قالوا .....

قالوا .....

بندر عبد الحميد يموت وحيدًا
إبراهيم العلوش
وحيدًا يموت البدوي المضياف، وهو الذي استضاف المثقفين السوريين أكثر من استضافة المؤسسات الثقافية لهم، مات بندر عبد الحميد في منزل أعاره إياه الفنان العراقي جبر علوان بعد أن كان الناس يلجؤون إلى منزله. إنه موت رمزي لمثقف سوري من جيل سبعينيات القرن الماضي، ذلك الجيل الذي عاش عند تقاطع الاشتراكية والوجودية وبدء هيمنة العسكرة الطائفية.

كتب بندر عبد الحميد (1947- 2020) الشعر في مطلع حياته مثل معظم المثقفين والمبدعين السوريين الذين بدؤوا حياتهم في المدن الكبيرة، بعد أن فروا من جحيم الأرياف السورية المتروكة للإهمال والموت البطيء، وكأنما الشعر هو ملجأ الحالمين الذين وصلوا متأخرين إلى دمشق أو حلب، ممنين أنفسهم بملذات المدن وبفرصها الممكنة لمثقف فقير كان يذهب إلى المدرسة في القرية المجاورة، ويقطع الساعات ماشيًا من أجل الوصول إليها منهكًا وجائعًا وخائفًا من انقطاعه عن الدراسة بقرار نزق من أحد أفراد عائلته المتعبين واليائسين من حالتهم المزمنة في الحرمان.
كانت مرحلة السبعينيات التي نشأ فيها بندر عبد الحميد مثقلة بعار هزيمة حزيران 1967، التي تسبب بها قادة أبرزهم حافظ الأسد. وكانت رؤى السبعينيات الفنية تكفر بكل القيم الكلاسيكية التي أدت إلى العار الذي لحق بالبلاد، فعلى صعيد الشعر، فرّ بندر عبد الحميد حتى من شعر التفعيلة، وفرّ من وصف المشاهد التاريخية المثقلة بالجلال وبالتكرار التاريخي، وكتب عن معلم المدرسة الذي يمشط شعره ويذهب إلى المدرسة مذ كان صغيرًا، وما زال يفعل ذلك بعد أن أصبح معلمًا في نفس المدرسة. وكتب عن الحب أمام محكمة أمن الدولة العليا، التي افترست الآلاف من السوريين بأحكامها.
فرّ بندر عبد الحميد من المناصب ومن الجوائز ومن النجومية التي لم ترتح إليها سجيته البدوية المتشككة بكل ما هو سائد، وبكل ما هو مستساغ من قبل الجميع، إنه من الجيل الذي غامر وبشكل نزق وحانق ضد القيم الفنية المتكلسة وضد الأيديولوجيات المتورمة في أنانيتها، فرغم أنه درس الصحافة في دولة شيوعية آنذاك هي هنغاريا، فإنه نبذ التنظير أو التبشير للشيوعية وللبطل الإيجابي ولحتمية اندحار الإمبريالية أمام العسف الستاليني المتجبر.
بندر عبد الحميد الذي جاء من أقصى الشمال السوري، ومن أفقر البقع السورية وأقلها تعليمًا، من قرية تل صفوك في الحسكة، التي أنهكها الجفاف وتناحر العشائر والقوميات والأديان، وتقاطع حدود الدول ومؤامراتها التي تتصدى لها مفارز المخابرات العسكرية، والأمن السياسي، وأمن الدولة، وما إلى ذلك ممن يغتصبون حقوق الناس في اتخاذ القرار المناسب لحياتهم بدلًا من فرض القرار المناسب لعسكر الهزيمة المتنمرين، وهم مثل ورم مفاجئ يوحي كاذبًا بالضخامة والجلال.
كان جيل بندر المتمرد تحت نيران متقاطعة من قبل الأيديولوجيا الاشتراكية المتكلسة، ومن قبل التنظير القومي المهووس بنفسه، ومن قبل العسكر الطائفي الذي كان يحيك المصير الأسود الذي يسوق البلاد إليه، بالإضافة إلى نظرة الاحتقار التي يسومه بها أبناء المدن، واعتبار أبناء الأرياف مجرد جراد يأكل بساتين الغوطة وينغص العيش في مطاعم الشام ومنتدياتها وعادات أهلها، وكأنما خلقهم الله على هذه الشاكلة مع خلقه لأبينا آدم ولأمنا حواء.
ولأن الشعر صار ميدانًا للتباهي، وصار عرضة للهزيمة من قبل فن الرواية والقصة، فقد فرّ بندر عبد الحميد إلى السينما وكتب لها طوال عقود من حياته، ومنذ تأسيس مجلة الحياة السينمائية التي كان يشغل منصب أمين التحرير فيها، وأصدر سلاسل من الكتب ومن الترجمات التي صارت مرجعًا مهمًا في مجالها عبر العالم العربي.
ورغم شهرة بندر عبد الحميد كمثقف وكرجل مضياف، فإنه مات بلا موقع على الإنترنت يستضيف لمحة عن حياته، وتكاد تخلو موسوعة “ويكيبيديا” من كلام حوله، فكل المثقفين الذين مروا ببيته لم يجدوا الوقت لكتابة عشرة أسطر عنه، وكل الكتب والمقالات التي كتبها لن تجدها في موقع على الإنترنت، لقد هاجر البدوي إلى العالم الآخر تاركًا الديار بكل ما فيها غير عابئ بذكر، ولا بشهرة، ولا بردٍّ للجميل ممن أكرمهم أو استضافهم.
غاب فجأة مثل ظاعن تاه في الصحراء، لقد محت الرياح آثار مروره، وشوش الغبار على من يحاول تتبع آثاره، لقد مات في غير بيته ولم يكن أحد إلى جواره، لم يعمل مع أجهزة المخابرات التي أمّنت حياة كثير من الكتاب والمترجمين، ولم يعبأ بتهديداتهم رغم أنه سُجن في فرع الشيخ حسن للمخابرات، ولم يكن المال يعني له شيئًا مثل كل رجل كريم منذ جده حاتم الطائي إلى آخر لحظة من كرمه حين قدّم وجبة أكلها العابر الأخير في بيته.
مات بندر عبد الحميد على خلفية عزف أوركسترا الشر بأصوات البراميل المتفجرة، وقريبًا من مشاهد أفواج المهجرين التي فاقت المشاهد السينمائية التي شاهدها أو التي كتب عنها، ومات على مقربة من سيل الأخبار المتدفقة بالموت وبالمدن المدمرة، لكن طيفه تباطأ قليلًا بعد موته الأخير ليوحّد السوريين وليجبرهم على نقطة للتلاقي عنده، ومن أجل أن يقول كلماته التي كان يرددها طوال السنوات الماضية: «لا حلّ إلّا في التغيير الشامل، وليس في إصلاحات الترقيع». فالحياة العربية «ليست متوقّفة.. بل تتقهقر إلى الخلف، وبسرعة، ما يثبت أننا منعزلون تمامًا، وبإرادتنا، عما يجري من تحوّلات في العالم».
رحم الله بندر عبد الحميد الذي مات وحيدًا.. وظل مثقفو الطوائف يقدمون استشاراتهم لفروع المخابرات من أجل أن يصبح الخراب هو البديل عن التعذيب، وعن عبادة الأسد.


بندر عبد الحميد حجز لقلمه مكاناً مميزاً بين أهم نقاد السينما العرب
سوسن صيداوي
ويحك من أيام مطوية، تذهب ومعها كُليّات لحيوات أشخاص عاشوا معنا وتركوا منها بيننا طيب الأثر، وذكراهم واجب علينا أن نبقيها مؤبدة لأجيال قادمة. غادرنا في يوم الإثنين 17 من شباط، الشاعر والناقد السينمائي والصحفي بندر عبد الحميد، تاركاً شامه ورفاقه في ذهول من هول صدمة غيابه التي احتال بها القدر ليخطف أنفاسه الأخيرة بعد أن عصر قلبه الحاضن بفيض مشاعر لكل من اقترب منه وسامره وحتى عرفه عن قرب. وفي هذا المقال سنفرد لكم قراءنا جانباً من جوانب فقيدنا الإبداعية التي برز خلالها ناقداً سينمائياً عربياً، وذا أثر فاعل في تقييم ومعرفة ما أُنتج من الأفلام السورية والعربية وحتى العالمية، في عينه المتابعة لأدق التفاصيل لما تمت صناعته في الفن السابع.

حياته السينمائية
تضج اليوم الأوساط الإعلامية بمن هو قادر على أن يكتب حتى اللانهاية من العبارات والجمل حول القصص السينمائية والأفلام والمخرجين مع أفضلية اختيار النجوم، وبذل كل ما أمكن من استخدام لأكثر التقنيات الإنتاجية حداثة، إضافة للمهرجانات والجوائز. ولكن نزق الكتابة النقدية من كل قيد أو تسلط لا يبرع به إلا قلة من رواد الفكر وثقافته، فليس سهلاً الغوص في أغوار النظريات السينمائية بسلاسة، ومن الخطأ أن يجرؤ صحفي على نشر قراءة صحفية لظاهرة سينمائية ما أو كتابة ذاتية عن فيلم، إلا بعد أن يتغذى وينهل الكثير من هذا النبع الدافق. على حين بندر عبد الحميد اكتسب خبرته هذه وتمرس بها، خلال سفره لدراسة الصحافة في هنغاريا عام 1979عندما شاهد الكثير من الأفلام المتنوعة المصادر والمستويات، بالتحاقه بأحد النوادي السينمائية مطوراً ثقافته في هذا المجال. وعندما عاد إلى دمشق انضم إلى مجلة «الحياة السينمائية» ليصبح عضواً فيها مواظباً على العمل فيها لسنوات، ومن ثم انتقل مؤسساً لسلسلة «الفن السابع» في إصداراتها التي تُعنى بنشر الكتب السينمائية النقدية، وتغطي كل نواحي الفن السينمائي وأبعاده وجمالياته وتقنياته وأبرز المخرجين والممثلين والتجارب القديمة والحديثة والسيناريوهات. حيث بلغت السلسلة نحو 160 كتاباً بين الترجمة والتأليف، أغنى المكتبة العربية بعوالم ثقافية سينمائية فريدة ورائدة.

ناقد سينمائي
عمل عبد الحميد في حقل النشر مديراً لدار المدى في دمشق طوال عشرين عاماً، وكان يشرف على اختيار الكتب العربية إضافة إلى الكتب العالمية لتترجم إلى العربية ومن ثم يتم نشرها كلها لجعل السينما والثقافة السينمائية معرفة متاحة للجميع. حتى واعتبر الكثير من أصدقاء راحلنا ومتابعيه بأن السينما والكتابة حولها كانت شغله الشاغل، بل إنها من الممكن قد سبقت الشعر، والأمر واضح في مقالاته في هذا المجال التي تؤكد جلياً سعة اطلاعه في الفن السابع مع إبراز تقاطعه مع المجالات الأخرى من أدب وشعر، حيث أصدر كتابه النقدي« مغامرة الفنّ الحديث» (2008)عن الفنّ في القرن العشرين، و«ساحرات السينما» (2019)، فارداً لنفسه مكاناً متميزاً بين أهم النقاد السينمائيين ليس في سورية وإنما في الوطن العربي، مخلصا لهذا الفن المتجدد، معتبراً أن الثقافة والفنون والسينما عموماً إبداع لا ينمو إلا في ظل الاستقرار والانفتاح على العالم كلّه من مواقف حرة ورؤية مستقبلية، ليقول متابعاً: وهذه الشروط المهمة هي التي تتحكم في الإنتاج والإبداع الفني والسينمائي، ومن المؤسف أن أغلبية البلدان العربية لا تستطيع أن تنتج السينما أو تستقبلها بروح العصر. هذا والسينما العربية متعثرة، ولكن هذا لا يدعو إلى اليأس، فالأجيال الجديدة تحمل هموماً وأحلاماً كثيرة-بل أقول- أكثر اتساعاً من الأبواب المغلقة».
وعن شغف راحلنا نتابع بأنه أغنى الفن السابع بكتاباته التي شملت التاريخ السينمائي ورواده من مخرجين وممثلين. ولعل كتابه (ساحرات السينما… فن وحب وحرية) الصادر عام 2016 عن دار المدى يعبر عن شغفه الكبير بالسينما، وقد قدم فيه 145 نجمة سينمائية من جنسيات ومراحل مختلفة، مركزاً على السيرة الذاتية لكل نجمة وأهم أدوارها السينمائية، مع مختارات من أقوالها. في أسلوبية سلسلة جمعت بين تقديم المعلومة مع سردية جميلة في التفاصيل، ومن الأسماء التي جمعها الكتاب: كلارا بو، بولا نيغري، غريتا غاربو، ماري بيكفورد، ريتا هيوارث، مارلين مونرو، جين تيرني، أغنيس مورهيد، جون أليسون، أودري هيبورن، بوليت غودار، نورما تالماج، مورين أو سوليفان، نورما شيرر، دونا ريد، لانا تورن.
تميزت كتابات الناقد والشاعر والصحفي بندر عبد الحميد بأسلوب رشيق يحيّد فيه ولعه الشخصي بالسينما ويكتب ضمن رؤيته الموضوعية لها، ويبدو الأمر جلياً في كتابه (سينمائيون بلا حدود) الذي يفتتحه بمقدمة يتطرق فيها لموضوعات تتعلق ببدايات السينما والتحديات التي واجهها هذا الفن في مراحله المبكرة ليقول: «فحينما ولدت السينما في عام 1895 من معطف التصوير الضوئي، لم تكن تعني أكثر من بدعة معرضة للزوال، أو لعبة للتسلية، ولكنها استطاعت في مدة وجيزة أن تمتص كثيراً من الجاذبية الخاصة التي تحيط بالفنون الأخرى، وأن تؤثر وتتأثر حياة الناس، بشكل متسارع يفوق ما واكب الاختراعات الأخرى التي غيرت ملامح الحياة على الأرض». كما يسلط الكتاب الضوء على مغامرة الإنتاج في الصناعة السينمائية والسبل التي تبنتها هوليوود للخروج من أزمتها في ثلاثينيات القرن الماضي، وتناول أيضاً أعلام السينما وفنانيها، مع التطرق إلى جوانب على حيوات نجوم السينما وعن الإغراء والحرب والموت في حياة السينمائيين ومصائرهم.

وداع المُحب
رثى الصحفي والمخرج نضال قوشحة المفكر بندر عبد الحميد في كلمته الوداعية قائلاً: الأستاذ بندر قامة سينمائية كبيرة جداً، حيث بدأ الكتابة في الصحافة الفنية وعلى الخصوص السينمائية في السبعينيات، وكان مرجعية لجيل وأتشرف بأنني كنت واحداً من الأشخاص الذين نهلوا من خبرته ومعرفته، ولم أتوان يوماً بأن أطرق بابه كي أزيد معرفتي حول ما يعترضني بالحصول على معلومات نقدية وسينمائية مهمة. وبرحيله نحن نخسر قامة سينمائية كبيرة جداً في سورية، فهو –بداية- أغنى المكتبة السينمائية العربية بترجمات في اللغة الإنكليزية، وهو من مؤسسي النقد السينمائي في سورية، وهنا لابد من التوقف عند مرحلتين مهمتين في التاريخ الشخصي والمهني لبندر عبد الحميد السينمائي العربي والسوري عموماً، المحطة الأولى في سنة 1978حيث كان له شرف تأسيس سلسلة «الفن السابع» والتي هي سلسلة كتب فنية سينمائية تصدر عن المؤسسة العامة للسينما ووزارة الثقافة، وما زالت حتى الآن، وأصبح عدد الكتب الصادرة حتى اليوم تقريباً 300 كتاب لعظماء السينما في العالم والوطن العربي وسورية. على حين المحطة الثانية لعبد الحميد أنه في أواخر عام 1979صدرت مجلة «الحياة السينمائية» هذه المجلة الفصلية المحكمية التي صدر العدد منها 102 قبل أيام، وحالياً سيصدر العدد 103 و104 في عدد مزدوج، وهنا لابد من الإشارة إلى أن هذه المجلة نشرت العشرات من المقالات لسينمائيين كبار ونقاد منهم على سبيل الذكر: إبراهيم العريس، أمير العمري، كمال رمزي، سمير فريد… إلخ. وبالطبع مفكرنا بندر عبد الحميد كان أمين التحرير في «الحياة السينمائية» وسلسلة «الفن السابع».

المبتسم دائما
شاكر الانباري

جسد لي الشاعر بندر عبد الحميد روح دمشق الثقافية في تلك السنوات التي عشتها هناك، والرجل تاريخ، خبير في تفاصيل الواقع الثقافي لسوريا كلها، وكان بيته الصغير واحة لقاء شبه يومي، غالبا ما نجتمع فيه مساء مع شلة تتغير بتغير الظروف، تراقبنا من الجدران المزخرفة أسماء، وتواقيع، ولوحات ماض بعيد يعود إلى عقد السبعينيات. يلتقي في ذلك البيت الرسام والشاعر والمترجم والروائي والسينمائي، وكنا أنا وصالح علماني من الوجوه المثابرة على الحضور، أما الضيوف القادمون من خارج البلاد، الضيوف العرب، فبيت بندر لا يمكن إلا أن يكون محطة للتوقف وقضاء أمسية معرفية تحمل نكهة مميزة دائما. شغلت السينما بندر كثيرا وتأتي بعد الشعر في همومه، حتى صار أرشيفا متنقلا للأفلام الغربية والشرقية، خبيرا بنمط الإخراج والتمثيل وأبرز الوجوه النسائية التي احتلت الشاشة ذات يوم. معظم الأيام أعرج على دائرة السينما التي شغل فيها موقع مدير تحرير لمجلة الحياة السينمائية وأجلس هناك حتى يحين موعد الخروج، فنعود سوية إلى بيته، محملين بعدة الجلسة من طعام وشراب، منتظرين من يتوافد إلى الباب المفتوح دائما من أصدقاء مقهى الروضة، لنشترك جميعا في إعداد المائدة. بروحه السمحة، وكرمه الريفي، يدخل بندر عبدالحميد القلوب دون استئذان، وأكثر ما كان يشد انتباهي فيه تلك السمة الطفولية التي تأخذ تعقيدات الحياة ببساطة، وفيها دون شك شيء من العبثية المحببة، ولأكثر من عشر سنوات لم أر بندر غاضبا يوما، لقد كان سمحا حتى في غيظه. ومثلما لم تعد سوريا كما عرفناها ذات يوم، بعد أن تكالبت عليها الرزايا وغيبت ألقها عن محبيها، كذلك لن نجد فيها مرة أخرى شاعرنا الدمث، المبتسم دائما، بندر عبد الحميد، سليل الصحاري، والآمال المحبطة، والتمرد المجهض، والأحلام الغائبة مثل مذنب تائه في السماء.