يطالبون بساعته الذهبية ليضعها ابنهم في معصمة وتراب قبر ناظم لم يجف بعد...

واما ذكرياتها مع الفنانة الكبيرة ام كلثوم فتقول عنها : كان عام 1932 يوم جاءت ام كلثوم الى بغداد لتعمل في ملهى في منطقة الميدان وهي مطربة مبتدئة انذاك بالنسبة لي.

وفي حفلة خاصة احتضنت ام كلثوم العود واخذت تعزف واحدة من اغنياتي (قلبك صخر جلمود) وبدأت تغنيها وبعد اول مقطع توقفت عن العزف والغناء والتفتت نحوي وابتسامة خجل ترتسم على وجهها وهي تقول: (ياريت كنت اقدر اغنيها زيك) واخذ الحاضرون يصفقون لها وطلبوا منها في الحاح اكمال الاغنية ولكنها توجته بكلامها لي (ان شاء الله بعد عشر سنوات يكون لي قوة حنجرتك واوتارها الصافية، بعدها اغني الاغنية بتاعتك كويس ماتكونيش زعلانة مني). وبعد خمس سنوات سجلت ام كلثوم الاغنية على اسطوانة تجارية دون ان تاتي على ذكري او صلتي بالاغنية برغم اني بذلت جهوداً كبيرة من اجل ان تتقن ام كلثوم لحن الاغنية. لم اكن يوما بحاجة الى ام كلثوم لابني مجدي الفني فيكفي اني شغلت مئات العقول لسياسيين كبار وافرغت الكثير من الجيوب العامرة بسببي حتى ان بعضهم كان بسندات ملكية عقاراته متوسلاً بها ان يكون واحداً من عشاقي ومازلت اذكر التاجر الحلبي الذي ارسل لي من حلب اوراق تملك احد بيوته في الشام وعندما اعدت له الاوراق شاكرة باع البيت وارسل لي ثمنه ..