المد الأبيض تظاهرة شقيقة لسوح الاحتجاج

المد الأبيض تظاهرة شقيقة لسوح الاحتجاج

 محمد رسن
مشاهد أصحاب القمصان البيض لم تألفه العين من قبل حيث جموع الطلبة والطالبات تغص بهم اليوم سوح الاحتجاج النابضة الآن في أرجاء البلاد ، هذا الكنز الدفين الذي كان الحديث عنه يشبه الحلم في حياة مثالية وحتى لانغط في وصف هذا المشهد شعرياً إليكم بعض من مواصفاته التي رصدتها أثناء تواجدي معهم في ساحة التحرير ،

الجماهير تتظاهر بشكل منظم وبأساليب غاية في التحضر مؤطرة بالوعي والمسؤولية رافعين الأعلام العراقية والشعارات المطلبية وأصواتهم تصدح بالنشيد الوطني الجامع مشهد مدو يصرح بتضامنهم مع الأحرار في سوح التضحية لأيمانهم أن المتظاهرين يطالبون بالنيابة عنهم بإسترداد حقوقهم المسلوبة وبناء وطن مزدهر يعيشون فيه بسلام وأمان ومستقبل زاهر لايجد فيه الطالب نفسه عاطلاً عن العمل ، مايميز أصحاب القمصان البيض أنها غير مستلبة من أي جهة ولم يصنع قدرها أحد بمعزل عن وعيها وإرادتها الأمضى فهم على قدر عال من المسؤولية تجاه أمهات القضايا الوطنية من هوية وثقافة وتعايش ومواطنة وإصلاح جذري للخراب الذي ترك أثر بالغ في جسد هذه الأمة لاعنين الانتماء لغير الوطن تاركين وراء ظهورهم هوياتهم الفرعية لتختار بنفسها مصيرها تحت راية وخيمة واحدة أسمها العراق هذا ماتؤكده الشعارات المرفوعة البعيدة عن هيمنة الأحزاب الإسلاموية وقيود تسلطهم جماهير لايهمها إرضاء أي متبع ولاتسمح لأحد أن يهيمن عليها وترفض وصايا أي أحد يصادر بها دورهم العقلاني والتنويري مع تأكيدهم على عدم إقصاء الآخر المختلف بقدر ماتستدعيه لإعادة النظر بسياسته لوضعها في المسار الصحيح هذا التنوع في جمهور المنتفضين هو سر قوتهم وتميزهم وصمودهم وصبرهم حيث أدركوا أن سياسة التهميش وكذلك لعبة التلفيق والتخوين وزج الحراك في قضايا ثانوية وأمور فرعية يراد منها الهائها عن المصلحة الوطنية العليا لأنها تدرك إرهاصات الماضي وأزمات الحاضر وضرورة استشراف أفاق المستقبل من خلال الوقوف في الموقع الأكثر تقدماً وتعبيراً لمشكلاتها لتعجل في شفاء جسد حياتنا العراقية المنقوشة عليه ملاحم لاتنتهي من الهول العابس ومداد الشظايا والدم والأنين بفعل الفقدانات المتكررة بلا طائل ورغم كل هذه المصائب والمخاطر التي تحيق بهم تصر هذه القلوب الناعمة في التصدي لخشونة ضيم السراق والقتلة غير آبهة لمخاطر التصفية الجسدية لأنهم يدركون أن الموتى لايهابون الموت مايؤكد القول إن الجماهير اقوى من الطغاة فلم يبطل مفعولهم الموت ولم ينخرهم اليأس أو يخيم عليه التشاؤم والسوداوية بل مازالوا المعادل الباسل للمنتفضين والمعتصمين في سوح الاحتجاج لايرضون بغير مطارح الشموس مكانة ومجداً ووفاءً للشهداء الذين سقطوا على مذبح حرية هذا الوطن من أجل تحريره وتنفيذ المطالب العادلة في اختيار رئيس وزراء وفق المواصفات التي طرحها المنتفضون وبما يضمن محاسبة المسؤولين عن الفساد و قتل المتظاهرين والكشف عن مصير المغيبين والمعتقلين واسترداد الأموال التي نهبت منذ 16 عاماً والكف عن الأساليب الملتوية تجاه التظاهرات وإزاحة الوجوه الفاسدة وتحديد موعد للانتخابات المبكرة مع التأكيد على اختيار قضاة مستقلين قادرين على استرجاع هيبة القانون حتى نتخلص من لعنة أسمها المجاميع الخارجة عن القانون والتي بيدها السلاح والمال والوجاهة.