الفوتوغرافي فؤاد شاكر: قدمت قصائد بصرية لاتتكرر ولاتشبه إلا نفسي

الفوتوغرافي فؤاد شاكر: قدمت قصائد بصرية لاتتكرر ولاتشبه إلا نفسي

حاوره: علاء المفرجي

اكثر من خمسين عاما وعدسة الفنان الفوتغرافي فؤاد شاكر تقتنص لحظات الزمن، موثقة احداثا وامكنة وشخوصاً...\"شاعر الضوء\" لقب يمنحه محبو فنه لسيد الضوء والظل الذي يعيد انتاج اللحظة المقتنصة بعين شاعر وهي تنبض بالحركة وتشع بجمال باذخ..مؤكدة صواب مقولة السينمائي الكبير اورسن ويلز التي تتلخص في ان الاثر لايكون جيدا إلا عندما تكون الكاميرا عينا في رأس شاعر.

الفنان فؤاد شاكر المولود في بغداد عام 1949 بدأ حياته الفنية في عام 1960 خلال رحلته الممتدة هذه عمل في اكثر من مؤسسة اعلامية وصحفية محلية وعربية ودولية وشارك في العديد من المعارض العالمية والدولية وحصل على عدة جوائز متقدمة في هذا المجال. كتب النقد الفوتوغرافي ولا يزال مستمرا في كتاباته هذه حتى الان.عرضت اعماله في الولايات المتحدة الاميريكية بولايتي اوهايو وواشنطن وباريس و طوكيو والاردن والعراق.المدى حاورت الفنان لتقف عند احدى اهم التجارب المتميزة في فن الفوتغراف وكذلك رؤيته لمسيرة هذا الفن في العراق.

* بخلاف مجايليك من فناني الفوتغراف نرى ان ماتشغلك الفكرة اولا من جهة الاعتناء بها وتجسيدها .. الى أي مدى يجسد الفوتغراف افكار الفنان؟

- تتعدد زوايا قراءة مضمون الصورة تبعا لتباين واختلاف مستويات الفهم والإدراك وعلى هذا فإن كل واحد منا يفسر على هواه، وذلك ما يؤكد أنها النص البصري المفتوح الذي يحتمل أي تأويل معمقا كان ام سطحيا أم مباشرا، كل الذي يعنيني قوله هنا هو أنني ومنذ بداياتي البعيدة كنت احترم مهنتي هذه احتراما يوازي مثيله الذي انظر به للمنجز الفني المتحقق على يدي ذلك لأنني أضع في الأولوية جانب الفكرة قبل الصورة لتنتهي أنها ناتج تفكير مسبق وحصيلة فوران أحاسيس وبما ان الحديث يدور حول الفكرة لئلا نكون عابرين بالحقائق لذا فانه من المفيد جدا الإعادة فيما ما قاله فنانون كبار بهذا الشأن وفي سياقه، فقد قال النحات البريطاني الشهير هنري مور ذات مرة أنني وعندما كنت اطر غابات الريف الانكليزي بدراجتي الهوائية كل صباح حيث تتطلب مهنتي ذلك الأصحاء الرياضي الذي من فوائده العافية البصرية والتوقد الذهني كنت ارقب في سبيلي الصخور الكبيرة المتناثرة على جانبي الطريق فأحتديها في فضاء خيالي لأهم بالتأني بنحتها في تجاويف عقلي وهي في فضائها الرحيب هكذا كنت ابدأ بالعمل الفعلي بها كمنحوتة تلك الغابة العذراء المهجورة والتي كانت غالبا ما تلوذ بصمت الأبدية والكون الموحش وبالمعنى الفلسفي للمثال فأنني أجد نفسي لا ادخر وسعا في تأكيد ذاتي في كل عمل مقترح من أعمالي فاني أعد كل عمل منها قطعة من قلبي والشيء الكثير من نبضي الذي لايفتر أبدا.

* ويبدو ان ذلك كان انشغال رواد هذا الفن في العراق ايضا، وهو الامر الذي يؤكد رصانة البدايات له؟-

أسئلة بلا إجابات وأخرى جاءت على خلفية فكرة الفطرة والبراءة والصدق بالطبع وإذا ما كانت الصورة تنطوي على جملة أسئلة فإننا لا بد أن نتذكر الفنانين الفوتوغرافيين الطليعيين الأوائل باعتبار أن كل فوتوغرافي قادم بموضوعه وحتى الذي يستند الى ايدولوجية محددة بافتراض والاستدراكات بهذا المعنى تحيلنا إلى ما قدمه مراد الداغستاني رائد الفوتوغراف الأول ( 1917ــ 1982) ونظيره الفنان المبدع ناظم رمزي وما هي دوافعهما في تكريس المفاهيم الفكرية المعاصرة في الصورة الفوتوغرافية مع أن كل واحد منهم ركز على منحى من مناحي الحياة وللإيجاز وعدم الإسهاب أكثر يمكنني أن أوضح بان الراحل مراد الداغستاني قد لوح في أعماله إلى فكرة تمجيد الحياة والاحتفاء بالإنسان وقد راقه أن يؤكد في سلسلة صوره على حالات الكدح اليومي بالنسبة لقاعدة عريضة من الشغيلة والكسبة الذين كانوا يحرقون ساعات النهار الطويلة من اجل الحصول على لقمة العيش بالتعب والجهد المضني والدموع فيما انه لم ينس البسطاء ومقطوعي الجذر والمجانين من رموز مدينة الموصل ومسقط رأسه ولعلنا إذا ما بحثنا عن السبب في تقديم روايته الفوتوغرافية هذه وعلى هذا النحو سنجد انه كان يعاني من داء السرطان الذي استشرى في كل أنحاء جسده بنهاية الأمر، وان هذه العقدة قادته لان ينتج آلاف الأعمال الفوتوغرافية الهادفة اعتقادا منه في أنها ستخلده لكنه لم يأخذ من هذه الدنيا سوى أكفانه ويرحل في الشهر السابع من عام 1982، وانتهى الأمر. وتجدر الإشارة الى انه قد بدأ حياته في عام 1935، ورحل مبكرا في التاريخ المنوه به أعلاه.

* هل لك ان تقف معنا عند نشأة هذا الفن في بلادنا وابرز محطاته؟

- إن حكاية نشأة التصوير الفوتوغرافي وظهور رموزه في العراق تبدو ليّ ولك وللآخر مترابطة لكن قصصها مختلفة تماما من خلال المحصلة النهائية للنتاج المتحقق على يد الممتلئين روحيا وفكريا والذين يحترمون التاريخ بامتداده ويركزون بالحاج شديد على سماته وقد نعطي المثال الآخر في ما يخص تجربة الفنان الفوتوغرافي ناظم رمزي الذي حمل الكاميرا على الكتف في عام 1954، وبدأ يصور بضمير حي ووعي متجدد لينتهي من جروداته التصويرية التي شملت العراق من أقصاه الى أقصاه بعد عشر سنوات ولما اصدر كتابه الموسوم بالأرض والناس عام 1964 قال في مقدمته.. هذه الأرض التي لا بد ليّ من إطالة النظر فيها كأرض غنية.

هذا الحوار سبق ان نشر في المدى عام 2014