مثلت العراق وحدي في اكبر تجمع للمحامين العرب بالقاهرة

مثلت العراق وحدي في اكبر تجمع للمحامين العرب بالقاهرة

خالص عزمي
في أوائل شباط من عام 1956 أعلنت نقابة المحاميين العراقيين عن مشاركتها في مؤتمر المحاميين العرب المقرر عقده ف القاهرة. وقد سجلت مع عدد كبير من زملائي رغبة في الحضور وحيث إني كنت عازما على السفر إلى لبنان لأعمال خاصة

فقد استأذنت النقابة على أن التحق بالوفد في الموعد المحدد لوصوله إلى مصر الشقيقة. في نهاية شباط من ذلك العام وصلت القاهرة واستقبلني احد الزملاء من نقابة محامي مصر المكلفين باستقبال الوفود المشاركة وطلب الاتصال بمقر النقابة، وبقيت انتظر لفترة غير قصيرة، بعدها أخذنا طريقنا إلى الفندق المتخصص للوفد العراقي وهو فندق (كونتنتال) في شارع سليمان باشا، وفي الطريق قال لي الزميل: لقد دهشنا لحضورك، ذلك أن الوفد العراقي قد اعتذر هذا اليوم برقيا عن المشاركة لاصطدامه بحكومة نوري السعيد.
إلا أن نقابتنا ترى انك ستعامل كما لو أن الوفد العراقي قد شارك في هذا المؤتمر إذا وافقت على الحضور بصفة شخصية، لم يطل بي التفكير وأنا اواجه هذا الموقف الصعب، فقد وافقت على الرغم من ادراكي للمسؤولية التي قد اتحملها امام السلطة انذاك خاصة وان موقف حكومة نوري السعيد الثالثة عشرة كان في منتهى القسوة والعنف السلبي من الثورة المصرية.
في يوم السبت الموافق 3 اذا 1956 حضرت الوفود إلى قاعة الاحتفالات الكبرى في جامعة القاهرة في الجيزة، وحينما قدمني مضيفي الى نقيب المحامين الأستاذ عبد الرحمن الرافعي ، رحب بي بشكل خاص وامر ان احتل المكان المخصص للوفد العراقي الذي كانت مقاعده شاغرة بمثابة احتجاج على تصلب الحكومة العراقية من مشاركتها في هذا المؤتمر الهام الذي يعقد للمرة الأولى في ظل الثورة المصرية الفنية وقائدها المرحوم جمال عبد الناصر. عند الافتتاح ألقى الرئيس ناصر كلمة مدوية وعاصفة هاجم فيها بمنتهى العنف الاستعمار والحكومات السائرة في ركابه ودافع عن التحرر والسلام ونادي بأهمية القومية العربية كسلاح قوي في يد امتنا العظيمة. في مساء ذلك اليوم عقد الاجتماع الأول في قاعة الجمعية الجغرافية، وكان من المفروض ان يرأسه القانوني البارز نقيب المحاميين العراقيين آنذاك الأستاذ حسين جميل ولكن بسبب عدم مشاركته فقد ترأسه الاستاذ فريد قوزما نقيب محاميي لبنان.
وكان مساء يوم 4 آذار 1956 يوما رائعا في حياتي حيث ذهبت مع الوفود العربي ةالى الحفل الساهر الذي اقامه وزير الإرشاد القومي بفندق هليوبوليس، وانفردت بإحيائه المطربة الراحلة أم كلثوم. رأيتها المرة الأولى على المسرح سيدة مهيمنة على الجمهور اخذة بمشاعرهم فيها سحر وحيوية وشموخ، وبعد ان انتهى المؤتمر أخذت لنفسي اجازة سياحية ثقافية خاصة طال امدها، تعرفت خلالها على معالم مصر الحضارية ومسارحها وجمعياتها ونواديها الادبية وحدائقها الغناء التقطت لي أثناءها كثير من الصور التذكارية ومنها هذه الصورة التي تبرز فيها شارة مؤتمر المحامين معلقة على صدري والتي مازلت احتفظ بها كذكرى لأول مؤتمر احضره خارج العراق في حياتي.