رَحيل المُطربَة “أحلام وهبي”.. عندَما يُحيي المَوت ذكريات العراقيين مع “فَراشَة بغداد”

رَحيل المُطربَة “أحلام وهبي”.. عندَما يُحيي المَوت ذكريات العراقيين مع “فَراشَة بغداد”

علي الكرملي

رحلَت “أحلام وهبي” بهدوء تام، حتى أن الإعلام المحلي العراقي لم يتناول خبر رحيلها، إلا بغير ذي ندرَة، وهذا نتيجة الإهمال لها الذي كانت تشكوه مراراً وتكراراً منذ التسعينيات.رُبّما لم يكن بالأمر المفاجئ أن يتم إهمالها في حقبة التسعينيات، طالَما أنها رفضَت الغناء للرئيس العراقي الأسبق صدام_حسين، كما كان يجبر المطربين والمطربات آنذاك.

كان الإهمال نتيجة طبيعية، حسب من عاصرها، لموقفها وقتئذ، لكن المفاجئ هو استمرار إهمالها في عراق ما بعد التغيير، ولو أن حتى هذا لم يكن بالمفاجئ، كما يرى بعض محبيها. إهمالها، أمرٌ متوقّع في عراق ما بعد “صدّام” بحسبهم؛ لأن حكام البلاد الذين جاؤوا بعد 2003، لا يهمهم الفن ولا الطرَب، بل ولا حتى الشعب بأجمعه، هم جاؤوا لينهَشوا ما في العراق فقط.

بالعودة لـ مسيرَة “وهبي”، فإنها ابتدأت تلك المسيرة عام 1957، أي قبل أن يتم تغيير الحكم في العراق من الملكيّة إلى الجمهورية، واستمرت في فنها حتى اعتزالها في التسعينيات.على عكس الإعلام، تم رثاؤها بشكل ملحوظ في فضاء فيسبوك العراق، لعل أهم من رثَتها، الصحفية والكاتبة العراقية سلوى زكو، إذ لاقَى ما كتبته تفاعلاً كبيراً.

تقول “زَكُّو” في ختام تدوينتها المُرفقَة هُنا عن “فَراشَة بغداد”، وهو لقبها الذي أطلقه عليها الجمهور في سنوات ألقها: كانَت أحلام التي رحلت اليوم، حلم شباب تلك الأيام.

احلام وهبي ، هي ابنَة المطربة العراقية الأقدم في تاريخ العراق الحديث، منيرَة_الهوَزوَز، وفي المدة التي أصبحت “أحلام” تعي الفن، كانت “مُنيرة” قد تركت الفن، قبل أن ترحَل كما ابنتها بهدوء.

أعاد رحيل “الفَراشَة”، ذكريات من عاصَرنَها وعاصروها في شبابها، فنجد هُنا “وليد حسين” يقول إنه كلّما رأى “وَردَة جوريّة”، تذكّر أغنيتها: “عندي هديَّة للولف.. وردَة تذكار”.ليس هذا، بل ذكَّر صديقتها “زكُّو”، بما روته عنها إبّان القصف الأميركي لبغداد عام 1991، بعد اجتياح “صدام” لـ الكويت، وكيف حوّلت جوّ الخوف في ليلة القصف إلى سهَرة حتى الصباح.

لـ “وهبي” العديد من الأغاني التي لا تُحصى، من أهمها “الله على عيونَك”، وكذا “إنتَ لا تعتب عليَّه”، وأغنية أخرى هي “حلوين السمر والبيض أحلى”، وكانت الأولى هي الأشهر.

لَم تنتهِ حفلَة تذكُّرها، فهُنا نجد امرأة لا زالت تتذكّر تفاصيل الفستان الذي ارتدَته “أحلام” في حفلَة زفاف حضرَتهُ إبّان الـ /11/ من ربيعها، لتجيء أُخرى وتؤكد كلامها، لحضورها ذات الحفل.وغير الغناء، كانَت لها بصمة في عالم السينما أيضاً، فمثّلَت بفيلم “بصرة ساعة 11، عام 1961، وعُرض في “سينما الخيام”، وكذا اشتركت بالفيلم العربي “بأمر الحُب”، سنة 1965، وعُرضَ في بيروت.

في 1970 تنقّلت بين القاهرة وبيروت، وهناك في مصر لحّن لها كبار الملحّنين المصريين، من مثيلَة الموسيقار بيلغ_حمدي، منير_مراد، و سيّد_مكاوي، وعادت لبغداد بعد /٥/ سنوات.مما يُذكر لـ “بليغ حمدي”، أنه لحّن لها أغنية “مع النجوم”، كما قدّم لها أغنية خفيفة “شخشيخة”، حيثَ انتشرت كالبرق في مصر، ومنها لَقَّبوها بالمطربة “شخشيخة”، حينذاك.

تنتَهي الحكايَة هُنا، بِطَي فصل حياة “فراشَة بغداد”، لكن حكاية “أحلام” المولودة في البصرة عام 1938، لم تنتهِ، ففَصلُها الجديد ينفتح على بداية أُخرى بعيداً عَنّا، هُناك، حيثُ الرَبيع.