محمود حلمي الكتبي ومكتبته الاولى

محمود حلمي الكتبي ومكتبته الاولى

سندس الدهان

مكتبات بيع الكتب والصحف والمجلات هي كنوز من المعرفة التي يتغذى بها المطالعون . وقد عرفت بغداد الكثير من هذه المكتبات ، ومنها المكتبة العصرية التي قرأنا عنها الكثير في مقال للأستاذ زين النقشبندي نشره في مجلة التراث الشعبي الفصلية التي تصدر عن دار الشؤون الثقافية العامة في عددها الثاني لعام 2009 ، وهي محفوظة في خزائن دار الكتب والوثائق الوطنية .

فمما جاء في مقالة إن المكتبة العصرية تأسست سنة 1914 م من قبل المرحوم محمود حلمي في مدينة بغداد ولكن هناك من يرجع تأريخ تأسيسها الى وقت أبعد من السنة المذكورة وعلى أنها لم تكن في مدينة بغداد وإن مؤسس هذه المكتبة هو الشيخ محمد والد محمود حلمي صاحب المكتبة الإسلامية ، أنشأها في كربلاء سنة 1300 هـ - 1882 م كما هو مثبت في دليل المكتبة العصرية المطبوع سنة 1341 هـ / 1922 م في مطبعة السلام ، كذلك ختم المكتبة المثبت على كتاب نقد فلسفة داروين لمصنفها أبي المجد محمد رضا الاصفهاني والمطبوع في مطبعة الولاية ـ بغداد سنة 1331هـ - 1997 م ويوجد في خزانتها كتاب مختصر روض الرياحين في مناقب الصالحين لليافعي عليه ختم المكتبة الإسلامية أيضاً .

وقد عرف عن محمود حلمي بأنه كان الوكيل الوحيد لتوزيع أغلب المجلات المصرية في العراق وكان يساعده في إدارة شؤون المكتبة شخص يهودي اسمه اسحق وكان هذا الشخص لولب المكتبة ومحركها .

وكان يقال في الثلاثينيات إن رئيس الوزراء نوري السعيد كان صديق محمود حلمي علماً أن تأسيس هذه المكتبة في بداية أمرها كان بجانب الباب الصغير لسوق الصياغ المرتبط بسوق السراي ثم انتقلت الى المحل الذي تقوم عليه حالياً مكتبة عواد عبد الرحمن ثم انتقلت الى المحل الذي تقوم عليه حاليا المكتبة الحديثة لبيع القرطاسية ثم انتقلت الى شارع المتنبي أمام المخبز العسكري سابقاً ثم انتقلت الى بناية المكتبة البغدادية علما أنها نقلت أولاً الى مجمع الأدباء ثم الى المحل المقابل للمكتبة قبل إغلاقها أمام بناية وقف علو حبيب العامري حالياً .

وفي السنوات الأخيرة وبعد الأزمة المالية التي مر بها محمود حلمي باع المكتبة الى الأديب البغدادي السيد صادق القاموسي وهو شاعر موهوب ولد في مدينة النجف الأشرف سنة 1922 وتوفي 1988 لكنه بقي في الوقت نفسه يعمل أجيراً في مكتبته المباعة . ويقال إن الخلق الرفيع الذي تمتع به الأستاذ القاموسي دفعه الى معاملة محمود حلمي معاملة خاصة حيث خصص له أجراً شهرياً الى حين وفاته وقد بيعت لهذه المكتبة كثير من المكتبات الخاصة لأدباء وعلماء عراقيين معروفين ومشهورين منها مكتبة الزهاوي جميل صدقي حيث باعتها زوجته زكية وهي أخت مطلقة بكر صدقي .

وكان فيها بعض الكتب النادرة التي حمل أغلبها كلمات الإهداء للأستاذ الزهاوي مع بعض الأوراق الخاصة به أي الزهاوي ،وقد اقتنى بعضها الأستاذ عبد الحميد الرشودي الذي نشرها وعلق عليها بعد ذلك في عدد من الصحف والمجلات في حين اقتنى الأديب خضر العباسي الصحف والمجلات كافة.

وكان في المكتبة العصرية مجلس يرتاده عدد من المثقفين والأدباء منهم عباس العزاوي والسيد عبد الرزاق الحسني والأستاذ عبد المنعم الغلامي وعبد المطلب الأمين وطه الهاشمي والعلامة الدكتور مصطفى جواد والأستاذ الأديب أحمد حامد الصراف وغيرهم من الشخصيات . وقد ورد ذكر محمود حلمي في أوراق الأستاذ كامل الجادرجي المطبوعة كما إن له صورة في دليل المملكة المصرية المطبوع سنة 1929 م .

ويذكر أنه كان إنساناً نظامياً يساعد المحتاجين ويخصم من أسعار الكتب للذين لاتكفي نقودهم لشرائها مثل الطلاب والباحثين كما كان حريصا على عدم استيراد الكتب الممنوعة .

أما المكتبة العصرية ، فكان يجلس فيها عبد المجيد الهاشمي ومحمود فهمي درويش ومصطفى علي وعبد الرزاق الحسني وجلال الطائي .

ويعد محمود حلمي ونعمان الأعظمي وقاسم محمد الرجب من أقدم الكتبيين في السوق.