في ذكرى رحيله في 14 شباط 1935..الملك علي واسرته في بغداد

في ذكرى رحيله في 14 شباط 1935..الملك علي واسرته في بغداد

نهلة نعيم عبد العالي
أضطر الملك حسين الى ترحيل أهل بيته الى جده أمام أصرار آل سعود على أستئصال النفوذ الهاشمي من الحجاز ،. من جانب آخر طالب أهالي الحجاز الملك حسين بالتنازل عن الحكم لصالح ولي عهده ونجله الأمير علي ، ألا أن أستمرار الخطر السعودي أضطر الأمير علي الى ترحيل عائلته الى العقبة ومنها الى عمان ،

وأستقرت الملكة نفيسة مع أولادها في عمان بعد مغادرتها الحجاز عام 1924 ولم تحمل معها سوى الصور والوثائق التي تؤرخ حياتهم وتراثهم ، وقد أستقبلهم أمير شرق الأردن عبدالله بن الحسين الذي خصص قصر الحسين مقرا ً لسكناهم وبقيت العائلة تحت رعايته مدة سنة ونصف.
وبعد مغادرة الملك علي مدينة جده في الثامن من كانون الأول عام 1925 بعد تنازله عن الحكم ، توجه الى بغداد التي وصل إليها في الثامن من كانون الثاني عام 1926.
بعد مضي ثلاثة أشهر على إستقراره في بغداد ، أرسل الملك فيصل الأول الى عائلته للتوجه الى بغداد كي يكونوا بالقرب من والدهم الملك علي وقد غادرت الملكة نفيسة مع أولادها عمان متوجهة الى بغداد وعندما دخلوا مدينة الرمادي كان في أستقبالهم الملك فيصل الأول ، وقد هيأ للنساء العباءات العراقية. وذلك لأرتدائهن الشراشف التركية لأختلاف الزي النسائي العراقي عن زي النساء في الأردن وسوريا وبعد أن تناول الغداء غادروا ظهرا ً الى بغداد وقاموا بعزل الأمير عبدالإله عن شقيقاته في سيارة خاصة ، وعادوا بالعائلة الى دار الملك علي للأجتماع مع والدهم بعد فراق دام سنتين ، وكان في أستقبالهم صفوة العوا وعائلته وكانت زوجة العوا على علاقة بالملكة نفيسة منذ أن كانوا في الشام .
سكنت الملكة نفيسة وبناتها في بيت يعود لأحد اليهود في الباب الشرقي وظلوا فيه نحو سنتين ونصف ، أنتقلوا بعدها الى قصر آغا جعفر وهو من وجهاء البصره في كرادة مريم ، يقع على نهر دجلة وأطلق عليه العامة قصر الملك علي وهو عبارة عن بيتين متلاصقين أحدهما للنساء سكنت فيه الملكة نفيسة وبناتها والآخر للرجال شغله الملك علي وأثثه بنفسه ، وبعد وفاته في 14 شباط عام 1935 أنتقلت العائلة الى دور السكك . و كان الوضع في العراق بالنسبة للملكة نفيسه صعبا ً في بداية الأمر فقد شعرت أنها أقل أهمية بالنسبة لعائلة الملك فيصل الأول الأخ الأصغر لزوجها الملك علي لاسيما وأن معيشتهم كانت على حساب الملك فيصل الذي يقوم بأعالة كل أفراد العائلة المالكة. ولكن بعد زواج أبنتها عاليه من الملك غازي شعرت الملكة نفيسة بأرتياح كبير ، لاسيما بعد أن أنجبت الملكة عاليه ولدها فيصل الثاني. وقد أهدى الملك غازي قطعة أرض قريبة من قصر الزهور لبناء قصرهم الذي سمي قصرالرحاب نسبة الى قصرلأجداد العائلة المالكة بني في قرية تحمل الأسم نفسه في الطائف ، وبعد تولي الأمير عبدالإله وصاية العرش عام 1939 أزدادت سعادة الملكة نفيسة فأصبحت هي وأبنتها الملكة عالية المرأتين البارزتين في العراق ، وقد أسهمت في الكثير من الأعمال الخيرية ، وهذا ما سنفصله لاحقا ً .
قتلت الملكة نفيسة بعد قيام الثورة على النظام الملكي في الرابع عشر من تموز عام 1958 برصاص الضباط الذين هاجموا القصر الملكي ، وكان عمرها يناهز الواحد والسبعين عاما ، وعندما هاجم الضباط القصركانت الملكة نفيسة جالسة في غرفتها تقرأ القرآن والى جانبها الأمير عبدالإله والأميرة عبديه يحاولان أقناعها بالنزول الى الطابق الأرضي لكنها رفضت ، وعندما حدث أنفجار في الطابق الأعلى وأمتلأ القصر بالغبار والدخان أجبرت على النزول يحتضنها ولدها الأمير عبدالإله ، وخلفه شقيقته الأميرة عبديه وزوجته الأميرة هيام ومديرة شؤون القصر( مس فيغمان Miss.Fegman) والخادمة رازقية ، وكان الأمير عبدالإله حريصا ً على تهدئة والدته وأهله والتخفيف من روعهم ، قائلا ً لهم " أعتقد بأنهم سوف يأخذونني لوحدي ، أما أنتم فلا خوف عليكم. ثم وجه كلامه الى الملك فيصل الثاني أما أنت فتنازل عن العرش وغادر البلاد ".في ذلك الوقت تمكن مرافق الأمير عبدالآله ثامر خالد الحمداني من الدخول الى القصر وطلب من الأمير عبد الأله شن هجوم ، لكن الأخير رفض ذلك ، ثم طلب منه الهرب مع عائلته بسيارته لكن الأمير عبدالآله رفض ذلك أيضا ً ، وفي هذه الأثناء عندما كانت الأسرة المالكة مجتمعة في الغرفة الخلفية تصغي الى صوت المذياع الذي أعلن مقتل جميع أفراد العائلة المالكة، تقدم ثلاثة من الضباط وأقتحموا الغرفة وطلبوا منهم الخروج ، فخرجوا في الساعة السابعة والدقيقة العشرين تماما ً يتقدمهم الملك فيصل الثاني ، وكانت خلفه جدته الملكة نفيسة وقد وضعت مصحفها الكبير على صدرها .
سارالجميع عبر ممرات الأشجار الى باحة القصر والملكة نفيسة تقرأ القرآن والأميرة عبديه تبكي ، وتوقفوا عند النافورة القائمة ، ووضعت الملكة نفيسة القرآن على رأسها وراحت تتطلع الى السماء مرددة ً " يارب يارب " وأصبحوا بمواجهة القوة المهاجمة وسمع الجميع صوت أطلاق النار بأتجاه الأسرة المالكة ، فتساقطوا جميعا ً الواحد على الآخر وقد أصابت الملكة نفيسة رصاصات وأنفجر صوتها بقولها " خاين لر.... خاين لر " ، التي تعني ياخونه بالتركية التي ظلت ترددها حتى وفاتها ، وبعد أن حسم الأمر لصالح الثورة نقلت الجثث الى خارج القصر في سيارة شحن عسكرية ودفنت في المقبرة الملكية بأستثناء جثة الأمير عبدالإله التي جرها الغاضبون في الشوارع.
عن: رسالة (سيدات العائلة المالكة ودورهن الاجتماعي والسياسي في تاريخ العراق المعاصر)