تقرير دولي يفنّد رواية الحكومة والفصائل: ليس الطرف الثالث.. مسلحو السلطة أحرقوا الخيم!

تقرير دولي يفنّد رواية الحكومة والفصائل: ليس الطرف الثالث.. مسلحو السلطة أحرقوا الخيم!

 متابعة الاحتجاج
نشرت منظمة هيومن رايتس ووتش تقريراً مفصلاً عن أحداث الخامس والعشرين من كانون الثاني الحالي، وما تلاها حين اقتحمت “القوات الأمنية” بشكل متزامن عدداً من ساحات الاعتصام السلمي ونفذت عدة “انتهاكات” بحق الشبان وفقاً للتقرير.

المنظمة أدانت في تقريرها القوات الأمنية مفنّدة رواية السلطات والفصائل، التي اتهمت “الطرف الثالث” بتنفيذ الهجمات على المتظاهرين.
ووصفت المنظمة في تقريرها أزياء القوات التي هاجمت، وعجلاتها، وسلوكياتها، كما وثقت استخدام الرصاص الحي واعتماد أسلوب حرق الخيام كإحدى طرق فض الاعتصامات.
وقالت “هيومن رايتس ووتش” إن السلطات العراقية صعّدت بين 25 و27 كانون الثاني 2020 استخدامها العنف لإخماد الاحتجاجات التي تعم بغداد وجنوبي البلاد. أضرمت قوات الأمن النار في خيام المتظاهرين، وأطلقت الذخيرة الحية، واعتقلت متظاهرين في بغداد، والبصرة، والناصرية. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من تحديد حجم الإصابات أو أعداد المحتجزين.
حيث قالت بلقيس والي، باحثة أولى في الأزمات والنزاعات في هيومن رايتس ووتش: “يبدو أن حرق خيام المتظاهرين في ساحات المدن إجراء تقوم به السلطات العراقية لإجلاء المتظاهرين السلميين عن الأماكن العامة. ينبغي لسلطات بغداد تلبية مطالب المحتجين عبر معالجة الفساد المتفشي وتحسين حصولهم على الخدمات الأساسية والوظائف بدل استخدامها غير المبرر للقوة”.
وبدأت حملة السلطات لإخلاء الساحات في 25 كانون الثاني، بعد يوم من مغادرة أنصار رجل الدين البارز مقتدى الصدر الاحتجاجات في الساحات. شنّت السلطات ما بدا أنه حملة منسقة لإنهاء سيطرة المحتجين على الميادين المركزية في بغداد، والبصرة، والناصرية. ووصف شهود كيف وصل مسلحون ببزّات عسكرية وسيارات تستخدمها عادة قوات الأمن إلى الساحات، وهاجموا المتظاهرين، وضربوهم، واعتقلوهم، وحرقوا خيامهم. قال سبعة محتجين في المدن الثلاث إنهم عادوا لاحقاً إلى الميادين ونصبوا خياماً جديدة.
وفي الساعة 3 فجر 25 كانون الثاني، وصلت إلى ساحة البحرية في البصرة عربات عسكرية وأمنية تابعة لـ “قوات الصدمة” (وحدة شرطة محلية). قال ثلاثة متظاهرين كانوا هناك إن الرجال المسلحين، بعضهم ببنادق صيد وآخرون ملثمون، ضربوا المحتجين واحتجزوهم في بعض الحالات بلا مبرر، ثم أحرقوا ودمروا 130 خيمة على الأقل. قال الرجال الثلاثة إنهم لم يسمعوا المهاجمين يصدرون أي تحذيرات، لكنهم سمعوهم يصفون المتظاهرين بـ”عصابات الجوكر” و”عملاء أمريكا”. أضاف المحتجون الثلاثة أن الرجال الملثمين استخدموا أربع جرافات صغيرة لإزالة بقايا بعض الخيام. أظهر فيديو نُشر على “فيسبوك” في 26كانون الثاني بقايا خيام في ساحة البحرية.
ظهيرة 25 كانون الثاني، داهمت الشرطة الاتحادية الرسمية وعناصر أمن أخرى بزي مموه (أسود وبيج وأزرق) ساحة الخلاني في بغداد. أضرموا النار في سبع خيام، وأطلقوا الرصاص الحي على المتظاهرين، بحسب متظاهر كان هناك. قال متظاهر كان نائماً وقتها إنه لم يسمع المهاجمين يطلقون أي تحذير. يُظهر مقطع فيديو على فيسبوك في 25 كانون الثاني محاولة محتجين في ساحة الخلاني إطفاء الحرائق. قال مسعف كان حاضراً إن الفريق الطبي نقل 13 ضحية بأعيرة نارية إلى المستشفى.
وقال متظاهر آخر إنه في حوالي الساعة 8 صباح يوم 26 كانون الثاني، عادت قوات الأمن إلى ساحة الخلاني ثم داهمت ساحة التحرير القريب منه، بعضها ضمن مركبات قوات “السوات”، وبدأت في إزالة الكتل الخرسانية والموانع الأخرى التي استخدمها المحتجون لقطع الطرقات. قال إنه رأى قوات الأمن في ساحة الخلاني تطلق النار من بنادق “كلاشنكوف” وبنادق صيد، وتطلق قنابل الغاز المسيل للدموع على الحشود بلا إنذار أو استفزاز. أضاف: “رأيتهم يطلقون النار على أرجل متظاهرين اثنين، ويسحلون بعض المحتجين ويضعون أربعة في سياراتهم. رأيتهم يشعلون سبع خيام في ساحة التحرير”. قال إن القوات انسحبت في الساعة 10:30 صباحا حالما أتمت سيطرتها على ساحة الخلاني، لكنها عادت في الساعة 12:30 ظهرا – بعد عودة المحتجين – لتستخدم الغاز المسيل للدموع والنيران الحية ثانيةً لتفريق الحشد.
في الساعة 1 فجر يوم 27 كانون الثاني، أطلق مسلحون النار على الحشود وأشعلوا الخيام في ساحة الحبوبي في الناصرية، بحسب متظاهرَين اثنين. قال أحدهما إنه بقي في خيمته أول 10 دقائق من إطلاق النار، ثم خرج ليرى النيران تلتهم الخيام حوله. قال إنه رأى إطلاق نار على أربعة أشخاص ووجد متظاهراً مقتولاً بطلق ناري في إحدى الخيام التي لم تحترق.
وقال محتج آخر إنه رأى قوات الأمن تطلق النار على خيام تحوي أسطوانات غاز داخلها للتدفئة لتشتعل فيها النيران. تُظهر مقاطع فيديو نُشرت على موقع إخباري ما يبدو أنه خيام محترقة في ساحة الحبوبي في 27 يناير/كانون الثاني ومركبات قوات الأمن أثناء مغادرتها المكان. وتُظهر المقاطع سيارتَي “بيك أب” فيهما أشخاص بزي رسمي، بينما يمكن سماع دوي إطلاق نار في المنطقة.
قالت هيومن رايتس ووتش إن على السلطات العراقية التحقيق في كل وفاة حصلت على أيدي قوات الأمن، بمساعدة خبراء دوليين إذا لزم الأمر. ينبغي للتحقيقات أن تكون سريعة ونزيهة ومستقلة، وأن تؤدي إلى محاكمة أي شخص يثبت ضلوعه في استخدام القوة، حتى القادة.
تنص المعايير الدولية على أنه لا يجوز لعناصر إنفاذ القانون استخدام الأسلحة النارية عمداً إلا عند الضرورة القصوى بهدف حماية الأرواح.
بالنظر إلى أن القوات الحكومية قتلت المئات منذ اندلاع الاحتجاجات في تشرين الأول 2019، ويبدو أن العديد من عمليات القتل هذه غير قانونية، على دول مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وإيران، التي تقدم تدريبات إلى قوات الجيش والشرطة وتدعمها، أن توقف هذه المساعدات إلى أن تتخذ السلطات إجراءات فعالة لوقف أعمال القتل غير القانونية بحق المتظاهرين وتحاسب المعتدين. يجب أن يعقد “مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة” في جنيف جلسة خاصة بشأن قتل المتظاهرين في العراق.
قالت والي: “يحق للمتظاهرين احتلال الأماكن العامة سلمياً وتقديم مطالبهم إلى الحكومة. تُظهر الأيام القليلة الماضية العواقب الوخيمة التي يمكن أن تحدث عندما تكون الحكومة غير مستعدة لاحترام هذا الحق”.