حوار مع الشاعر الراحل كاظم السماوي

حوار مع الشاعر الراحل كاظم السماوي

مؤيد عبد الستار

كاظم السماوي شاعر عراقي كبير ، عرف النفى منذ اواسط خمسينيات القرن الماضي ، غادر العراق الى المهجر وتنقل في بلدان عدة ، ولكنه عاد مع ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958 م ليتقلد منصب مدير عام الاذاعة في بغداد ،

وقد ارتبط بعلاقة وثيقة مع الشعب الكردي من خلال صحيفته الانسانية التي اصدرها ببغداد بعد ثورة تموز وناصر فيها قضية الشعب الكردي مما ادى الى زجه في السجن . التقيته في ستوكهولم حيث يعيش واحببت ان ادردش معه عن اشياء كثيرة ، ولكن ضفاف البحيرة التي التقيته قربها وازدحام الناس بمناسبة الصيف الجميل اضطرني الى الاختصار في الاسئلة , وهنا بعض ما دار بيننا من حديث .

* كيف عرفت كردستان ؟

- اول مرة ذهبت فيها الى كوردستان كانت زيارة اصطياف ، كان ذلك عام 1940 ، زرت شقلاوة ، وكانت المفاجأة في عدم وجود فنادق فيها ، فاستأجرنا ( كبرة ) قرب ساقية ، اذكر كنا نضع فيها الفاكهة لتبرد . في تلك الزيارة عرفت القرية الكوردية ، ولمست الفقر ، كانت هناك مقهى صغيرة ، حين يزورها الاقطاعي ينهض الناس لتحيته.

* هل هناك زيارات اخرى تلت تلك الزيارة؟

- في الستينات دعيت الى كردستان، كان في اربيل تلفزيون اسود وابيض ، وقدمني في برنامج تلفزيوني الاستاذ مصطفى صالح كريم ، كما نشرت بعض القصائد في صحيفة ( خه بات – النضال) ، وبعد اعوام اسهمت في جريدة النور التي كانت تصدر ببغداد ، فتوطدت علاقتي مع الشعب الكردي والقوى السياسية الكردية .

اذكر في احدى السنوات العجاف اختفيت في اربيل ، فكانوا اثناء اختفائي يقدمون لي الكباب ولبن اربيل ، وذلك لدواع امنية ، اذ كان يسمح لاحد الموثوقين فقط ان ياتيني بالطعام .

لقد استقر بي المقام في كردستان عدة سنوات ، ثم اضطررت للمغادرة الى الخارج ، ولكني عدت من جديد بعد التغيير الذي حصل وسقوط النظام الدكتاتوري ، عدت الى كردستان ، فاصدرت من جديد جريدة الانسانية ، ووزعت في السليمانية ، وكانت حافلة بمقالات الادباء الاكراد مثل د . عز الدين رسول ومصطفى صالح كريم ، ولكن ظروفي الصحيةلم تسمح لي بالاستمرار في اصدارها.

* كيف كانت عودتك الى كردستان؟

- استقبلت استقبالا كبيرا ، أقام الاستاذ جلال الطالباني حفل استقبال اشاد فيه بموقفي من القضية الكردية ، التي واكبتها منذ عام 1947 ، شعرا وموقفا سياسيا .

كما ترجمت بعض قصائدي الى اللغة الكردية ، وقد قدمني في تلك الامسية الاحتفالية الدكتور عز الدين رسول.

* هل عملت في الصحافة الكردية ؟

- نشرت مذكراتي تحت عنوان خمسون عاما من الرحيل بين المنافي في اكثر من ثلاثين حلقة في جريدة الاتحاد ، بجانب العديد من القصائد والمقالات الاخرى .

* ماذا عن المقابلات التلفزيونية وهل ترجمت اعمالك الى اللغة الكردية؟

- كانت المقابلات في اللغة العربية ، وكانت عن الشعر ، اذ قرأت بعض قصائدي ، وحوار عن شعري وقصائدي عن كردستان ، وعن الموقف السياسي .

* هل تعلمت او حاولت تعلم اللغة الكردية؟

- بسبب اتقان الادباء الكرد للغة العربية لم الجأ الى الحديث باللغة الكردية ، ولكن احفادي الان يتكلمون الكردية بطلاقة ، ولابد ان اذكر هنا الزميل عادل مراد ومساندته لي حين كان مديرا للاعلام ، كان موقفه مشجعا ودائم الترحيب بي فجعلني ارتبط بقوة بمجتمع مدينة السليمانية ، وكانت معرفة سكان المدينة بموقف جريدة الانسانية المناصر للقضية الكردية في الستينات مثار اعتزاز لعلاقاتنا السياسية والثقافية ، إذ قامت جريدة الانسانية في اعوام الستينات بنشر افتتاحياتها وبمانشيتات كبيرة تطالب بالسلم في كردستان، وكان هذا الموقف مناهضا للقوى العسكرية التي كانت تهاجم الشعب الكردي.

* كيف تقارن بين حياتك في كردستان وفي السويد؟

- لقد عانيت من العزلة الثقافية ( الادبية ) وكذلك صعوبة الكتابة بسبب مرضي ، كما عانيت شتاء السويد وحرمت من الاجواء الجميلة وخاصة ربيع السليمانية ، وافتقد حرارة العلاقات الودية للاصدقاء والادباء ، اسماء كبيرة من الاصدقاء افتقدها مثل شيركو بي كه س والدكتور مصطفى عز الدين وجوهر كرمانج والعديد من الاخوة الاعزاء.

* هل تذكر اغنية كردية اعجبتك ؟

- اذكر احدى المرات كنت في حفل في كردستان ، سمعت اغنية جميلة ، ترجم كلماتها لي احد زملائي ، وكانت من الغزل الفاضح ، وعلمت بعد ذلك ان الاغاني الكردية تتحدث عن المرأة بجمالية عالية ، وارى ان العديد من اغاني الدبكة والاغاني الراقصة الكردية مطربة ومثيرة.

* هل كانت اغنية شمامة خلخالة للاخوين برايان زيزي ؟

- ربما ، لاأذكر .

* وهل جربت رقص الدبكة الكردية ؟

- قهقه الشاعر كاظم السماوي وقال : للاسف لم أرقص وأدبك حتى في أيام شبابي .

* الادب الكردي بدأ يشق طريقه نحو القارئ العربي والاجنبي ، كيف هي علاقتك بالشعر الكردي الحديث؟

- قرأت ديوان كوران وقصائد شيركو بي كه س ، وكتبت مقدمة لديوانه مضيق الفراشات ، وكنت اقرأ اشعار وقصائد الشاعرات الكرديات ، وما زلت معجبا بالصراحة الغزلية الجريئة ، ولعل الشاعرة كه زال احمد اجمل من كتبن عن الغزل.

واخيرا لابد ان نشير ان في مقابلة اجرتها احدى المحطات مع السيد رئيس الجمهورية جلال الطالباني اجاب على سؤال حول ريادة الشعراء في مناصرة كردستان ، ذكر الرئيس الطالباني ان الشاعر كاظم السماوي اول شاعر عراقي يناصر كردستان بشعره .

من قصيدة للسماوي نظمها عام 1972 بعنوان كردسستان وردة الدم ... وردة الجمر :

مجدت كردستان شهدك علقم

للفاتحين ، ونجم ليلك أسحم

خمسون عاما والطوارق لم تزل

في ساحها لاتستكين وتضرم

في كل عرق نقمة مشبوبة

وبكل صدر ثورة تتضرم

فكانما تلك الشدائد تلهم

ما لص من حق مبين يهضم

وكانما تلك الدماء ذبالة

لاتنطفي ابدا ولا تتجهم

هي فوق هاتيك الروابي راية

حمراء ، تخفق في الذرى وتهوم

من اي جرح من جروحك ألثم

وباي نار من كفاحك أقسم